أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، "أنه لم يعد مقبولاً اليوم، أن يكون بيننا دول مارقة، تقوم باحتلال الأراضي، وتتعدى على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، وتدعم التطرف والإرهاب، وتنشر الكراهية والفوضى".

وأضاف الوزير، في كلمة ألقاها مساء السبت، أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن "خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمن قراءة صحيحة تكشف وبكل وضوح، عن الطبيعة الخطرة للنظام في إيران كونه مارقاً ومقوضاً للسلام في المنطقة، مما يفرض على العالم أن يقوم بدوره في مواجهته، لمنعه من الاستمرار في سياساته، ووقف دعمه وتمويله للإرهاب وإلزامه باحترام سيادة جيرانه".

وأكد وزير الخارجية، أن "قطر كانت داعمة للأحداث الإرهابية الممنهجة التي مررنا بها وعانينا منها في مملكة البحرين، وكلفتنا الكثير من أرواح الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، وذلك في محاولة منها لتقويض الأمن الوطني والسلم المجتمعي وقلب نظام الحكم بمساعدة أطراف مرتبطة بها".



وقال وزير الخارجية "إن كانت قطر جادة -فعلاً لا قولاً- في الحوار والعودة إلى مكانة كانت لها بيننا، فعليها أن تلبي وتلتزم بكل شفافية ووضوح بمطالبنا العادلة المبنية على المبادئ الواردة في البيان الصادر عن اجتماع دولنا الأربع في القاهرة في 5 يوليو 2017".

وشدد الوزير، على أن "كل ما اتخذناه من خطوات تجاه قطر لم -ولن- يمس شعوبنا ولا الشعب القطري الشقيق، الذي نكن له كل التقدير والاعتزاز، وتربطنا معه أواصر الدين والقربى وعلاقات النسب والتاريخ المشترك، وسنظل سنداً داعماً لأمنه واستقراره، حيث اتخذت دولنا العديد من الإجراءات لمراعاة الحالات الإنسانية، ومن بينها العلاقات الأسرية والأوضاع الصحية".

ولفت الوزير، إلى أن "التسهيلات التي قدمتها المملكة العربية السعودية لأبناء الشعب القطري، ومنها أداء مناسك الحج والعمرة، إلا خير برهان على هذه الروابط الراسخة، بما يفند كل الادعاءات التي تزعم بوجود حصار أو انتهاك لحقوق الإنسان".

وأوضح الوزير، أن "الأنظمة التي دأبت على نشر الفوضى والشر، وتمثل معاول هدم وتخريب، ستكون هي الخاسر الأكبر، جراء ابتعادها عن قيم التعاون الجماعي المتعارف عليها بين الدول، وستكون شعوبها هي الضحية، كما هو الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي يعاني شعبها من الظلم والبؤس والفقر والقمع والمشانق المعلقة في الشوارع".

وفيما يلي نص كلمة مملكة البحرين:

السيد ميروسلاف لاجاك رئيس الجمعية العامة،،

يطيب لي في البداية، أن أتقدم بالتهنئة الخالصة لكم ولبلدكم الصديق جمهورية سلوفاكيا، لانتخابكم رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية، مؤكدا لكم تعاوننا الكامل معكم في أداء المسؤوليات المنوطة بكم، وثقتنا في نجاحكم بإدارة هذه الدورة ، بفضل حكمتكم ورؤيتكم الثاقبة.

وأود أن أنوه بحسن اختياركم لموضوع هذه الدورة، وهو "محورية الإنسان : السعي إلى تحقيق السلام والعيش الكريم للجميع في كوكب مستدام"، حيث يلامس هذا الموضوع الهام ما تصبو إليه جميع الدول والشعوب.

وأغتنم هذه الفرصة، للتعبير عن عميق التقدير لسلفكم بيتر تومسون على رئاسته وإدارته الناجحة لأعمال الدورة السابقة بكل اقتدار.

كما أجدد التهنئة إلى أنتونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، مقدراً ما يقوم به من جهود دؤوبة ومشكورة عكسها تقريره القيم عن أعمال المنظمة، والذي أظهر فيه عزمه الجاد على إصلاح الأمم المتحدة وهيكلها وإداراتها، وتفعيل دورها في إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين والتنمية المستدامة، بما يتواكب مع المتغيرات والتحديات التي نواجهها، مشيداً هنا بالجهود التي يبذلها فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، في دعم إصلاح الأمم المتحدة، حيث كانت مملكة البحرين من أوائل الدول التي وقعت على الإعلان السياسي الذي دعا إليه حول دعم خطة الأمين العام لإصلاح المنظمة الدولية.

ولا يفوتني في هذا المقام، أن أعرب عن خالص تعازي ومواساة مملكة البحرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك ودول منطقة البحر الكاريبي وشعوبها الصديقة ، جراء ما تعرضت له من كوارث طبيعية، أسفرت عن خسائر عديدة في الأرواح والممتلكات ، مؤكداً تعاطفنا التام معهم، وتمنياتنا لهم بتجاوز آثارها.

السيد الرئيس،،

تحافظ مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على نهجها الراسخ في تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الأمم المتحدة بكافة أجهزتها وهيئاتها، إيمانا بالدور الذي تضطلع به منظمتنا في التوصل إلى عالم أكثر استقراراً ورفاهية.

وتأسيساً على هذا النهج، فقد حفل هذا العام بالعديد من مظاهر التعاون المثمر، حيث تم تدشين جائزة الملك حمد لتمكين الشباب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تم الإعلان عنها بمقر الأمم المتحدة، وتهدف إلى توحيد الجهود المبذولة من قبل الهيئات الحكومية والخاصة والقطاع الأهلي، والرامية إلى زيادة دور وإسهامات الشباب في عملية التنمية المستدامة.

وفي شهر مارس الماضي، تم الإعلان الرسمي عن انطلاق أعمال جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، العالمية لتمكين المرأة، والتي تتوافق مع أهداف الأمم المتحدة بتعزيز دور المرأة في عملية التنمية والتقدم، وتعكس التجربة الرائدة والمؤثرة للمرأة البحرينية على الصعيدين الوطني والدولي.

كما عقد مؤتمر الشباب العالمي لتحقيق التنمية المستدامة، تحت رعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، وذلك بهدف توعية الشباب من مختلف دول العالم بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ، وتعزيز دورهم في تحقيق هذه الأهداف.

وفي إطار حرص مملكة البحرين على مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والمحافظة على مركزها المتقدم ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، وفقاً للمؤشرات الأممية، فإنها تتطلع للتوقيع قريبًا على إطار الشراكة الاستراتيجي مع الأمم المتحدة للأعوام 2017- 2020، كما أنجزت بلادي خطوات متقدمة في مجال القضاء على العمل الجبري والاتجار بالبشر، حيث صدقت على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وسنت قانوناً يحظر جميع أشكال الاتجار بالبشر، ويفرض عقوبات صارمة على الجناة، وقامت بتطبيق نظام الإحالة الوطني لضحايا الاتجار بالأشخاص، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويوفر آلية ترصد وتعالج هذه الظاهرة غير القانونية والحماية منها.

وأصدرت مملكة البحرين مؤخراً، قانوناً موحداً للأسرة، أرسى أداة تشريعية مهمة تعزز من استقرار كيان الأسرة وتحفظ لها كافة حقوقها دون استغلال أو إساءة، استناداً إلى تعاليم ديننا الإسلامي السمح، وما أكد عليه الدستور البحريني بأن الأسرة أساس المجتمع، كما يجسد هذا القانون التزام مملكة البحرين بالقوانين الدولية المتعلقة بالأسرة والمرأة، ومن أهمها اتفاقية "السيداو".

ودعماً لجهود المنظمة الدولية في مواجهة مسألة الاحتباس الحراري والتبعات السلبية لتغير المناخ، فقد أودعت مملكة البحرين وثيقة التصديق على اتفاق باريس بشأن المناخ في ديسمبر2016، وتجدد التزامها الثابت بذلك الاتفاق التاريخي الذي نأمل أن يؤدي إلى توحيد الجهود الدولية للتصدي لتداعيات هذه الظاهرة الخطيرة.

السيد الرئيس،،

إن مملكة البحرين تؤمن وبشدة بأن تثبيت الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والعالم ككل، يستوجب إرادة سياسية مشتركة، وعملاً جاداً ومتكاملاً من الجميع، يكفل احترام الأسس التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، من مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية، لنتصدى معاً لأكبر تحدٍّ يواجهنا، وهو الإرهاب، وردع كل من يدعمه ويموله من دول وكيانات وأفراد، لا سيما وأن الإرهاب الآن لا يقتصر على تنظيمات إرهابية يمكن محاربتها والقضاء عليها، وإنما أصبح أيضاً أداة لدول تسعى إلى خلق الأزمات في الدول المستهدفة، خدمة لمصالحها الخاصة، ما يجعلها شريكاً أصيلاً في الجرم الإرهابي، وعاملاً من عوامل زعزعة الأمن والسلم الدوليين.

وبالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لأمن واستقرار منطقتنا الحيوية الهامة، فقد حرصت بلادي على إقامة شراكة استراتيجية مع محيطها وحلفائها، كشركاء نعمل معاً، على ضمان الأمن في منطقة الخليج، ومكافحة الإرهاب، وتوفير الحماية لطرق الملاحة والتجارة العالمية، وخاصة من خلال التعاون الوثيق بين قوة دفاع البحرين والأسطول الأمريكي الخامس الذي يتخذ مملكة البحرين مقراً له.

ولقد شكلت قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي انعقدت بالمملكة العربية السعودية في شهر مايو من هذا العام، وما نتج عنها من توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مركز لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، والقمة العربية الإسلامية – الأمريكية، منعطفاً مهماً في الحرب ضد الإرهاب، وبناء شراكة استراتيجية فاعلة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية، مؤكداً أن مركز "اعتدال" العالمي لمواجهة الفكر المتطرف، الذي تم افتتاحه على هامش تلك القمم، سيكون مساهماً فاعلاً في مكافحة الفكر المتطرف وتعزيز قيم التسامح والتعايش في العالم.

وأشيد في هذا السياق، بقرار الجمعية العامة القاضي بإنشاء مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ، وتعيين وكيل للأمين العام لمكافحة الإرهاب، كخطوة مهمة من شأنها تعزيز الجهود الدولية لمواجهة هذه الآفة الخبيثة.

السيد الرئيس،،

لم يعد مقبولاً اليوم، أن تكون بيننا دول مارقة، تقوم باحتلال الأراضي، وتتعدى على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم الدوليين، وتدعم التطرف والإرهاب، وتنشر الكراهية والفوضى، ولا يمكن أن يسمح لهذه الدول، بأن تكون طرفاً في جهود إنهاء الصراعات وحل النزاعات وتسوية الخلافات، وإنهاء المآسي الإنسانية المعقدة التي كانت هي سبباً في تفاقمها، وذلك لضمان عدم إعطائها الفرصة لتستغل وجودها بيننا، من أجل تحقيق تطلعاتها وأهدافها العدائية.

فإن التعامل مع مثل هذه الدول، هو واجب ومسؤولية يتحملها المجتمع الدولي بأسره، فإما أن تلتزم بما تعهدت به، وتلحق بالمسعى الدولي الجماعي الحميد نحو السلام والتنمية والرفاه، أو أن تحاسب بشكل واضح ورادع، وتفرض عليها العزلة والقوانين والقرارات الدولية الصارمة.

ومن هذا المنطلق، وتعزيزاً للجهود المبذولة للقضاء على التطرف والإرهاب، وإيماناً بأهمية التحالفات لتثبيت الأمن والسلام، قامت مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وبدعم من دول عدة، بممارسة حق سيادي من حقوقها التي كفلها القانون الدولي، واتخذت قراراً بقطع العلاقات مع قطر، بعد صبر طويل، واستنفاد كل السبل المتاحة لإيقاف سياسات انتهكت علاقات الأخوة ومبادئ حسن الجوار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتوفير الدعم المادي والملاذ الآمن للإرهابيين وللمطلوبين قضائيا في بلدانهم، والترويج عبر وسائلها الإعلامية لخطاب الكراهية والفكر المتطرف والمؤسسات والشخصيات الداعمة له، والتي قمنا بوضعها في قائمة موحدة للإرهاب، معظمها متوائم مع قوائم الإرهاب الدولية، وذلك لتكون واضحة أمام العالم، بعد أن امتدت آثار هذا الإرهاب إلى العديد من الدول ومن بينها بلادي، حيث كانت قطر داعمة للأحداث الإرهابية الممنهجة التي مررنا بها وعانينا منها في مملكة البحرين، وكلفتنا الكثير من أرواح الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، وذلك في محاولة منها لتقويض الأمن الوطني والسلم المجتمعي وقلب نظام الحكم بمساعدة أطراف مرتبطة بها.

لذلك فالمسؤولية الجماعية تحتم علينا حماية دولنا وشعوبنا، ممن يضمر لنا السوء والضرر والتصدي له بحز ، وإن كانت قطر جادة -فعلاً لا قولاً- في الحوار والعودة إلى مكانة كانت لها بيننا، فعليها أن تلبي وتلتزم بكل شفافية ووضوح بمطالبنا العادلة المبنية على المبادئ الواردة في البيان الصادر عن اجتماع دولنا الأربع في القاهرة بتاريخ 5 يوليو 2017، والمتوافقة مع المواثيق والعهود الدولية، مقدرين الجهود الحثيثة والمساعي الحميدة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة.

ونشدد على أن كل ما اتخذناه من خطوات تجاه قطر لم -ولن- يمس شعوبنا ولا الشعب القطري الشقيق، الذي نكن له كل التقدير والاعتزاز، وتربطنا معه أواصر الدين والقربى وعلاقات النسب والتاريخ المشترك، وسنظل سنداً داعماً لأمنه واستقراره، فقد اتخذت دولنا العديد من الإجراءات لمراعاة الحالات الإنسانية، ومن بينها العلاقات الأسرية والأوضاع الصحية، وما التسهيلات التي قدمتها المملكة العربية السعودية لأبناء الشعب القطري، ومنها أداء مناسك الحج والعمرة، إلا خير برهان على هذه الروابط الراسخة، بما يفند كل الادعاءات التي تزعم بوجود حصار أو انتهاك لحقوق الإنسان.

ولا يفوتني هنا، أن أعرب عن تهنئة بلادي للمملكة العربية السعودية الشقيقة، بمناسبة النجاح الكبير لموسم الحج، والذي كان محل إشادة لكل من أدى هذا الركن الإسلامي العظيم، في رد بليغ على كل من أراد تسييس فريضة الحج، وجعله موسماً للصراع والفتنة، ولتبرهن الحكومة السعودية قدرتها الفائقة في حماية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وكل قاصديها من حجاج ومعتمرين وزوار، كهدف أسمى تحرص عليه قيادة المملكة العربية السعودية، كما عهدناها، منذ أمد بعيد.

السيد الرئيس،،

إن الأنظمة التي دأبت على نشر الفوضى والشر، وتمثل معاول هدم وتخريب، ستكون هي الخاسر الأكبر، جراء ابتعادها عن قيم التعاون الجماعي المتعارف عليها بين الدول، وستكون شعوبها هي الضحية، كما هو الحال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي يعاني شعبها من الظلم والبؤس والفقر والقمع والمشانق المعلقة في الشوارع، في ظل أوضاع معيشية صعبة، أرجعت هذا الشعب، ذا الحضارة التاريخية العريقة، إلى الوراء عشرات السنين، بسبب هدر النظام لثروة الشعب وأمواله، وتسخيرها لتغذية العنف وتقويض الأمن في المنطقة، لتحقيق طموحاته في الهيمنة والتوسع، من خلال حرسه الثوري، ودعمه للتنظيمات الإرهابية التابعة له، ومن بينها حزب الله الإرهابي في لبنان وسوريا، والميلشيات الانقلابية في اليمن، والجماعات والخلايا الإرهابية في كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وجمهورية العراق، وغيرها من الدول التي عانت من هذه التصرفات العدائية لسنوات طويلة.

مؤكدين أن خطاب الرئيس الأمريكي هنا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمن قراءة صحيحة تكشف وبكل وضوح، عن الطبيعة الخطرة للنظام في إيران كونه مارقاً ومقوضاً للسلام في المنطقة، مما يفرض على العالم أن يقوم بدوره في مواجهته، لمنعه من الاستمرار في سياساته، ووقف دعمه وتمويله للإرهاب وإلزامه باحترام سيادة جيرانه.

ولأننا نسعى دوماً إلى الخير والسلام، فإننا نؤكد على أن قيام علاقات طبيعية مع إيران، يبقى مرهوناً بتخليها عن سياسات الهيمنة الطائفية والمذهبية، واحترام قيم المواطنة لدى الشعوب، والكف عن محاولات تصدير ثورتها القائمة على ولاية الفقيه، والالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مطالبين إيران في الوقت ذاته، بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى" والتجاوب مع المساعي السلمية المقدرة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة، لاستعادة سيادتها على أراضيها، وحل هذه القضية عن طريق التفاوض الجاد والمباشر أو باللجوء لمحكمة العدل الدولية.

من جانب آخر، فإن جمهورية العراق التي عانت -ولاتزال- من التدخلات الخارجية لجعلها ساحة للصراع، قد حققت إنجازاً يستحق الإشادة والدعم، حيث تمكن هذا البلد الشقيق، بما توفر له من إمكانيات، من تحرير مدينة الموصل وقضاء تلعفر من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما لم يكن ليتحقق، لولا تضحيات القوات العراقية، وعزيمة الحكومة برئاسة دولة الدكتور حيدر العبادي، وكذلك دعم التحالف الدولي لمحاربة داعش، والذي تشارك فيه مملكة البحرين بفعالية، مؤكدًا استمرار موقفنا الداعم لكافة الجهود الرامية لإحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه.

أما بشأن الأوضاع في الجمهورية اليمنية، فإننا نجدد التأكيد على استمرار دعمنا للحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، من خلال المشاركة ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتأييدنا للإجراءات التي تتخذها لبسط نفوذها على كافة الأراضي اليمنية، وإنهاء سيطرة الميليشيات الانقلابية المدعومة من الخارج، والتوصل لحل سياسي شامل وفقاً للمرجعيات الرئيسية والمتفق عليها وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، بما ينهي جميع أشكال التدخل الخارجي، ويضع حداً للحالة الإنسانية الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني الشقيق، ونجدد التأكيد على أننا لسنا مع طرف يمني دون آخر، وإنما ضد التدخل الخارجي الذي لا يهدف أبدا لخير هذا البلد العزيز، مقدرين الجهود التي يبذلها إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.

وفي الجمهورية العربية السورية، فإننا نحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين هناك وحقن دمائهم، وإلزام كافة الأطراف بقرار وقف إطلاق النار وتحديد مناطق تخفيف التصعيد، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وتكثيف الدعم والمساندة للدول المستضيفة للأعداد الكبيرة من الأشقاء السوريين، وفي مقدمتها المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، ودفع الجهود الرامية إلى تحقيق حل سياسي يحفظ لسوريا وحدتها الترابية، وينهي التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية، ويقضي على وجود التنظيمات الإرهابية، ويكفل الأمن والأمان لجميع أبناء الشعب السوري الشقيق، ليكون قادراً ومشاركا ًرئيسياً في تحديد مستقبله، وذلك استنادا إلى بيان مؤتمر "جنيف 1"، وقراري مجلس الأمن 2254 و2268، مؤكدين دعمنا لمباحثات أستانا، وجهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا السيد ستيفان ديمستورا، التي نأمل أن تساهم في وضع حد لهذه الأزمة التي طال أمدها.

وفي دولة ليبيا، فإننا نشيد بتحرير عدد من المدن الرئيسة من قبضة الجماعات الإرهابية، ونؤكد دعمنا التام لجميع الجهود الرامية إلى تحقيق التوافق بين كافة الأطراف الليبية الوطنية، واستكمال استحقاقات الاتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه في مدينة الصخيرات، ومن بينها الجهود الهامة التي تقوم بها دول الجوار الليبي، والاجتماعات التي ضمت دولة السيد فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، في كل من الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية، آملين أن تتواصل هذه الجهود، بما يضمن وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، ويحقق تطلعات شعبها الشقيق في التنمية والتقدم ، مرحبين بتعيين السيد غسان سلامة كممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ونتمنى له التوفيق والنجاح.

وفيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، فإن مملكة البحرين تجدد التأكيد على ضرورة دعم التفاوض لإيجاد حل سياسي توافقي ونهائي لهذه القضية، في نطاق السيادة الوطنية للمملكة المغربية، وعلى أساس قرارات مجلس الأمن، التي أكدت على جدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وحث جميع الأطراف على التعاون الكامل مع الأمم المتحدة في هذا الشأن.

كما نؤكد رفضنا التام لما يتعرض له المسلمون في ميانمار من انتهاكات واستخدام للقوة المفرطة، وندعو حكومة ميانمار بضرورة القيام بواجباتها تجاه حماية مسلمي الروهينغا، وتسهيل وصول كافة أشكال الإغاثة والعون لهم، بما يضع حداً لهذه المأساة الإنسانية.

السيد الرئيس،،

تتبوأ القضية الفلسطينية موقع الصدارة في سلم أولويات السياسة الخارجية لمملكة البحرين، التي تقف مع الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل كافة حقوقه المشروعة، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين.

وإننا إذ نرحب بالخطوات الإيجابية الهامة التي اتخذتها الفصائل الفلسطينية مؤخراً لإنهاء حالة الانقسام وإعلاء المصلحة الفلسطينية العليا، وانتهاج العمل السلمي ونبذ العنف، فإننا نشيد بالدور الكبير الذي قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة في هذا الشأن، والذي يؤكد المكانة المحورية لمصر في دعم ومساندة قضايا أمتها العربية، باعتبارها العمق الاستراتيجي لمحيطها العربي، وركيزة أساسية من ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.

إن القضية الفلسطينية ليست قضية دينية، فأرض فلسطين هي مهد الديانات التي عاش عليها الجميع في تعايش ووئام، وإنما هي قضية سياسية بامتياز، قضية احتلال أرض ينبغي أن ينتهي، وشعب يجب أن يعود إلى وطنه، وسلب لحقوق يجب أن ترد لأصحابها، وهذا ما يجب على إسرائيل أن تعيه، رغم كل هواجسها الأمنية، فالسلام لن يتحقق لها ولا لشعبها، إلا بتخليها عن كل مظاهر العنف ضد الفلسطينيين، وعدم التعدي على حقوقهم وممتلكاتهم المسلوبة، وتوقفها عن أنشطتها الاستيطانية، وعدم انتهاك حرمة المقدسات، وخاصة ما يشهده المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات متكررة تستفز مشاعر المسلمين كافة، بما يشكل عائقا رئيسيا لاستئناف عملية السلام وجميع المبادرات الإقليمية والدولية الداعمة لها.

معربين هنا عن خالص تقديرنا، للجهود الكبيرة التي تقوم بها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى"الأونروا"، والمساعدات الملموسة التي تقدمها لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الدول المجاورة.

السيد الرئيس،،

تشدد مملكة البحرين على ضرورة تحقيق عالمية الانضمام إلى معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، مع الأخذ في الاعتبار حق جميع الشعوب في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وعلى ضرورة تنفيذ إسرائيل للقرار الصادر عن اجتماع مؤتمر الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1995، المتعلق بجعل الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووي.

مشددين أيضاً على ضرورة تنفيذ إيران لقرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015 بشأن الاتفاق النووي، وما يتعلق بالصواريخ البالستية والأسلحة الأخرى، وضرورة تطبيق العقوبات الرادعة في حال ما أخلت بالتزاماتها طبقاً لهذا القرار ونظام الضمانات الدولية التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرحبين في هذا السياق بتبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراره رقم 2375، الخاص بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، لمواصلتها في إجراء التجارب النووية والبالستية التي تهدد جوارها والأمن والسلم في العالم.

السيد الرئيس،،

لقد آمنت مملكة البحرين ومنذ قيامها ككيان عربي إسلامي عام 1783، بأهمية العمل الجماعي في تحقيق الأمن والتنمية والرخاء، وأن تسخر كل إمكانياتها للريادة، خدمة لشعبها ومحيطها والعالم أجمع، على مر الأزمنة والعصور، فقد حباها الله بقيادات حكيمة، تتوارث روح المسؤولية التامة لتحقيق المقاصد المثلى في العلاقات بينها وبين جيرانها، وهي سائرة بمنهجها هذا، ولن تحيد عنه أبداً، عضواً فاعلاً ومؤثراً في الأسرة الدولية، وشريكاً يعتز بشراكته مع محيطه العربي والإسلامي، وسنظل متمسكين وبكل قوة بهذا النهج، باعتباره القاعدة الصلبة لعلاقاتنا الخارجية، وملتزمين بالانفتاح على مختلف الثقافات والشعوب، بقيم التسامح والاعتدال، وسائرين على طريق التطور والتنمية ، بكل إصرار وعزيمة، لحماية ما حققناه من مكتسبات ومنجزات ونهضة ورخاء.

وشكراً السيد الرئيس.