أحمد خالد وأنيسة بورشيد

رغم كل ما كتب ونشر عن زواج القاصرات، ورغم الوعي الذي يعبر عنه المجتمع البحريني بضرورة إكمال الفتاة مسيرة تعليمها كالشاب، لا تزال بعض حالات الزواج المبكر تحدث، تأثراً بتقاليد قديمة أحياناً، ولمبررات أخرى كثيرة أحياناً أخرى.

الخطابة أم محمد تعطي مؤشراً عن بعض هذه الحالات من واقع تجربتها. وتقول إن "إقبال القاصرات على الزواج المبكر في البحرين قليل جداً، فقد نشهد حالة كل شهرين، فهناك بعض البنات يكن جاهزات للزواج مبكراً لانهن ناضجات"، مشيرة إلى أنها لا تؤيد هذا الزواج "لمعارضة القانون البحريني ذلك".



نهى جمال، شابة عزباء، ترى أن هذا الزواج "غير ناجح" ويؤدي الى مشاكل كثيرة، مؤكدة أن "الفترة العمرية في سن المراهقة من أخطر الفترات التي يمر بها الشاب أو الفتاة، فهو يندفع خلف أهوائه ومشاعره برؤية ضيقة جداً".

وتقول إن "الزواج المبكر لا يعطي فرصة للطرفين للانخراط في المجتمع، وتحمل المسؤولية بشكل صحيح، أو الاستمتاع بالحياة".

في حين يقول الشاب الأعزب أحمد النسيم إن "الزواج لا يُقاس بالأعمار، بل بالضوابط الفكرية، والقدرة العقلية، والحياة العلمية والعملية، ورأى أنه لا يوجد مانع إن كانت هذه الضوابط موجودة لدى الطرفين".

وتعارض هبة النحال، شابة عزباء، الزواج المبكر بشدة، عازية موقفها إلى أن "هذا الزواج يؤذي حياة كثيرين، بانتهاك حرياتهم مبكراً، وقتل أحلامهم البريئة"، معتبرة أنه يعبر عن "جهل عائلة الفتاة".

زينب حرم، شابة مخطوبة، لا تعارض زواج الفتيات المبكر "في حال كانت البنت ملمة بالأمور الزوجية وقادرة على تحمل المسؤولية"، معتبرة أن هذا الزواج "يحمي الشباب من اللجوء إلى المعصية".

د.راوية طاهر عبدالله اختصاصية علم نفس ومديرة مكتب إرشادي وأستاذة في كلية الآداب والعلوم، عرفت زواج الفتاة المبكر بأنه "زواج الفتاة التي لم تبلغ بعد النضج الكامل من الناحية العقلية والاستعداد النفسي، وهو ظاهرة منتشرة في العديد من الأسر التي لا تؤمن بحقوق المرأة وأهمها حق الدراسة وحق اختيار شريك الحياة. وغالباً ما تكون نتائج هذا الزواج فاشلة بسبب افتقاده المعايير الأساسية التي لا بد من توافرها للزوجين من توافق فكري واجتماعي وعاطفي".

وأوضحت أن التأثير السلبي لهذا الزواج "يكمن في عدم مقدرة الفتيات على التكيف عاطفياً مع أزواجهن في السنوات الأولى. فأغلب الفتيات ينظرن إلى الزواج كشراكة وظيفية أكثر من كونه شراكة عاطفية. كما أنه يحرم الفتيات من تعلم مهارات الحياة في مجال العناية بالأسرة والزوج والأطفال، والأهم هو التعامل مع محيطهن الاجتماعي كالقدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية ما يسبب الحرمان وانخفاض المستوى التعليمي للأطفال وزيادة الأعباء الملقاة على عاتق أطفال باسم زوجين".

وأشارت د.راوية أيضاً إلى بعض الإيجابيات المرتبطة بهذا الزواج "مثل التقارب بين سن الزوجين والأبناء، ما يمنحهم المساندة والتقارب الفكري وخدمة الأبناء ورعايتهم وهم أقوياء وأشداء. ويتحمل الزوجان المسؤولية مبكراً ما يجعلهما يعتمدان على نفسيهما. كما يبعدهما عن الانحراف والوقوع في الرذيلة"، لكنها أكدت أنها ضد هذا الزواج ولا تشجعه لما فيه من حرمان الطرفين من التطور الفكري ولما يسببه من عنف أسري ضد المرأه لأنها غير قادرة على معرفة حقوقها وواجباتها، وفي غالب الأحيان ينتهي بالطلاق فتجد المرأه نفسها أمام واقع الفقر والاعتناء بالأطفال وحدها.