زهراء حبيب:

رفضت الحكومة مشروع بقانون بشأن حظر الفوائد الربوية لما له من تداعيات خطيرة على المصالح الاقتصادية للدولة وخسائر فادحة يصعب حصرها، منبهة أن إلغاءها يعني نهاية القطاع المالي وزواله ووقوع هزات اقتصادية عنيفة قد تقضي على مسيرة التنمية في البلاد، وطالبت المجلس بإعادة النظر.

يذكر أن المشروع بقانون معد بناء على اقتراح بقانون من مجلس النواب لحظر على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي مزاولة أي عمل مالي يقوم على الفوائد الربوية، وإلزامها بتوفيق أوضاعها خلال مدة لا تتجاوز 3 سنوات، وعلى الجهات الحكومية التحقق من الأمر.


وأردفت الحكومة في ردها على أن مملكة البحرين تعتبر من أهم المراكز المالية في منطقة الخليج والشرق الأوسط لضخامة قطاعها المصرفي والمالي وتنوعه، إذ يتكون من "404" مصارف ومؤسسات مالية، وحيث تم بناء القطاع المصرفي في البلاد على مدى أكثر من 4 عقود من خلال جهود حثيثة ومتواصلة من الحكومة ومؤسسة نقد البحرين ثم البنك المركزي حالياً، وبلغت مساهماته في الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية نحو 17% من إجمالي الناتج المحلي.

ويعمل في مملكة البحرين نحو "116" مصرفاً تقليدياً وإسلامياً بأصول إجمالية تزيد على "191" مليار دولار أمريكي.

يشار إلى أن البحرين باتت تحتل المركز المالي الإسلامي الأول في منطقة الخليج لوجود أكبر عدد من المصارف الإسلامية مقارنة مع المراكز المالية الآخرى، والعديد من مؤسسات البنية التحتية للصيرفة الإسلامية مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية وغيرها، من خلال توفير بيئة عمل جاذبة ونظام تشريعي رقابي يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.

ولفتت الحكومة إلى أن القطاع المالي الإسلامي في المملكة لا يزال صغيراً مقارنة مع القطاع التقليدي، إذ يعمل "23" مصرف إسلامي يقابله "93" مصرفا تقليديا بأصول تبلغ "24،8" مليار دولار أمريكي مقارنة بأصول تصل "167" مليار دولار للمصارف التقليدية.

وأكدت الحكومة أن هناك نصوصاً قانونية وقواعد إجرائية قائمة تكفي بذاتها لتحريم الفوائد الربوية والقضاء على الربا- في صورته المتفق عليها- وهو ما يحقق الهدف المنشود من مشروع بقانون، لافتة إلى تعلق القانون بمسألة فقهية خلافية لا تقبل التذرع فيها برأي دون آخر، منبهة أن المشروع يقوم على تبني أحد الآراء الشرعية في مسألة تقع في دائرة المسائل الخلافية التي تتفرق الآراء حولها، إذ العلاقة بين المودع والبنك والمستثمر هي قرض، ويرون أن الفائدة التي يأخذها البنك من المستثمر أو تلك التي يؤديها للمودع هي نفع نتج من الإقراض، وذلك هو الربا المحرم شرعاً، إلا أن علماء المسلمين المعاصرين اختلفوا عبر العقود في حكم التعامل مع البنوك، نتيجة الخلاف حول توصيف الودائع ودفعها للمستثمرين مقابل حصول المودع والبنك على فوائد، ومازال باب الاختلاف والاجتهاد مفتوحا، وعليه لا يجوز معه من الناحيتين النظرية والعملية تقنين أحد الأراء في شأنها مراعاة للنواحي الاستثمارية والاقتصادية في البلاد.

وأشارت الحكومة إلى أن هذه المعاملات لا وجود لها في عهد نزول التشريع الإسلامي فتكون من قبيل المسكوت عنه فتأخذ حكمه وهو أن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الحظر فتكون مباحة شرعاً لأنها معاملة نافعة لكل من البنك وأصحاب الأموال، فالبنك يحصل على ثمرة عمله وصاحب المال على ثمره ماله.

وبينت الحومة أن مشروع القانون ينطوي على تحويل مفاجئ وشامل لنظام المصرفي والمالي للعمل وفقاً لاحكام الشريعة الاسلامية، وذلك خلال فترة إنتقالية مدتها 3 سنوات دون تدورج في التطبيق، لافتة أن مشروع القانون يترتب عليه حدوث خلل في المنظومة التشريعية خاصة المصرفية مع فراغ تشريعي، والمشروع بقانون يعني تراجعها سريعاً في سياسات الدولة في شأن التنظيم المصرفي، وسيؤدي إلى مشاكل كبيرة للجهاز المصرفي بحكم الارتباطات المالية والاستثمارية والمصرفية مع مختلف مناطق العالم، وله تداعيات خطيرة ستنعكس سلباً على المصالح الاقتصادية للدولة وخسائر فادحة يصعب حصرها.

وترى الحكومة أن ممارسات تحصيل الفوائد المصرفية ودفعها تمثل جزءاً كبيراً وجوهرياً من عمل المصارف التقليدية، وأن إلغاءها يعني نهاية القطاع المالي وزواله بما يؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة قد تقضي على مسيرة التنمية في البلاد، وتسريحات كبيرة في صفوف الموظفين البحرينيين.