براءة الحسن

بسط المال العربي ذراعه بقوة في ملكية وشراء الأندية الأوروبية في السنوات الـ 15 الأخيرة، حيث بات العديد من رجال الأعمال والمؤسسات العربية خاصة الخليجية أصحاب حصص أو ملاك لأندية لا سيما في إسبانيا وإنجلترا وقد نجحت تجارب وفشلت أخرى.

بدأ الاستثمار العربي في الأندية الأوروبية، منذ عام 1997 عندما سيطر الملياردير المصري محمد الفايد على نادي فولهام الإنجليزي، لكن الانطلاقة الحقيقية كانت بعد ذلك بعقد، مع سيطرة الشيخ منصور بن زايد على نادي مانشستر سيتي ووضعه على خارطة الكرة الإنجليزية والعالمية، بتتويجه بالدوري الإنجليزي «الدوري الأصعب في العالم» في مناسبتين حتى الآن.



نجاح تجربة السيتي مع الشيخ منصور بن زايد، فتحت الباب نحو ضخ المزيد من الأموال العربية في كرة القدم الأوروبية، ولعل التجربة الثانية الأنجح على مستوى نجاح المال العربي في رفعة شأن الأندية الأوروبية هو باريس سان جيرمان بعد نجاح مؤسسة قطر للاستثمار في الحصول على ملكية النادي وعلى غرار السيتي نجح منذ ذلك الحين في الهيمنة على كرة القدم الفرنسية وإن كان خسر اللقب العام الماضي لصالح موناكو..

ولم تكلل عدة تجارب أخرى بالنجاح، مثل تجربة سليمان الفهيم ومن بعده علي الفراج مع نادي بورتسموث.

ويختلف تعامل المستثمرين العرب مع الأندية الأوروبية من شخص لآخر، بعضهم يتدخل في تفاصيل كرة القدم والبعض الأخر لا يتحدث تقريباً..

وقد ركزت تقارير صحافية، على أن تلك الاستثمارات لا تبحث عن العوائد المالية أو التجارية فحسب، بل أيضاً تهدف إلى إيجاد شهرة مكانة وبناء علامة تجارية قوية، كما أن بعض الملاك يهتمون بتعزيز اسمهم ومكانتهم كنوع من أنواع الترويج لعلها تكون نافذة مطلة لمشاريع أخرى.

لكن يظل الربح المالي أحد الأهداف، فعلى سبيل المثال تتركز الاستثمارات أكثر في إنجلترا على إيطاليا، كون أن بعض الدراسات أكدت أن الأندية الإيطالية معرضة أكثر من غيرها للأزمات المالية، في المقابل تجني الأندية الإنجليزية أرباحاً كبيرة من حقوق النقل وبث المباريات، لدرجة أن الدخل التلفزيوني لبعض أندية الدرجة الأولى «البريميرشيب» يفوق ما يجنيه يوفنتوس وروما وميلان ونابولي.

غايات

ما هي الغاية؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة وخصوصاً أن كل مستثمر أدار فريقه بطريقة معينة، وبالتأكيد لسنا من يحدد هدف أشخاص عرفوا كيف يجنون أموالاً طائلة جعلتهم على لائحة أغنى أغنياء العالم، لكننا نعي جيداً أن كرة القدم أصبحت صناعة تُدر الكثير من الأموال على العاملين فيها، فلماذا لا يستغل هؤلاء العرب الأثرياء هذه الصناعة في زيادة ثرواتهم.

لعل ارتفاع العوائد المالية للأندية الأوروبية على الرغم من الأزمات الاقتصادية، وتحقيقها أرباحاً خيالية من خلال حقوق البث التلفزيوني، وبيع تذاكر المباريات، والتسويق والدعاية الإعلانية، إضافةً للإفادة من ارتباط المشجعين حول العالم بأندية أوروبا الكبرى، والحضور الإلكتروني الكبير لهذه الأندية ووجودها على شبكات التواصل الاجتماعي، ربما يكون كل ذلك عوامل تجذب المستثمرين العرب للعمل في المجال الرياضي كونه وللأسباب السابقة يعد استثماراً مضموناً.

كما إن الاستثمارات الرياضية الخليجية لا تبحث عن العوائد المالية أو التجارية فقط، بل تهدف أيضاً إلى إيجاد «وضع أو مكانة» خاصة بها تساعدها في بناء علامة تجارية قوية من خلال ارتباطها بأندية أوروبية كبيرة.

وقد تكون ملاحظة ابتعاد هؤلاء المستثمرين عن التوجه إلى إيطاليا وضخ الأموال فيها خير دليل على نيتهم الربحية، حيث أوضحت دراسات أجرتها مكاتب استشارات أوروبية متخصصة في اقتصاد الرياضة لحسابات الأندية أن الفرق الإيطالية ستتأثر بالأزمة العالمية لاعتمادها بشكل أساسي على دعم شركات

استثمارية، وحتى مع وجود مخاطر أخرى بالنسبة للأندية الإنجليزية إلا أنها تبقى أقل عرضة من الإيطالية للمخاطر الاقتصادية، وهذا ما يحصل بالفعل في السنوات الأخيرة إذ يوجد نادي واحد فقط في إيطاليا يصرف الأموال وهو يوفنتوس، بعد التراجع الاقتصادي الكبير لبقية الأندية، مع تحسن بسيط ظهر في الموسم الحالي لبعض الأندية منها الإنتر الذي استفاد من المال الصيني.

ماذا حقق الاستثمار العربي؟

بالرغم من العائدات التي حققتها الأندية المملوكة من قبل العرب بعد فوز بعضها بالبطولات وتحسن وضع البعض الآخر مقارنة بحالها قبل الاستثمار العربي فيها، إلا أن التقارير التي تشير إلى أن نادي واحد فقط وهو مانشستر سيتي قد صرف صاحبه الشيخ «منصور بن زايد آل نهيان» ما يزيد عن مليار جنيه أسترليني منذ تملكه النادي.

لكن التقارير الاقتصادية العالمية تؤكد سير هذه الأندية نحو الربح، حيث إنها وبفضل الاستثمار الخليجي، على وجه الخصوص، نجحت في الفوز بالبطولات وزادت شعبيتها عالمياً، مما استقطب المزيد من العوائد وعقود الرعاية وكذلك عروض التسويق من كبريات الشركات العالمية، لتحقق في النهاية أرباحاً كبيرة.

وعلاوة على ذلك، يؤدي نجاح الاستثمار الرياضي إلى الحصول على فرص اقتصادية إضافية، مثل فوز القطري الشيخ «عبدالله بن ناصر» بعقد هائل بقيمة 550 مليون دولار لتطوير مرسى يخوت «ماربيلا» الإسباني، وذلك بعد شرائه نادي ملقا بعام واحد فقط.