عواصم - (وكالات): استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لإجراء محادثات في الكرملين الخميس معززا علاقة محورية لأسعار النفط العالمية وقد تحدد نتيجة الصراع في سوريا. ويعد الملك سلمان أول عاهل سعودي يزور روسيا. ووصل الملك سلمان إلى موسكو على رأس وفد أبرم اتفاقيات للاستثمار المشترك تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات ليوفر بذلك استثمارات يحتاجها بشدة الاقتصاد الروسي الذي عصف به تراجع أسعار النفط وعقوبات غربية. وقالت السعودية إنها وقعت على مذكرة تفاهم بشأن شراء أنظمة للدفاع الجوي من طراز إس 400 من شركة تصدير السلاح الحكومية الروسية. ويمثل هذا تحولا بالنسبة للسعودية التي تشترى معظم عتادها العسكري من الولايات المتحدة وبريطانيا. وعلى الصعيد السياسي لم تتوافر أي علامة على تحقيق انفراجة حقيقية بشأن القضايا محل الخلاف بين موسكو والرياض ومن بينها حقيقة تأييد كل دولة طرفا يحارب طرفا آخر في الحرب الأهلية السورية. ولكن الاحترام الذي أبداه كل طرف للآخر ومظاهر الأبهة والحفاوة التي استقبل بها المسؤولون الروس العاهل السعودي طغى على أي خلاف. وخلال رحلته من مطار فنوكوفو إلى وسط موسكو في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء مر ركب الملك سلمان بلافتات تحمل صوره وعبارات ترحيب باللغتين العربية والروسية. واستقبل بوتين الخميس الملك سلمان في قاعة سانت أندرو المزينة بالذهب وهي أحد أفخم القاعات في الكرملين حيث وقف جنود بزيهم الرسمي وعزفت فرقة موسيقية السلامين الوطنيين للبلدين. وقال بوتين للملك سلمان فيما بعد أثناء جلوسهما جنبا إلى جنب في قاعة "جرين بارلور" الفخمة في الكرملين "إنني على يقين أن زيارتكم ستعطي حافزا قويا لنمو العلاقات بين بلدينا". وعلى الرغم من خلافات روسيا والسعودية فقد جمع بينهما الاهتمام المشترك بتعزيز أسعار النفط المتهاوية وحقيقة أن موسكو أصبح لها نفوذ في الشرق الأوسط لا يمكن للأطراف الأخرى في المنطقة تجاهله منذ تدخلها العسكري في سوريا. وقبل بوتين دعوة من الملك سلمان لزيارة السعودية وقال الملك سلمان إنهما يعتزمان مواصلة التعاون للحفاظ على استقرار أسعار النفط العالمية. وعملت موسكو والرياض معا لضمان التوصل لاتفاق بين أوبك والدول الأخرى المنتجة للنفط لخفض الإنتاج حتى نهاية مارس 2018 في محاولة لرفع أسعار النفط العالمية. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة "مرنة" فيما يتعلق باقتراح موسكو بتمديد الاتفاقية حتى نهاية العام المقبل.

وفي سوريا تدعم الرياض معارضين يحاربون القوات الحكومية السورية في الوقت الذي تدعم فيه القوات الروسية وفصائل إيرانية الرئيس بشار الأسد. وهذا يجعل موسكو متحالفة مع إيران خصم السعودية اللدود التي تخشى الرياض من تزايد نفوذها في المنطقة. وركز وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ،في إطلاعه وسائل الإعلام على سير المحادثات بين بوتين والملك سلمان، على الأرضية المشتركة بين البلدين. وقال لافروف إن الزعيمين اتفقا على أهمية مكافحة الإرهاب والتوصل لحلول سلمية للصراعات في الشرق الأوسط وعلى مبدأ وحدة الأراضي. وقال نظيره السعودي عادل الجبير إن آفاقا جديدة فُتحت للعلاقات الروسية السعودية بشكل لم يكن متصورا من قبل. وأضاف أن "العلاقات السعودية الروسية الآن في نقطة تاريخية وعلاقات مؤسساتية تشمل وزارات وقطاعات متعددة." وقال "نحن على ثقة أن العلاقات السعودية الروسية ستساهم بإذن الله في إيجاد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم".

وأُعلنت حزمة استثمارات خلال الزيارة ستُسهم بقدر ما في سد الفراغ الذي نجم عن ركود الاستثمارات الغربية في روسيا والذي كان إلى حد ما نتيجة العقوبات التي فرضت بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في 2014. ومن بين الاتفاقيات اتفاق بين صندوق الثروة السيادية الروسي "آر.دي.آي.إف" وصندوق الاستثمارات العامة السعودي لاستثمار ما يصل إلى 100 مليون دولار في مشاريع للنقل في روسيا. ووقعت الدولتان أيضا على اتفاقية لإنشاء صندوق استثمار مشترك قيمته مليار دولار. ووُقعت مذكرة تفاهم أخرى تقضى باستكشاف شركة البتروكيماويات الروسية سيبور أفق التعاون مع السعودية. وقال رئيس صندوق "آر.دي.آي.إف" كيريل ديمترييف إن الصندوق حريص على الشراكة مع المستثمرين السعوديين للحصول على حصة أقلية في شركة أوراسيا دريلينج لخدمات حقول النفط الروسية. وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قد قال في وقت سابق من الشهر الجاري إن المسؤولين السعوديين يدرسون مشروعات غاز مشتركة مع شركة نوفاتيك للطاقة. ولكن أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية قال إنه لن تجري مناقشة أي اتفاق من هذا القبيل في هذه المرحلة.