تحدثنا في المقال السابق عن ضرورة دخول قناتنا الرسمية في مملكة البحرين سباق المنافسة مع القنوات الخاصة التي ملأت اليوم كل الآفاق، فبين آلاف القنوات العربية الخاصة المطوَّرة نجد أن القنوات الرسمية العربية تعدّ على الأصابع. بعضها نال التطوير لدرجة معينة ثم توقف التطوير وبعضها كما هي منذ السبعينات حتى كتابة هذه الأسطر. تكلمنا كذلك عن أن تلفزيون البحرين الرسمي تحديداً تم تطويره مؤخراً بشكل جيد حتى وإن ظلت بعض القضايا العالقة فيما يخص جذب الجمهور وغيرها من القضايا الأخرى بدرجة تتساوى ومستوى التطوير والتي يجب تحريكها من أجل ارتقاء العمل الإعلامي بشكل متكامل. كما تكلمنا عن أهمية تطوير قنواتنا الرياضية التي تحتاج لمزيد من العمل والتطوير مقارنة بالقنوات الرياضية الخاصة، كل ذلك في سبيل تعزيز الحركة الرياضية في البحرين عبر قنوات إعلامية تواكب هذه الحركة قبل فوات الأوان.

اليوم سوف نتكلم عن أهمية إنشاء قناة رسمية خاصة بالأطفال في البحرين. الكل يعلم أهمية وضرورة وجود قناة خاصة للصغار في كل دول العالم، وبما أن هذه الفئة العمرية من الفئات التي تمثل المستقبل بكل تجلياته وتفاصيله يكون لزاماً على المؤسسة الإعلامية الرسمية إنشاء وفتح قنوات إعلامية خاصة بالأطفال، فلم تعد تجدي أفلام «الكارتون» التي تعرضها قنواتنا الرسمية بشكل عابر -إن كانت تعرض أصلاً- تشكل أهمية في ذاكرة الصغار وفي تشكيل وعيهم، بل ما نطالب به أن تكون هناك قناة رسمية خاصة بهذه الفئة تعرض كل متطلباتهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم دون الحاجة إلى اللجوء لقنوات فضائية خاصة بالصغار ربما لا تنسجم وطبيعة حركة مجتمعاتنا العربية التي يجب أن تتلاقى مع قيمنا وأهدافنا، وهذا لا يكون إلا عبر إنشاء قناة رسمية موجَّهة تعنى بالأطفال، ومن جهة أخرى صرفهم عن كل القنوات الأخرى التي بدأت تغزو عقولهم وأخلاقهم بشكل مريب. فالقنوات التجارية الخاصة بالأطفال وكما نتابعها لا تعنى بالطفولة ولا بتوعيتهم وتربيتهم بقدر ما تنشر فيهم روح الفوضى والعنف وتعليمهم الألفاظ السوقية التي لا تليق بمستوى أعمارهم، وكلنا يعلم ألا رقيب ولا حسيب على قنوات تبث من فضاءات مختلفة كما لا يمكن ضبطها أو منعها من الدخول إلى كل منزل من منازلنا اليوم، ولهذا فإن مطالبتنا بإنشاء قناة رسمية بحرينية للأطفال ستكون في غاية الأهمية وستكون «ضربة معلم» لو تحقق هذا المشروع. لا يمكن توزيع صغارنا على قنوات خاصة تافهة لا تعلمهم أي شيء سوى مفاهيم أجنبية خطيرة، مفاهيم تعنى بالعنف وسوء الخلق، ولهذا فإن هذا المطلب في ظل هذه المعطيات لم يعد مطلباً ترفيّاً بقدر ما هي حاجة ضرورية لمستقبل جيل يجب أن تكون قاعدته أقوى من عاصفة الانحدار الفكري والأخلاقي التي تُحْدِثه فضائيات لا يهمها سوى الربح المادي ولو على حساب صغارنا.