هدى حسين

كشف رئيس جمعية السكلر البحرينية زكريا الكاظم عن أجهزة حديثة لاستبدال الدم لمرضى السكلر سيبدأ استخدامها الشهر الحالي في البحرين على نطاق واسع، متوقعاً أن تحدث تغييراً جذرياً في نمط حياة المرضى.

وقال الكاظم في حوار لـ"الوطن" إن عملية استبدال الدم باستخدام الأجهزة الحديثة طبقت على نحو 20 مريض سكلر حتى الآن، مشيراً إلى تدشين وحدة الاستبدال في مجمع السلمانية الطبي أكتوبر الحالي، ليستفيد منها اكثر من 5000 مريض، عن طريق الجدولة طوال العام المقبل.



وأضاف أن هذه الاجهزة تقوم بتصفية دم المريض، بحيث يستطيع أن يرجع إلى بيته ويواصل عمله من غير أن يخسر وظيفته ولا تتعرقل دراسته أو حياته، إذ تستغرق العملية بالجهاز 24 دقيقية كحد أدنى، وتمتد لساعتين حداً أقصى. إذ يستخرج الجهاز كريات الدم المعطوبة فقط لا غير، دون أن يلامس كريات الدم الصحيحة والصفائح وكريات الدم البيضاء.

وبخصوص التكلفة، قال الكاظم إن كلفة مريض السكلر تبلغ الآن 300 دينار في اليوم الواحد وتصل إلى نحو 6000 آلاف دينار في 21 يوماً، وهي تكلفة باهظة ستنخفض كثيراً بعد استخدام الجهاز الجديد.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

ما هو مرض السكلر؟ وما أنواعه؟

السكلر "فقر الدم المنجلي" هو خلل وراثي بالدم وأشهر أمراض الدم الوراثية الانحلالية التي تسبب تكسر كريات الدم الحمراء. وهو مرض مازال كثير من علمه مجهولاً، نعلم كيف يحدث وكيف أتى، لكن لا نعرف كيف نسيطر عليه، أو متى تصيب المريض نوبة السكلر. وشهدنا لمرض السكلر أنواعاً: نمط آسيوي، نمط عربي، ويوجد نمط بحريني ايضا، وكل نمط يتميز بشيء معين.

وما النمط البحريني "لمرض السكلر"؟

في البحرين أنواع للنمط البحريني، بمعنى أننا مثلاً لو وجدنا عائلة قد توفي ابنها بنوبة سكلر فهناك احتمال أن يكون شخص آخر في العائلة نفسها قد فقد حياته سابقاً. وربما هناك عائلة من النوع الذين يفقدون بعض الأعضاء في الجسم بسبب مرض السكلر، فهذه الحالة قد تكرر لمعظم أبناء العائلة. فأنماط مرض السكلر بالأساس هي عرف في الممارسة الطبية . لذلك من الضروري تدوين كل تجاربنا، لنسهم في تطوير النظام الصحي العالمي. نحن اليوم تستطيع ان نحكي تجربتنا مع أجهزة استبدال الدم للخارج وأن نؤثر في تحسين الخدمات والرعاية الصحية لمرضى السكلر في جميع انحاء العالم بالتعرف على الأنماط الأخرى.

ما هو مشروع أجهزة استبدال الدم؟

كان مشروع "أجهزة استبدال الدم" مطروحاً في وزارة الصحة بعدما أنشأت مركز أمراض الدم الوراثية كمشروع متكامل، وحينها جلبت جهازاً واحداً ليقلل مدة الانتظار، وكان نصيب مريض السكلر مرة في العام، لكن حالياً تم توفير 4 أجهزة. هذا الجهاز يمكن أن يغير الكثير في حياة مريض السكلر. فلابد أن تكون المبادرة من أنفسنا وبالإيمان الكامل بوزارة الصحة. وقد كان لتوجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أثر كبير.

أنت أول من استخدم هذا الجهاز في البحرين، فكيف تصف التجربة؟

الجهاز ليس حديثاً في الطب، لكنه حديث في استخدامه لصالح مرضى السكلر في البحرين، وكعادتي لا أعرض أبنائي المرضى إلى شيء لم يسبق لي تجربته، فنحن قبل تقديم أي خدمة نستخدمها أولاً لتقييمها، ولكي نرى ما سيحدث من خلالها، وما بعد استخدامها، سواء كان دواء أو طريقة علاج أو جهازاً أو غيرها. ولا أستطيع أن أنصح مرضى السكلر بالجهاز قبل تجربته شخصياً. ورأينا أن الجهاز مفيد لنا كفئة من فئات هذا المجتمع فمن حق مرضى السكلر أن نجعل تلك الأجهزة من أولويات مركز أمراض الدم الوراثية في مجمع السلمانية الطبي.

كيف تم شراء أجهزة استبدال الدم؟

نحن من الدول الرائدة التي لم تتأخر في اقتناء تلك الأجهزة، وكان هناك تفاعل كبير من قبل الجميع ومن قبل أصحاب الأيادي البيضاء. انطلقت المبادرة في شارع البديع تحت عنوان "أنا كما أنا أتحدى مرض السكلر"، وهو عبارة عن مراثون يحدث لأول مرة في البحرين، في المرفأ المالي عبر تسلق 54 طابقاً. كل الأموال التي حصلنا عليها خلال الفعالية ذهبت لشراء الأجهزة، حيث استطعنا شراء 3 أجهزة ، جهاز من عائشة وسلوى المؤيد للأعمال الخيرية، وجهاز من لجنة عدائي البحرين، وجهاز من رتلي عبدالحسين ديواني، إلى جانب الجهاز الذي قدمته وزارة الصحة، ووصلت تكلفتها إلى 100 ألف دينار. وجرى تدريب الكوادر الطبية والتمريضية على استخدامها، وسيعمل المشروع بشكل فعلي نهاية أكتوبر كحد أقصى، بدءاً بمرضى السكلر المنومين داخل المستشفى والذين يعانون نوبات سكلر شديدة، وصولاً إلى المرضى الأقل تعرضاً للآلام والنوبات.

كيف تحدث نوبة السكلر؟

كريات دم حمراء منجلية تتلاصق مع بعضها البعض، وتسبب كتلة في الاوردة فتعيق تدفق الدم، وهو أشبه باختناق مروري لتدفق الدم، وقد لا يصل الدم إلى بعض الاجزاء في الجسم، وقد تكون في مناطق حرجة مثل المخ أوالرئتين أو الكلى أو الكبد أو أي جزء من الأجزاء الضرورية في جسم الانسان. فيعطي الطبيب المريض مغذياً لتذويب هذا الاختناق المروري، أو تقليل لزوجة الدم، وبسبب عدم وجود علاج لهذا المرض يعطى المريض المسكنات فقط. في السابق وقبل استخدام هذه الأجهزة، كان التحدي القائم أمام الطبيب والمريض هو تحدي الوقت. فهذه النوبة الشديدة قد تعرض حياة مريض السكلر إلى الخطر، ويكون أمام الطبيب من يومين إلى 10 أيام لاستبدال الدم.

وكانت عملية استبدال الدم تتم سابقاً عبر إخراج وحدتي دم من الكريات الحمراء المعطوبة وغير المعطوبة، والصفائح، وكريات الدم البيضاء وعناصر الدم الأخرى. والوحدة عبارة عن 400 مل من الدم. ثم يتم إدخال وحدتي دم صحيحتين. يستغرق إخراج الدم 15 دقيقة، فيما يستغرق إدخال الوحدة الواحدة من الدم 4 ساعات، ثم يحلل الطبيب الدم ويقيس النسبة، فإذا وجدها ما زالت عالية يعيد العملية لمدة 8 ساعات، وتستغرق عملية إدخال وحدتين 48 ساعة على الأقل. وخلال الوقت الطويل الذي كانت تستغرقه العملية قد أخسر المريض، لأن النوبة ليس لها وقت وربما تكون جلطة أو عدة خلطات في جسم المريض. والطبيب وقتها يكون في توتر شديد لأنه لا بد أن يكون سريعاً في استبدال الدم بطريقة صحيحة وسريعة لكي يسير الدم بشكل طبيعي ويقضي على هذا الاختناق المروري الحاصل في الأوردة.

وكيف تحدث العملية باستخدام أجهزة استبدال الدم؟

تقوم هذه العملية بتصفية دم المريض، بحيث يستطيع أن يرجع إلى بيته ويواصل عمله من غير أن يخسر وظيفته ولا تتعرقل دراسته أو حياته، إذ تستغرق العملية بالجهاز 24 دقيقية كحد أدنى، وتمتد لساعتين حداً أقصى. ويكون الطبيب والمريض مستقرين نفسياً والأهالي مطمئنين. ونكون بذلك قد أنقذنا روحاً في أسرع وقت. يستخرج هذا الجهاز كريات الدم المعطوبة فقط لا غير، دون أن يلامس كريات الدم الصحيحة والصفائح وكريات الدم البيضاء. وبعد العملية لا يحتاج المريض إلى تحليل، فمنذ البداية أستطيع أن أتحكم بالجهاز وأضع الأرقام والنتائج التي اريد لجسم المريض أن يصل إليها، إضافة إلى أن الجهاز يعطيني التفاصيل التي احتاجها من البداية وكم أحتاج من أكياس الدم لهذا الجسم أو ذاك.

وماذا يحدث بعد العملية؟

يشعر المريض بالتحسن مباشرة بعد العملية، فتختفي الآلام، ويستقر التنفس، وهذا يؤثر على مستوى المزاج والنشاط، فيستطيع المريض الخروج للمنزل مباشرة، وأن يباشر العمل بكل أريحية. ويستطيع المريض الآن أن يقول للمجتمع بكل ثقة "ها أنا موجود بينكم بكل صحة وقوة".

كم مرة يستطيع المريض استبدال دمه من خلال الأجهزة؟

هذا يختلف من جسم الى آخر، بعضهم يحتاج لاستبدال الدم كل 4 أو 5 أو 8 أسابيع، وبعضهم كل 6 شهور، وبعضهم مرة في السنة فقط، وبعضهم لا يحتاج.

كيف تلخص فوائد هذا الجهاز؟

نحن نريد من خلال هذا الجهاز أن نقلل ضرر نوبات السكلر التي تصيب المريض فجأة. ونستطيع اليوم أن نخبر الآخرين بمدى نجاح تجربتنا المتميزة في إنقاذ أرواح مرضى السكلر وتحسين نمط حياتهم وارتفاع متوسط العمر. وأفضل شيء لحماية مريض السكلر هو أن يوضع على جهاز استبدال الدم بشكل دوري، فيخفض من نسبة التكسر في الدم، ويستطيع أن يحافظ على حياته، لان الجهاز يعطي المريض جودة حياة أفضل، ويقلل مكوث المريض في المستشفى من 21 يوماً إلى يومين فقط ، كل هذا يفرق على المستوى الشخصي للفرد، أهله وأسرته سيرونه معهم في البيت أكثر وقت ممكن. وعلى المستوى العملي سيمارس عمله بحيوية، وسيستطيع إكمال دراسته بكل يُسر.

خلال السنوات الخمس الماضية استطعنا أن نرفع متوسط عمر مريض السكلر من 42 إلى 55 سنة، والآن نحن نتطلع أن يرتفع متوسط عمر مريض السكلر إلى 65 سنة مثل عمر متوسط عمر الإنسان الطبيعي في البحرين. وهذه الاجهزة ستسهم بشكل كبير في نجاح رؤيتنا أو العمل الجماعي التي نقوم به تجاه المرضى السكلر.

كان متوسط عدد الوفيات لمرضى السكلر في المملكة قبل 2015 نحو 50 حالة في كل عام، وفي 2015 خسرنا 31 حالة مريض سكلر بانخفاض 40%، أما في 2016 للأسف فخسرنا 29 حالة كذلك بانخفاض 40%، بمعنى أن توجيهات سمو رئيس الوزراء بالاهتمام بالخطة الحقيقية أتت بهذه النتائج الفعالة، ونحن ما زلنا في أول الطريق.

هل مخزون الدم في بنك الدم وحملات تبرع الدم القائمة في البحرين تكفيان لتشغيل تلك الأجهزة ولتغطية 5000 مريض سكلر؟

نرى أن جميع المرضى لهم حق في الحصول على كميات الدم التي يحتاجون إليها لإنقاذ حياتهم ولكن مرضى السكلر لهم أهمية خاصة بالنسبة إلينا. وكميات الدم التي تحصدها الحملة كل عام تذهب إلى بنك الدم المركزي بمجمع السلمانية الطبي، وهو الذي يتولى مهمة نقلها إلى المرضى الذين يحتاجون إلى الدم دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى ويكفي أن يكون المريض إنساناً. نحن مرضى فقر الدم المنجلي اليوم نستهلك 50% من المخزون ببنك الدم. جمعيتنا تتعاون مع 48 حملة للتبرع بالدم، ونتطلع للتعاون مع جميع حملات التبرع بالدم في البحرين، باعتبار أن مخزون الدم نحن نستخدمه. أنا لا أطلب أن يكون كل أكياس الدم لمرضى السكلر، ولكن شعب البحرين معطاء وسخي جداً، ولا يتردد في العطاء. عدد وحدات التبرع بالدم العام الماضي كانت 20 ألف وحدة، وحاجة البحرين 12 ألف و500 وحدة، أي بمعنى يفوق حاجتنا. وهناك تنظيم ورعاية خاصة من سمو رئيس الوزراء لحملات التبرع بالدم.

ما خططكم المقبلة؟

لدينا خطة اخرى ودعم آخر يضاف الى سجل سمو رئيس الوزراء حفظه الله بأنه سيرعى كل حملات التبرع بالدم. وسنشهد الأسبوع المقبل حملات عدة من جهات عدة. وسيكون هناك خطة أخرى واضحة تشاركني الموافقة عليها وزيرة الصحة فائقة الصالح هي دراسة لتجربة الجهاز على المرضى، ماذا يشعر بعد أسابيع وبعد أشهر من استخدام هذا الجهاز وهل استفاد وكم نسبة الاستفادة. فستدون كلها حتى ننشر نتائجنا في مؤتمرات عدة حول العالم. سنبدأ بشكل رسمي بداية أكتوبر، وسنرصد هذه الملاحظات ونشارك النتائج مع المجتمع البحريني ومع المدارس الطبية العالمية، ونحكي عن تجربتنا بفخر للعالم العربي ككل.