ياسمين العقيدات

أظهر استبيان أعدته "الوطن" وشارك فيه 800 فرد أن 24% من المستطلعة آراؤهم تعرضو لابتزاز الكتروني عبر تهديدهم بنشر صور أو مقاطع الفيديو.

ومنذ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتشعب علاقات البشر، ازداد الحديث عن حالات الابتزاز الإلكتروني. ورغم أن الحديث يجري غالباً عن تعرض الشباب لهذا النوع من الجرائم، فإن الشابات لم تسلمن منه أيضاً.



تقول "ف.خ" (19 سنة) إنها تعرضت للابتزاز من شاب تحدثت معه عبر الفيس بوك، مضيفة "كان يحاول جذب عواطفي نحوه حتى أثق به وبعد أن وثقت به أرسلت له بعض صوري فبدأ يطلب رؤيتي لكني لم أستجب. وبعد محاولات كثيرة ورفضي التام قرر ابتزازي بالصور التي كنت أرسلها له مهدداً بالتشهير بي وسط عائلتي. لجأت إلى أختي لإخراجي من هذه المشكلة. و بعد تهديداتها له وتحذيره من نشر الصور تراجع ولم أستقبل أي تهديد آخر منه".

فتاة أخرى عمرها 25 عاماً تقول إنها تعرضت للابتزاز من صديقتها. وتوضح "استخدمت صوري لتهديدي بالتشهير إذا لم أعطها مبلغاً من المال، مستخدمة حساباً وهمياً على انستغرام. وبعد تتبع مصدر الصور فوجئت بأنها صديقتي ولجأت إلى أمي للذهاب إلى منزل هذه الفتاة وتهديدها بالشرطة. ومع رفضها الاعتراف بأنها من كانت وراء محاولة الابتزاز اختفت الرسائل ولم أتلق أي تهديد آخر".

لا تفشي معلوماتك

استشارية العلاج النفسي والسلوك المعرفي شريفة سوار تقول إن "أكثر الفئات المعرضة للابتزاز هي الأطفال والمراهقين، فهناك بعض المراهقين يعزلون أنفسهم خلف الشاشة ويرفضون التعامل وجهاً لوجه مع المجتمع. كما أن وسائل التواصل بيئة صالحة لجذب أصحاب العقول الذكية من المراهقين لانتهاك حرمات الغير (الهكرز) فيتم توظيف عقولهم لانتهاك خصوصيات الآخرين ومن هنا تبدأ المصيبة.

فيبدأ التحرش والابتزاز الالكتروني"، لذلك تنصح سوار بـ"عدم إفشاء المعلومات الشخصية على وسائل التواصل مثل منطقة السكن أو العمر الحقيقي وعدم إرسال صورة حتى إن كانت محتشمة لأن بإمكان أي شخص مع تطور البرامج أن يحولها إلى صورة غير لائقة عن طريق التلاعب بها".

انتحار فتاة


وعن الخطر النفسي الناشئ عن التعرض للابتزاز الإلكتروني، تقول سوار إن "الضحية تنحدر نفسيته جداً وتتدمر بسبب تشويه سمعته خصوصاً الفتيات، فمنهن من تلجأ للانتحار. وقبل 4 سنوات توفيت فتاة منتحرة بسبب الابتزاز الالكتروني بعد تهديدها بنشر فيديو أو صور وعند استجابتها لمطالب الجاني تضخمت الأمور وفقدت الفتاة السيطرة على نفسيتها وانتحرت". وتضيف "الوقاية دائماً خير من العلاج. وتكمن الوقاية هنا في الأسرة عبر إمداد الطفل أو المراهق بمهارات الدفاع عن النفس والثقافة الجنسية ومنحه أيضاً الحب والحنان حتى لا يلجأ للبحث عنه في الخارج. فمن الأساليب الخاطئة لمعاقبة المراهق أو الطفل طرده خارج المنزل إذ يتولاه رفاق السوء، أو عن طريق الحرمان من المصروف وهذا يعتبر إذلالاً لا تربية. والطفل المحطم نفسياً يلجأ لتذليل غيره خلف الشاشة".

وتنبه سوار إلى أن "الطفل أو المراهق الذي يتعرض للابتزاز تظهر عليه علامات على شكل تسارع في دقات القلب وقصر في النفس بسبب الخوف وتبدأ هذه العلامات التأثير على النواحي الجسدية والنفسية فيميل للعزلة خوفاً من التعرض للضرب أو الفضيحة ويفقد تركيزه في الدراسة ويكتئب، وقد تصل الأمور إلى السرقة لإرضاء المبتز من النواحي المادية أو الجنسية. وحتى لا يقع الأبناء في هذه الحفرة يجب على أولياء الأمور التقرب إليهم والانتباه لهم وفتح باب الحوار معهم وعدم تقطيب الحاجبين أثناء التحدث معهم وعدم القول إن هذه المواضيع تافهة، فحين لا تسمع طفلك سيلجأ إلى غيرك كي يسمعه.

اتصل بـ192


وعن كيفية تصرف الأهل حال تعرض ابنهم لمحاولة ابتزاز، تقول سوار "يجب أن ينظر أوياء الأمور إلى المشكله على أنها تحد ويجب حلها بطريقة سليمة وتعليم الطفل أو المراهق أن هناك رقم "192" للتبليغ عن الجرائم الالكترونية حيث يتم حلها بمنتهى السرية دون علم الأهل حتى. ويجب مساعدة الضحية على إيقاف هذا الابتزاز والوقوف إلى جانب الضحية والابتعاد عن السلبية أمامه، ومساعدة المراهق على وضع أهداف لحياته لتطوير شخصيته والابتعاد عن الانعزالية والأفكار السلبية وتذكر المشاعر السلبية أثناء تعرضه للابتزاز. ومن الجانب الآخر يجب علاج المبتز (الجاني) من الجانب النفسي ومساعدته على ترك العادات السلبية في التلذذ بإذلال الناس واللعب بحياتهم، وزرع الإيجابية والمحبة في داخله (..) ينبغي تعليم أولادنا على كلمة "أنا" "أنا أريد" "أنا أحتاج" بدل إلقاء اللوم في كلمة "أنت" كذا وكذا. و رفع مستوى ثقتهم بأنفسهم وهذا الجانب يجب أن يكون من اختصاص الوالد فهو من يجعل المراهق أو الطفل واثقاً في نفسه".