ناقشت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمّد آل خليفة مع كل من د.داوود نصيف عضو مجلس إدارة شركة نفط البحرين (بابكو) وعضو مجلس إدارة طيران الخليج، وفائق المنديل مؤسّس ومدير عام شركة رؤيا عمرانيّة، مبادرة د.نصيف بتخصيص منزل عائلته التراثي بيتاً للتّعايش الديني والتسامح، انسجاماً مع رؤى جلالة الملك المفدى التي يركز فيها على إبراز مدينة المنامة نموذجاً للتسامح والالتقاء بين مختلف الأديان والثقافات، وتوجيهات جلالته لتخصيص بيت تراثي كي يكون بيتاً للتّعايش بين الأديان، وإيصال صوت المحبة والتآخي للمدينة كنموذج يستحق الاحتفاء.

واستقبلت الشيخة مي، الجمعة، د. ناصيف والمنديل في متحف البحرين الوطني.


وأكّدت الشيخة مي أنّ مبادرة تخصيص بيت تراثي من أجل إظهار جمالية المدينة وقدرتها على نسج إنسانيّات تاريخيّة وثقافيّة بين مختلف الأديان والشّعوب تعكس تمسّك الذين عاشوا في المدينة بجمالياتها.



فيما قال د.نصيف إنّ البيت احتضن ذكريات عائلته التي وجدت في البحرين حضناً شاسعاً للاستقرار، حيث كان المعلّم نصيف يعمل في بداياته بمدرسة الإرساليّة الأمريكية وكرّس جهده للتّعليم ونقل المعارف في المنطقة، مؤكداً أن "العائلة المسيحيّة خلال تجاربها الحياتية المختلفة، لم تجد أجمل من مدينة المنامة كنموذج للتعايش وتقبل الآخر".


وأضاف "أعدنا استملاك بيت العائلة من أجل صياغة فكرة بيت التّعايش بين الأديان. في هذا البيت التاريخي، منحتنا المدينة اتساعها، وشُغفنا بجمال هذه العاصمة التي تُطبّق بطبيعة التّلاقي فيها مفاهيم عدة للمحبة والتسامح والترابط. إلى حيث عايشنا هذا كله عدنا، لأننا فعلاً لم نشعر بفروقات بين دين وآخر، أو بين شعب وغيره، فالمحبة كانت هي السائدة".

الشيخة مي أكدت أن "ما يبقي العمران التاريخي هو الحب، وما يعمق التعايش والتسامح والتلاقي بين الناس هو الحب أيضاً، لذا فإن هذه المبادرة من عائلة نصيف لتخصيص العمران الأصلي الذي عاشوا فيه روح المدينة وأصالتها كي يكون بيتاً للتّعايش بين الأديان، هو تطبيق حقيقي لحب المدينة، والتعايش بين مختلف مكوناتها"، مبينةً أن الثقافة تنهمك في الوقت الحالي وتسعى لإدراج المنامة التاريخية على قائمة التراث الإنساني العالمي باعتبارها مدينةً للتّعايش والسلام.

وقالت "اليوم فريق العمل لدينا يحاول نبش الجماليات التاريخية التي تحتضنها المدينة بالتعاون مع ساكنيها. نريد استعادة الذاكرة الجماعية التي تجمعنا. هذه المدينة بلغزها وبما نعرف عنها. هنا حيث بدأت معظم الأشياء سواء في الحراك المجتمعي، التعليم، الطب، الفنون، والعمارة وغيرها. المنامة باختصار رديفة للحب والإنجاز معاً".

وأضافت
أن "الاهتمام يشمل كل شبر في البحرين، وأن التركيز المقبل على العاصمة من منطلق الاهتمام بما تبقى منها، فالتطور العمراني المتسارع التهم أجزاء كبيرة من الذاكرة، لكن الثقافة واجبها أن تحمي حقيقة هذه الرّوح، وأن تدافع عنها"، معربة عن أسفها في أن "بعض الملامح ضاعت أو تضيع، لكن ذلك لا يعني الانسحاب، لأن قوة الثقافة الفعلية تكمن في قدرتها على استعادة الجمال الحقيقي، وقدرتها على إحياء الذاكرة".

وأشارت إلى عدد من المباني التي قاومت هذا التغيير، بينها دائرة المعارف "التي لا تزال اليوم بمكوناتها المعمارية الأصيلة وبجمالية عناصرها الاستثنائية تشكل جزءاً من تجربة المدينة القديمة، حيث يشكل هذا المبنى شاهداً إنسانياً حضارياً على واقع التعليم في البحرين، وضم المكتب الرئيسي للأستاذ الراحل أحمد العمران، ومكتبة المعارف التي اعتُبرت فضاءً معرفياً هاماً، كما كان يحوي القسم الداخلي لمدارس حكومة البحرين، حيث يقيم المدرسون الوافدون والطلبة القادمون من القرى أو البلدان المجاورة".

وأكد كل من د.داوود نصيف وفائق المنديل أن الشعور بالانتماء إلى المكونات التاريخية والمدن بعمرانها الإنساني التراثي هو ما يحمي ذاكرة المكان، وأن التراث الإنساني ليس أثراً من الماضي فحسب، بل هو وجود حقيقي وتجسيد فعلي للقيم والبيئة المجتمعية".