القاهرة - أحمد عطا

كم 28 عاماً تمتلك في عمرك؟ غالباً لن تصل للثالثة وستكون محظوظاً بما فيه الكفاية وتنعم برعاية صحية مميزة لتتجاوزها.. هكذا قضى الشعب المصري أكثر من ثلث عمره ينتظر مشاهدة بلاده تصل إلى كأس العالم منذ رأسية حسام حسن الذهبية في الجزائر في عصر داكن في ملعبها الأشهر القابع بشرق القاهرة.

المصريون مروا بثلاث فترات في تلك السنوات العصيبة.. الأولى كان يدخل فيها المنتخب المصري كمصنف أول في مجموعته التي يفشل في تجاوزها بسبب لحظة عاثرة تأتي غالباً أمام منتخب ضعيف.. في 1994 هزمت مصر ضيفتها زيمبابوي لكن المباراة أُعيدت بسبب "طوبة" طائشة قيل أنها ضربت رأس مدرب الضيوف لُتعاد المباراة في ليون ويهدر مجدي طلبة فرصة الوصول للتصفيات النهائية، قبل أن يقتل جورج ويا آمال المصريين بهدف ماكر خلال ظهور تاريخي للحضري في أول تصفيات كأس عالم له مع المنتخب الذي ترك بطاقة التأهل لنسور قرطاج.



الحضري لم يكن الحارس الأساسي في تصفيات 2002 التي كان يطمح فيها الجوهري ليس فقط إلى التأهل لكأس العالم بل للوصول إلى نصف نهائي البطولة وذلك خلال مقابلة مع مجلة الأهرام الرياضي لكنها كانت تصفيات مجنونة رسخت المرحلة الثانية من تلك السنوات وهي تأهل المنتخب غير المرشح في مجموعة الفراعنة، فتأهلت السنغال آنذاك أعقبتها ساحل العاج في تصفيات 2006 بينما فكت الـ"بووم" لعنتر يحيى الاشتباك بين الجزائر ومصر في ليلة أم درمان الحامية.

دخلت مصر للمرحلة الثالثة وهي مرحلة ما بعد الثورة حيث لا دوري أو بدوري متهالك بدون جماهير فإذا بها تصل للمواجهة النهائية مع غانا وبسجل كامل من النقاط لكنها تعرضت لصاعقة سداسية قضت على ما تبقى من الجيل الأفضل في تاريخها.

يقولون إنه لا يفل الحديد إلا الحديد، لكن ربما يمكن تعديلها إلى لا يفل النحس إلا النحس.. مصر المنحوسة في تصفيات كأس العالم تتعاقد مع هيكتور كوبر عاشق الفضيات والرجل الذي أفنى عمره وهو مجبر على الوصول للمباريات النهائية ليشاهد آخرين يتوجون بالألقاب.. معادلة جهنمية صنعت بهجة الوصول لصدارة طال انتظارها قبيل الجولة قبل الأخيرة.

غانا تقدم خدمة جديدة للفراعنة وتتعادل مع أوغندا ليصير كل ما على أصحاب الصدارة الفوز على الكونغو ويا لها من مهمة تبدو سهلة!

ومع ضغط الأعصاب وتأخر التسجيل تحولت المهمة لما يشبه جر شاحنة ثقيلة بأسنانك لكن ربما كان هذا الأمر جميلًا عندما تتذكره وأنت تقرأ هذا السطور فلو كانت مباراة سهلة لربما لم يكن هذا السيناريو بنفس هذا المذاق الرائع والذي يجعل الدماء تغلي في العروق وهو شيء لا تفعله أشياء أخرى كتلك المجنونة التي اجتمعنا على حبها.. كرة القدم.