نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن الملاحظات العشرة على هامش كتاب «لا تستسلم» لمؤلفه جمال سند السويدي، مدير عام مركز الدراسات الاستراتيجية بدولة الامارات العربية المتحدة.

* الملاحظة الثامنة: إن الكتاب رغم ضخامته فهو يمثل زاداً فكرياً بل كنزاً فكرياً وفلسفياً، لخبرة المؤلف وتحديه لكافة العقبات والصعوبات التي لو واجه البعض جزء منها ربما تعرض للانهيار. ولكن المؤلف كان قمة في الصبر وفي مقاومة التحدي وفي تخطي كافة العقبات، وألف رغم مرضه مجموعة من الكتب القيمة، ومنها مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وإيران والخليج، وحركات الإسلام السياسي، والسراب، وآفاق العصر الأمريكي، و»ولا تستسلم»، وغير ذلك من الكتب، وقد نال المؤلف عدة جوائز وتكريم من محافظ الإسكندرية، والرئيسة السابقة للجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعدد من الشخصيات والضباط من القوات المسلحة من الإمارات والمغرب، ومن مركز «دراسات» بالبحرين، ومركز عيسى الثقافي، عندما قدم ودشن كتابه «السراب»، وهو يتناول الجماعات الإسلامية السياسية، أو ما يسمى بـ «الإسلام السياسي». كما حصل على تكريمات عدة عندما دشن كتابه «السراب» في مصر، وهو يعمل لتدشين الكتاب الجديد في القاهرة أيضاً، بصفتها عاصمة للثقافة العربية، ليس فقط اختيارها، وغيرها سنوياً، كعاصمة وإنما لأنها عاصمة حقيقة وتاريخية منذ العصور القديمة، وقد أطلق عليها العلامة المسلم والعربي ابن خلدون أنها أم الدنيا والتي ذكرها الله بالاسم عدة مرات، وارتبط تاريخها بالأديان السماوية من الأنبياء والمرسلين إبراهيم وموسى والمسيح عيسى ومحمد عليهم جميعاً وغيرهم أطيب الصلاة وأزكي السلام. كما ارتبطت مصر بالنبي محمد من أكثر من زاوية، أولها، أن أم العرب السيدة هاجر، مصرية، وثانيها أن السيدة مارية القبطية مصرية، وهي إحدى زوجات النبي ومن أمهات المؤمنين، بغض النظر عما يعتقده البعض، بأنها لم تكن زوجة بمكانة كاملة، مثل الأخريات، ولكن الله رزقه منها الولد الوحيد الذي حمل اسمه، ودمعت عينا الرسول بدمعات طاهرة عندما توفي ابنه إبراهيم، ومن ناحية أخرى، دعا لمصر وأقباطها في وصية مشهورة بقوله «استوصوا بمصر وأهلها خيراً»، وكان أهل مصر آنذاك من الأقباط في تلك المرحلة التاريخية. وقال في رواية أخرى «عندما يفتح الله عليكم مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لي منهم نسباً وصهراً». وقد رحب المصريون بالفتح الإسلامي على خلاف ما حدث مع مناطق أخرى فتحها المسلمون في إطار العمل على نشر رسالة التوحيد واستضافت مصر العديد من أولياء الله الصالحين والصحابة الكرام وعدد من آل بيت النبوة الطاهرين، مثل ضريح الإمام الحسين، والسيدة زينب، وتسمى في مصر أم المساكين، لشهرتها في العطف عليهم، والسيدة سكينة، والسيدة نفيسة، التي يطلق عليها نفيسة العلوم، والتي أوصي الإمام الشافعي أنه عندما يموت لابد أن تصلي عليه السيدة نفيسة، وتم ذلك بالفعل لأنه مات قبل وفاتها وأخذوه إلى مسجدها فصلت عليه. مصر أيضاً دافعت عن الإسلام والعروبة ضد التتار وضد الصليبيين. كما دافعت عن اللغة العربية والفقه الإسلامي العقلاني بمختلف مذاهبه في الأزهر الشريف الذي يعد بحق منارة الإسلام وموطن اللغة العربية. وكما هو معروف فالعروبة هي اللسان وهذا قمة الاعتدال والعقلانية.

* الملاحظة التاسعة: وهي حصول المؤلف على تكريم من جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية «عندما كان جلالته ولياً للعهد»، ولقاءات مع آل جور والشيخ نهيان بن زايد ورئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية، وعدد من أصحاب السمو والمعالي وزراء الدفاع والخارجية، وغيرهم من مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومن مراكز الأبحاث العربية والبريطانية وخاصة مركز «دراسات» في مملكة البحرين، ومركز أكسفورد للدراسات الإسلامية وغيرها من المراكز العربية والدولية ومعهد الدراسات العليا للدفاع الوطني في فرنسا، ومن سمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء حاكم دبي، ومن سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، وجائزة العويس للإبداع، ومن الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة المصري السابق، ومن اتحاد السلام العالمي، وجائزة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وغيرها مما يصعب إحصاؤه.

* الملاحظة العاشرة: إنني كباحث في العلاقات الدولية وفي شؤون مجلس التعاون وكدبلوماسي عملت في دولة الإمارات في بداية استقلالها عام 1971، وتعرفت على الكثير من الدبلوماسيين والكتاب والمثقفين العرب ينبغي أن أعبر عن تهنئتي لهذا الباحث المتميز علماً وخلقاً وتفانياً وجلداً في مقاومة المرض، وأهيب بكل مواطن عربي وربما أي مواطن في أي دولة أخرى أن يستفيد ويتعلم دروس مقاومة التحديات من كتاب «لا تستسلم» لمؤلفه جمال سند السويدي، وأتمنى له مزيداً من الإنتاج العلمي وإثراء المكتبة العربية بهذه المؤلفات القيمة.