الدعوة التي وجهها الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني إلى «حكماء وعقلاء الأسرة وأعيان الشعب القطري» لعقد اجتماع «أخوي ووطني من أجل إعادة الأمور إلى نصابها» دعوة مخلصة وصادقة وصريحة، هدفها واضح، وتوقيتها مناسب حيث جاءت متزامنة مع وجود أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهذا التزامن يخدم التوجه الخير للشيخ عبدالله بن علي حيث يمكن قراءته على أنه رسالة إلى طرفين في آن واحد، الشعب القطري الذي صار يعاني من تصرفات السلطة القطرية ويبحث عن مخرج، والعالم الذي صار ملزماً بمعرفة أن ما تقوم به تلك السلطة يواجه معارضة قوية تستوجب الإسراع في لقاء يضم حكماء وعقلاء الأسرة الحاكمة وأعيان الشعب القطري.

البيان الذي وجهه الشيخ عبدالله بن علي ونشره في حسابه على «تويتر» عبّر من خلاله عن ألمه الشديد لما آلت إليه الأوضاع في بلاده وقال إنها تمضي إلى الأسوأ، وعن ألمه لما تمارسه السلطة في قطر من «تحريض مباشر على استقرار الخليج العربي، والتدخل في شؤون الآخرين»... «يدفع بنا إلى مصير لا نريد الوصول إليه، كما هو حال دول دخلت في نفق المغامرة وانتهت إلى الفوضى والخراب والشتات وضياع المقدرات».

أن يحمل الشيخ عبدالله بن علي هذا العبء على ظهره ويقرر المواجهة أمر يؤكد أن الأوضاع في قطر وصلت حداً لا يطاق وأن الكثيرين من أبناء الشعب القطري بدؤوا يضجون من تلك الأوضاع وأن أفراداً كثيرين من العائلة الحاكمة صاروا يرون ما يراه الشيخ عبدالله، فلولا توفر هذه العوامل وهذه الأرضية التي يمكن وصفها بـ«الأرضية الثورية» لما أقدم على هذه الخطوة ولما أصدر هذا البيان المهم والذي أتبعه بتصريحات على الهواء مباشرة لبعض الفضائيات التي أكد لها حصول التجاوب الذي كان يأمله بل أعلن عن اسم أحد شيوخ آل ثاني الذي قبل بالبوح باسمه وتأكيد وقوفه معه وهو الشيخ مبارك بن خليفة بن سعود آل ثاني، ولهذا معانٍ كثيرة لا تحتاج إلى شرح.

دعوة الشيخ عبدالله بعيدة عن التآمر ولا تدعو إلى الإطاحة بالحكم، فالبيان أكد أن الحاجة باتت ملحة لعقد «اجتماع أخوي وعائلي ووطني، نتباحث فيه حول كل ما يخص الأزمة، وما نستطيع عمله لنعيد الأمور إلى نصابها ولتقوية اللحمة الخليجية». ولأن الدعوة صريحة وشفافة لذا وجدت التجاوب السريع والذي سيزداد خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يبشر بقرب إغلاق هذا الملف وعودة الأمور إلى نصابها.. وهو ما يصب في تقوية اللحمة الخليجية التي تأثرت كثيراً بسبب إصرار السلطة في قطر على السير في «الاتجاه المعاكس».

زيادة في الشفافية والصراحة وتأكيداً لتوجهه الصادق والمخلص اهتم الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني بالتأكيد على أنه لا يفعل ما يفعل «ادعاء أو استعراضاً» وقال «تفاءلت حين رأيت ما تيسر لي من خدمة أهلي وتسهيل أمورهم، ووجدت الأبواب مشرعة»، وأوضح أنه «في المرتين اللتين شرفت فيهما بلقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجدت حرصه الشديد على سلامة قطر وأهلها»، وكل هذا ينفي ما بدأت السلطة في قطر الترويج له وملخصه أن هناك من يعمل على «إحداث الفتنة القبيلية» ووجهت الإعلام إلى التركيز عليه.

وفيما بدا وكأنه رد على هذا الأمر المتوقع قال الشيخ عبدالله بن علي في بيانه «واجبنا ومسؤوليتنا عدم الصمت والسكون في هذه الأزمة»، وزاد بأن دعا «حكماء وعقلاء الأسرة وأعيان الشعب القطري» إلى التواصل معه عبر البريد الإلكتروني وأعلن أن «مكان وموعد الاجتماع سيحدد لاحقاً».