نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن المسؤولية المشتركة للحريات الدينية. إن رجال الأمن الذين أصيبوا وكانوا موجودين في موكب العزاء في الديه، بالتنسيق مع الهيئات المركزية للحسينيات والمآتم، لبسط الأمن وتذليل الصعوبات أمام رواد العزاء، فهل نجازيهم بعمل إرهابي جبان يؤدي إلى اصابتهم وتلف مركبة أمنية تابعة لوزارة الداخلية التي لم تدخر جهداً من أجل خدمة رواد مواكب العزاء؟! هل جزاؤهم أن نقول لهم شكراً بزجاجة مولوتوف؟! أو بدلاً من أن نمطرهم بوابل من الشكر، نمطرهم بوابل من الرصاص والقنابل!!

إن من قام بهذا الفعل هم أشخاص خسيسون، لا يراعون مطلقاً لا «دين» ولا «أمن» ولا «جماعة»، فالحريات الدينية كما ذكر صاحب الجلالة حفظه الله وأيده «مسؤولية مشتركة»، فكما نتطلع جميعنا أن تسير مواكب العزاء في أمن وأمان، وألا يتأثر أي أحد بأي ضرر أو شر، فإننا بالمثل نريد أن نقدم الدعم لرجال أمننا البواسل الذي يعملون بجد وإخلاص من أجل تأمين مواكب العزاء في جميع أنحاء البحرين في هذه المناسبة.

إن كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، لدى استقباله رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية والهيئة العامة للمواكب الحسينية كانت كلمة تعكس حرص جلالة الملك على أن تسير جميع المراسم الدينية في البلاد على ما يرام، وأن يحصل كل فرد يعيش على هذه الأرض الغالية على حريته الدينية، ويمارس فيها شعائره الدينية بحرية «مسؤولة» فكما أكد جلالة الملك حفظه الله «إن الحفاظ على هذه المستويات الرحبة من الحريات الدينية هي مسؤولية مشتركة».

كما أوضح جلالة الملك من خلال خطابه السامي أن المجتمع البحريني يحرص على أن تحظى شعائر يوم عاشوراء ومراسم إحيائها بالتقدير والاحترام، وهي «خصوصية» تاريخية تنفرد بها مملكة البحرين ولازالت حتى يومنا هذا، ولله الحمد. مؤكداً جلالته على ضرورة أن نحافظ جميعاً على هذا النموذج المتحضر والحاضن للتعددية الدينية والمذهبية بتعايش وانسجام، وبما يعكس الخلق الرفيع والشيم الأصيلة لأهل البحرين الكرام، واحترامهم لنسيجهم الاجتماعي وعيشهم المشترك على مر العصور.

عشنا جميعاً على هذه الأرض الحاضنة لمختلف الملل والطوائف في وئام وتعايش، حيث يؤمن الجميع بثقافة الاختلاف، وأعتقد أن أحد أسرار نجاحنا كمجتمع هو هذا «التنوع المتجانس»، لهذا يجب علينا أن نحافظ على هذه الميزة وألا نسمح لأي عابث أن يشتت شملنا. عندما يذكر حكيم البلاد سيدي صاحب الجلالة أن الحفاظ على هذه المستويات الرحبة من الحريات الدينية هي «مسؤولية مشتركة» فهي بالفعل مسؤولية مشتركة يتقاسمها الجميع دونما استثناء.

ومن منطلق «المسؤولية المشتركة»، فالشكر واجب لكل من تقاسم هذه المسؤولية وقام بدوره لتقديم كل التسهيلات اللازمة لموسم عاشوراء، حيث شمل التنسيق والتواصل جميع الجهات الرسمية مع 600 مأتم و135 موكباً و15 هيئة عزاء مركزية و340 مضيفاً على مستوى المحافظات الأربع بمملكة البحرين.

ولأن المسؤولية مشتركة فنوجه جزيل الشكر لحضرة صاحب الجلالة ملك البحرين المفدى، الداعم الأول لحرية الأديان والذي يوجه جلالته سنوياً بصرف المكرمة الملكية السامية للمآتم والروضات الحسينية. ونتقدم بالشكر لوزارة الداخلية على جهودها بإشراف مباشر من وزير الداخلية، لتوفير الأمن وتسهيل دخول الخطباء والرواديد والمشاركين إلى جانب تنظيم الحركة المرورية وتأمين المسارات وتوفير الخدمات الأمنية والاحتياجات الضرورية التي تتطلبها إحياء هذه المناسبة والتي شهدت هذا العام نقلة نوعية في توفير سيارات «غولف» لنقل المعزين إلى أماكن مواكب العزاء.

والشكر أيضاً لسائر وزارات الدولة التي لم تألُ جهداً في خدمة مراسم «عاشوراء» كوزارة الصحة والبلديات والكهرباء.

ومن باب المسؤولية المشتركة يتوجب على كل جهة وفرد أن يسأل نفسه «هل قمنا نحن بدورنا في حفظ الحريات الدينية؟؟»، إن أي فرد أو جهة لم يستنكر «قولاً وفعلاً» الحادث الإرهابي الذي صاحب موكب العزاء، لم يساهم بشكل أو بآخر في دوره في حفظ الحرية الدينية، فعندما يفرح أحدهم بإصابة رجل أمن أو يصمت آخر عن إصابة رجل أمن تواجد من أجل حفظ الأمن لرواد موكب العزاء فهم بذلك يشاركون بطريقة غير مباشرة في دعم الإرهاب والتخريب.

عندما يصل الأمر إلى الإرهاب والتخريب وزعزعة الأمن وتشويه المراسم والحريات الدينية يصبح الصمت والتغابي خيانة عظمى!!

إن الحريات الدينية مسؤولية مشتركة، تشترك فيها الدولة والشعب، وهاهي الشواهد تثبت أن الدولة قامت بلعب دورها على أكمل وجه، فليقم كل فرد منا بدوره لصون الحريات الدينية وسائر الحريات التي نحظى بها في مملكة البحرين.