مدريد - (أ ف ب): نزل عشرات الاف المتظاهرين الى الشوارع في انحاء اسبانيا السبت داعين الى وحدة اسبانبا ومطالبين بتحرك لحل الازمة السياسية على خلفية خطط الانفصاليين في كاتالونيا اعلان استقلال اقليمهم الغني. وتجمع متظاهرون يرتدون الابيض امام مباني البلديات في انحاء اسبانيا للمطالبة بعقد حوار لانهاء الازمة في كاتالونيا. وملأ حشد، جميعهم بلباس ابيض ايضا، ميدانا قريبا خارج مبنى بلدية مدريد، داعين الى حوار ينهي الازمة. وقالت الستينية مارتي مورو "انا حزينة لرؤية وضع بلادنا والرداءة التي تتعامل بها الحكومة". كذلك، انضم نحو 50 الف شخص الى مسيرة "وطنية" نظمها ناشطون دفاعا عن وحدة اسبانيا، بحسب حكومة اسبانيا المركزية. وهتفت مجموعة من المتظاهرين الشباب الذين ساروا نحو ساحة كولون متوجهين الى رئيس الحكومة ماريانو راخوي بالقول "راخوي ايها الوغد، دافع عن الوطن"، ولوحوا باعلام اسبانيا واخرى تحمل شعار نسر اسود يعود الى حقبة الديكتاتور فرانثيسكو فرانكو. وبعيدا عن هذه المجموعة، قال الكولونيل خاكوان بيناس "52 عاما" الذي كان يشارك في تظاهرة "لقد وصل الوضع الى نقطة تحول، وعلينا المشاركة بفاعلية في الدفاع عن قيم اسبانيا كأمة". وتأتي المسيرات عقب ايام من تصاعد التوتر جراء حملة امنية استهدفت الناخبين في الاستفتاء على استقلال كاتالونيا الذي جرى في 1 اكتوبر، وحديث مسؤولي كاتالونيا عن امكان اعلان استقلال الاقليم في شكل احادي خلال ايام.

وقال الكولونيل الذي وضع علم اسبانيا على كتفيه ان اعلان استقلال كاتالونيا سيكون بمثابة "قطع احدى ذراعي" اسبانيا مشيرا الى وجود "قلق بالغ" من عدم تحرك الحكومة لحل الازمة. واضاف "لا ثقة كبيرة لدي بالحكومة. انها ليست حكومة تتقن استباق الاحداث (...) لا يسع راخوي ان يكون قائدا. في الحقيقة، انه سيئ جدا". وظهرت بوادر خلال الايام الاخيرة لمساع محتملة يبذلها الطرفان لنزع فتيل اسوأ أزمة تعصف بالبلاد منذ جيل، بعدما قدمت مدريد اول اعتذار الجمعة للكاتالونيين الذين تعرضوا لاصابات جراء محاولة الشرطة منع الاستفتاء. لكن الضبابية لا تزال مهيمنة على البلاد، اذ لم يتراجع قادة كاتالونيا عن خططهم لاعلان استقلال المنطقة. في هذا السياق، اكد رئيس اقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون انه لم يجر "اي اتصال" بالحكومة الاسبانية لحل الازمة. وقال لمحطة "تي في 3" الكاتالونية "ملايين الاشخاص صوتوا ويريدون اتخاذ قرار. علينا التطرق الى هذا الامر". واحتشد نحو 5500 شخص بلباس ابيض في ساحة قرب مبنى بلدية برشلونة، بحسب الشرطة. ولوح بعضهم بمناديل بيضاء لكن بلا ايّ أعلام. ومن بين هؤلاء روبين فيدال "41 عاما" الذي قدم مع كلبه ولفّه بعلم ابيض كتب عليه "فلنتحدث" باللغة الكاتالونية. وقال فيدال "لا يمكن ان يتوقعوا بقاء كاتالونيا جزءا من اسبانيا سوى جراء الخوف"، مضيفا ان على الساسة "التحاور او الاستقالة". وتعهد راخوي منع اي تحرك نحو الاستقلال ورفض كل دعوات الوساطة في النزاع الذي اثار قلقا في كل انحاء اسبانيا، بما في ذلك في صفوف لاعبي كرة القدم من فريقي برشلونة وريال مدريد. وقال راخوي في مقابلة نشرها الموقع الالكتروني لصحيفة "ال باييس" ان "اسبانيا ستظل اسبانيا وهي ستبقى كذلك فترة طويلة". وشدد لاحقا على انه في حال تم اعلان استقلال كاتالونيا، فإنّ "هذا الاعلان لن يؤدي الى شيء". واثارت الازمة مخاوف من اضطرابات في المنطقة التي تقع شمال شرق البلاد وتعد نقطة جذب للسياح وتضم 7.5 ملايين شخص وتساهم بخمس الاقتصاد الاسباني. ودعا معارضو الاستقلال الى تظاهرة حاشدة في برشلونة الاحد. وواصلت الشركات والحكومة ضغوطها الاقتصادية على كاتالونيا، واعلنت شركات كبرى عدة نيتها نقل مقارها الى انحاء اخرى من اسبانيا. وكان بوتشيمون سيلقي كلمة امام برلمان الاقليم الاثنين الا انه ارجأها يوما واحدا. ولم يتضح مضمون خطابه، الا ان بعض المسؤولين أملوا في ان يستغل الفرصة لاعلان الاستقلال. وفي حال اعلنت كاتالونيا استقلالها، فيمكن لمدريد الرد عبر تعليق الوضع الحالي للاقليم كمنطقة حكم ذاتي وفرض سلطتها عليها في شكل مباشر. وواصلت الحكومة في مدريد ممارسة الضغوط على كاتالونيا اقتصاديا لاثنائها عن مخطط الانفصال، اذ مررت الحكومة مرسوما يجعل من السهل على الشركات نقل مقارها من اقليم الى اخر. ونشرت الحكومة الكاتالونية الجمعة النتائج النهائية للاستفتاء والتي اشارت الى دعم 90 % من الناخبين فكرة الانفصال عن اسبانيا في اقتراع بلغت نسبة المشاركة فيه 43 %. واشارت استطلاعات صدرت في الاونة الاخيرة الى ان الكاتالونيين منقسمون حيال الاستقلال، رغم ان القادة اكدوا ان العنف الذي حصل اثناء الاستفتاء زاد حجم المعارضة للسلطات المركزية. وتعود مطالبات كاتالونيا، التي تملك لغتها وتقاليدها الخاصة، الى قرون. الا ان هذه المطالبات ازدادت خلال الاعوام الاخيرة على خلفية الازمة الاقتصادية.