سرد كتاب "الطموح الأحمر" لكاتبه يوسف البنخليل تسلسلاً للمواقف الأمريكية من الأحداث المتسارعة عشية ما عرف بأزمة 2011 في البحرين. وقال إن طائرة رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ليون بانيتا حطت بشكل مفاجئ على أراضي البحرين بالتزامن مع انتشار دعوات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي تحرض الشباب على التحرك، دون أن تكون أسباب زيارته معروفة، مشيراً إلى أن أياماً قليلة فصلت بين مغادرة بانيتا واندلاع أعمال عنف لم تشهدها المملكة من قبل. ويتناول الكتاب، الذي تنشره "الوطن" متسلسلاً، طبيعة التدخل الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الشؤون الداخلية للبحرين، والدور الذي لعبته واشنطن في أحداث 2011. ولفت الكتاب تحت عنوان "زيارة غامضة وراء التاريخ" إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أوفدت مساعدها جيفري فيلتمان إلى المنامة للشروع في إدارة العلاقات مع الجماعات الراديكالية التي قادت الحراك. فكان فيلتمان أكثر المسؤولين الأمريكيين زيارة للبحرين، التقى خلال زياراته بعدد من الشخصيات الراديكالية المتورطة في أحداث فبراير 2011، وحرص على توجيهها ميدانياً. وقال الكتاب إن فيلتمان أكد لكوادر من جمعية العمل الوكني الديمقراطي (وعد) أن البيت الأبيض يمارس ضغوطاً شديدة على حكومة البحرين من أجل تنفيذ إصلاحات سياسية واسعة، مؤكداً رفض بلاده لـ"الاعتداء" على المعتصمين بدوار مجلس التعاون، ومهدداً بإمكانية فرض عقوبات وإجراءات أمريكية ضد البحرين. وكان الكتاب أشار إلى أن أول بيان أمريكي فور اندلاع الأحداث حمل لغة حيادية. "وبدا للرأي العام البحريني أن الولايات المتحدة لم تحدد موقفها بعد من الأزمة الجارية، وكان متوقعاً لدى دوائر صنع القرار المحلية أنها ستكون مواقف داعمة لإجراءات حكومة البحرين وتمسكها بقرار التحول الديمقراطي الذي بدأته مطلع الألفية الجديدة. لكن ما حدث لاحقاً كان مفاجئاً للغاية، فالمسألة لم تتعلق بالحياد، وإنما تبيّن أن هناك تدخلاً أمريكياً مباشراً في الأحداث المحلية تدعمها أجندات إقليمية ودولية". وفي ما يلي تفاصيل العنوان الاول في القسم الثاني من الكتاب: ما إن انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي بعض الدعوات المجهولة تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البحرين حتى حطت طائرة رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ليون بانيتا على أراضي مملكة البحرين، دون أن تكون أسباب زيارته معروفة لقدومه في ذلك التوقيت الحساس بالذات، والذي تزامن مع بداية الثورات الشعبية في تونس ثم مصر. بعد أيام قليلة من مغادرة رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية مملكة البحرين في زيارة لم تكن طويلة، اندلعت احتجاجات ومظاهرات وأعمال عنف في عدد كبير من مناطق البلاد لترسم بداية ما يسمى أحداث 2011. بانيتا غادر البحرين في 31 يناير 2011، وبعدها بأسبوعين كانت البلاد على موعد مع العنف والصراع الذي لم تعرفه من قبل وراحت ضحيته مجموعة من الشباب، وتمت خلاله السيطرة على موقعين حيويين، هما: دوار مجلس التعاون الخليجي، ومجمع السلمانية الطبي، لتزيد من تعقيد الأوضاع. في منتصف ليلة 16 فبراير 2011، استلم مكتب وزيرة الخارجية الأمريكية تقريراً مهماً حول تحرك ما بين 40 ـ 50 مركبة عسكرية في العاصمة، وتناول التقرير معلومات تلقاها السفير البريطاني لدى المنامة من قبل وزارة الداخلية البحرينية، تؤكد أن الحكومة "ستعمل طبقاً للقوانين الوطنية لمواجهة التجمعات الخارجة على القانون". وأكد التقرير عزم حكومة البحرين على استخدام العنف بعد أن تجاوز المتظاهرون "الخط الأحمر". وبيّن التقرير أن السفارة الأمريكية أوقفت عملها باستثناء فريق موجود للطوارئ، وأنها تعتزم مخاطبة الأمريكان المقيمين في البحرين، رغم صعوبة الاتصالات ومحدودية عمل الإنترنت والبريد الإلكتروني. لم تطلع الوزيرة هيلاري كلينتون على هذا التقرير إلا بعد الساعة 7:11 من صباح اليوم التالي. أصدر مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون العامة فيليب جاي كراولي من العاصمة واشنطن بياناً انتشر إعلامياً بسرعة، وكان أول موقف رسمي معلن للولايات المتحدة تجاه الأحداث التي شهدتها البلاد آنذاك، حيث جاء فيه: "تشعر الولايات المتحدة بقلق شديد تجاه أعمال العنف الأخيرة التي أحاطت بالاحتجاجات في البحرين. لقد تلقينا تأكيدات بأن اثنين من المتظاهرين قُتلا مؤخراً في البحرين، ونحن نتقدم بتعازينا لعائلات وأصدقاء الرجلين اللذين لقيا مصرعهما. وترحب الولايات المتحدة بالبيان الصادر عن حكومة البحرين بأنها ستحقق في أسباب الوفاة، وستتخذ إجراءات قانونية ضد أي استخدام غير مبرر للقوة من جانب قوات الأمن البحرينية. ونحن نحث الحكومة على أن تتابع تنفيذ مضمون هذه البيانات في أسرع وقت ممكن. كما ندعو جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس والامتناع عن ممارسة العنف". كانت واضحة لغة الحياد في الخطاب الأمريكي فور اندلاع الأحداث. وبدا للرأي العام البحريني أن الولايات المتحدة لم تحدد موقفها بعد من الأزمة الجارية، وكان متوقعاً لدى دوائر صنع القرار المحلية أنها ستكون مواقف داعمة لإجراءات حكومة البحرين وتمسكها بقرار التحول الديمقراطي الذي بدأته مطلع الألفية الجديدة. لكن ما حدث لاحقاً كان مفاجئاً للغاية، فالمسألة لم تتعلق بالحياد، وإنما تبيّن أن هناك تدخلاً أمريكياً مباشراً في الأحداث المحلية تدعمها أجندات إقليمية ودولية. ففي 17 فبراير 2011، طلبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون من مساعدتها هُما عابدين تقييم نص قدمه أحد المسؤولين في فريقها ـ بناءً على طلبها ـ لإعداد ثلاث رسائل خاصة حول الوضع في البحرين، بعد أن امتنعت الوزيرة عن الرد على أي استفسارات تتعلق بالأوضاع في المنامة. بعد هذا الموقف كانت الأجواء في العاصمة الأمريكية أكثر سخونة، حيث التقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مجموعة من الصحافيين في اليوم نفسه، وحاول أحدهم استفزازها، حيث سألها قائلاً: ـ السيدة الوزيرة هل لك أن تعلقي تحديداً على التطورات الأخيرة في البحرين، قمع المتظاهرين؟ ثم بعد ذلك، أود أن أسأل لو سمحت، لطفاً، أن تعلقي على تصريح لك عندما كنت هناك قبل 10 أسابيع؟ قلت، وأنا أنقل عنك، "أنا معجبة بالالتزام الذي تبديه الحكومة بالسبيل الديمقراطي الذي تسلكه البحرين". ردت الوزيرة كلينتون: "وأنا يسرني جداً أن أجيب لأن الولايات المتحدة كما قلنا مراراً في السابق، تعارض بشدة استخدام العنف وتؤيد بقوة الإصلاح الذي يسير قدماً نحو بناء المؤسسات الديمقراطية والانفتاح الاقتصادي. لقد اتصلت هاتفياً بنظيري في البحرين هذا الصباح ونقلت له مباشرة قلقنا الشديد تجاه تصرفات قوات الأمن. وأكدت مدى الأهمية في ضوء ما سيكون من جنازات وصلوات غداً ألا يتم تعكيرها بالعنف. وشددت على الحاجة إلى إشراك كل قطاعات المجتمع جدياً في حوار استشاري بنّاء للاستجابة على الطريق إلى الأمام طبقاً لطموحات الشعب. لقد تم اتخاذ خطوات إصلاحية نريد أن نراها تستمر، ونريد أن نراها تتعزز. ونحن نؤمن بأن لكل الناس حقوقاً عامة شاملة بما فيها الحق في التجمع السلمي. والبحرين صديقة وحليفة وظلت كذلك سنين عديدة. وبما أن على كل الحكومات أن توفر للمواطنين الأمن والاستقرار، فإننا ندعو إلى ضبط النفس. وندعو إلى الانضباط من قبل الحكومة والوفاء بالتزامها بمحاسبة أولئك الذين يستخدمون القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، ونحث على العودة إلى العملية التي من شأنها أن تؤدي إلى تغييرات حقيقية ذات مغزى للشعب هناك". بعد إعلان المواقف الأمريكية الرسمية حول الأزمة البحرينية، أوفدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مساعدها جيفري فيلتمان إلى المنامة للشروع في إدارة العلاقات مع الجماعات الراديكالية التي قادت ذلك الحراك. فكان فيلتمان أكثر المسؤولين الأمريكيين زيارة للبحرين، التقى خلال زياراته بعدد من الشخصيات الراديكالية المتورطة في أحداث فبراير 2011، وحرص على توجيهها ميدانياً. في الأيام القليلة من بداية الأحداث التقى فيلتمان مجموعة من كوادر جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، وتمت مناقشة الإطار العام للفترة المقبلة. وأكد المسؤول الأمريكي أن البيت الأبيض يمارس ضغوطاً شديدة على حكومة البحرين من أجل تنفيذ إصلاحات سياسية واسعة، مؤكداً رفض بلاده لـ"الاعتداء" على المعتصمين بدوار مجلس التعاون، ومهدداً بإمكانية فرض عقوبات وإجراءات أمريكية ضد البحرين. كما دار النقاش حول رؤية جمعية "وعد" لمستقبل البحرين السياسي التي تتطلع لدستور جديد وحكومة تمثل الإرادة الشعبية. لكن فيلتمان أوضح في الاجتماع أن الولايات المتحدة لا تؤيد بقاء رئيس مجلس الوزراء في منصبه. وتقوم رؤيتها على ضرورة دعم مبادرة سمو ولي العهد. وكانت الرؤية الأمريكية تقوم على إزاحة رئيس الوزراء من منصبه خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 4 شهور فقط كحد أقصى. بيّن فيلتمان لكوادر جمعية "وعد" أن الإدارة الأمريكية تتابع باهتمام كبير الدور الذي تقوم به اللجنة التي تم تشكيلها برئاسة نائب رئيس الوزراء جواد سالم العريض في 15 فبراير 2011 من أجل الوقوف على ملابسات وفاة عدد من المواطنين والتحقيق فيها. وكشف أن واشنطن ستدين حكومة البحرين إذا كانت نتائج اللجنة "مضحكة"!