عواصم - (رويترز): قال مسؤولون إيرانيون وغربيون مطلعون لرويترز إن إيران لمحت للقوى العالمية الست إلى أنها ربما تكون مستعدة لإجراء محادثات بشأن ترسانتها من الصواريخ الباليستية سعيا لتخفيف حدة التوتر المحيط ببرنامجها المثير للخلاف. وتعهدت طهران مرارا بمواصلة بناء ما تصفها بالقدرات الصاروخية الدفاعية في تحد لانتقادات غربية وقالت واشنطن في هذا الشأن إن موقف إيران ينتهك الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية في عام 2015. لكن المصادر قالت إنه في ظل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخلي عن الاتفاق الذي أبرمه سلفه الرئيس السابق باراك أوباما تحدثت طهران إلى القوى العالمية مؤخرا بشأن محادثات محتملة عن بعض "جوانب" برنامجها الصاروخي. وقال مصدر إيراني مطلع طلب عدم ذكر اسمه لرويترز "خلال اجتماعهم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي قالت إيران لأعضاء "القوى العالمية" إنها يمكن أن تناقش برنامجها الصاروخي لتهدئة المخاوف". ولم يؤكد مسؤولون أمريكيون وغربيون مناقشة القضية خلال اجتماع بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وإيران. لكن مسؤولين أمريكيين قالا إن إيران كانت "تطرح الأمر" مؤخرا من خلال تقارير إعلامية معينة وعبر أطراف ثالثة مثل سلطنة عمان. وقال مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية إن تلميحات إيران بلغت واشنطن في الأسابيع الماضية. وأضاف "جست إيران النبض بالقول إنها مستعدة لمناقشة برنامجها للصواريخ الباليستية وتستخدم اتصالات.. مسؤولين بقوا من إدارة أوباما". جاءت الأنباء عن المبادرة الإيرانية بعد أن وصف ترامب الاتفاق النووي بأنه "مخجل" و"أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه على الإطلاق". ومن المتوقع أن يعلن قريبا أنه لن يصدق على الاتفاق وفقا لما صرح به مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية الخميس. ويمكن لمثل تلك الخطوة أن تقضي على الاتفاق الذي شكل انفراجة ويعتبره مؤيدوه ضروريا لمنع سباق للتسلح في الشرق الأوسط ولتقليل التوترات الإقليمية لحده من قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات.

القوى العالمية الخمس الأخرى التي وقعت على الاتفاق هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين وكلها أعادت التأكيد على التزامها به. والتقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنظرائه من القوى الست، ومن بينهم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للمرة الأولى، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر الماضي. وقال المصدر الإيراني "عبر الأمريكيون عن قلقهم من قدرات إيران الصاروخية ورد ظريف بأن مناقشة البرنامج ممكنة". وقال مسؤول أمريكي مطلع على التعاملات مع طهران إن ظريف كان يعيد طرح عروض "كانت كامنة على الطاولة منذ فترة.. ظريف يعرف أنه إذا مضى ترامب قدما ولم يصدق على التزام إيران بالاتفاق فستكون هي في موقف أفضل وستكون الولايات المتحدة معزولة وسط" القوى الست. وقال بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية الجمعة إن برنامج طهران للصواريخ الباليستية مخصص لأغراض دفاعية فقط وغير قابل للتفاوض. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قاسمي قوله "أكدت إيران في كل الاجتماعات الثنائية الدبلوماسية.. بما يشمل الزيارة التي قام بها ظريف في الآونة الأخيرة لنيويورك... أن برنامجها الصاروخي الدفاعي غير قابل للتفاوض وأنه لا يتعارض مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231". وأحالت بعثة أمريكا لدى الأمم المتحدة رويترز إلى وزارة الخارجية الأمريكية للتعليق. ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على ما إذا كانت محادثات محتملة بشأن الصواريخ قد طرحت خلال الاجتماع أو ما إذا كانت إيران أبلغتهم بذلك مؤخرا. لكن الوزارة قالت إن واشنطن تظل ملتزمة "بمواجهة كل أنواع التهديدات التي يشكلها النظام الإيراني على الولايات المتحدة وحلفائنا وعلى الاستقرار الإقليمي بما يشمل تطوير صواريخ باليستية". وفرضت إدارة ترامب عقوبات جديدة من جانب واحد على إيران وقالت إن الاختبارات الصاروخية التي تجريها تنتهك قرار الأمم المتحدة الذي صدر ليضفي الطابع الرسمي على الاتفاق النووي. ويدعو القرار طهران إلى عدم القيام بأنشطة تتعلق بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. وتقول إيران إنها ليس لديها خطط من هذا القبيل وتنفي انتهاك القرار. وتمتلك إيران أحد أكبر برامج الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط وتعتبرها دفاعا احترازيا ضروريا ضد الولايات المتحدة وخصوم آخرين.

وقال مسؤول إيراني بارز طلب أيضا عدم ذكر اسمه إن الرئيس حسن روحاني وظريف وقادة في الحرس الثوري عقدوا عدة اجتماعات مع المرشد الايراني علي خامنئي، الذي له القول الفصل في كل السياسات الإيرانية، للحصول على موافقته على إجراء محادثات بشأن البرنامج الصاروخي. وقال المسؤول المشارك في مفاوضات سرية "الزعيم الأعلى لم يكن متفائلا خلال الاجتماعات لأنه لا يثق في الأمريكيين. قال آخرون إن التوترات المتصاعدة بشأن البرنامج الصاروخي يمكن تسويتها من خلال المحادثات". وأضاف أن أي محادثات لن تهدف إلى إنهاء أو تعليق برنامج إيران الصاروخي لكن "للتفاوض على بعض جوانبه مثل الحد من إنتاج بعض الصواريخ ذات مدى معين". وقال المسؤول "الدبلوماسية نجحت في إنهاء الأزمة النووية... يمكن أيضا حل النزاع بشأن البرنامج الصاروخي عبر المحادثات". وقال مسؤول إيراني ثالث إن طهران ستكون مستعدة لمناقشة قضية الصواريخ البعيدة المدى دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. وقال مسؤول أمريكي له خبرة واسعة في التفاوض مع إيران "طرح هذا علنا هناك مثلما فعل ظريف يضع ضغطا على إدارة" ترامب. وقال مسؤول غربي إن الإدارة تنظر إلى مبادرة ظريف على أنها "أسلوب للمماطلة من طهران". وقال مسؤول غربي آخر إن على إيران تقديم تفاصيل ملموسة بشأن إجراء محادثات بشأن الصواريخ. وأضاف "ما سوف ينبغي معرفته هو معلومات محددة عن قدرات حمل الرؤوس الحربية ومدى الصواريخ وعدد الكيلوجرامات التي يمكن لرأس حربي صاروخي حملها". وقال دبلوماسي فرنسي لدى سؤاله عما إذا كانت إيران بدت مستعدة للتفاوض بشأن برنامجها الصاروخي "نتحدث عن كل شيء معهم بما يشمل البرنامج الباليستي. "هدفنا أن يقود ذلك لأفعال ملموسة. فيما يخص قضية البرنامج الباليستي يقولون دوما إنه دفاعي بالكامل ولا علاقة له بالنووي".