جعفر سلمان كاتب وروائي بحريني استطاع أن يبحر بنا في عالم البشر الذين لا نعرف شيئاً عنهم في روايته الأولى "أشباه البشر"، رغم تعايشنا معهم، وأبهرنا بروايته الثانية "في خمس دقائق" التي تتحدث عن مسألة التعصُّب الدينيّ، وظاهرة الإلحاد التي ظهرت في مجتمعنا مؤخراً.. وأخيراً وليس آخراً رواية "سوفانا" التي نشرت مؤخراً في معرض الأيام للكتاب، وهي رواية يغلب عليها طابع الغموض وشيء من الرومانسية.

ويقول سليمان عبر روايته، إن هناك حاجة إلى تنمية الروح الإنسانية لدى الإنسان، وغرس الأخلاق في سلوك البشر. وأضاف "أن مشكلتنا الأولى والأخيرة هي مشكلة الإنسان نفسه".

* لماذا "سوفانا"؟


- "سوفانا" اسم عربي أنثوي قديم اختفى، ولعل آخر شخصية ذكرت بهذا الاسم هي ابنة حاتم الطائي، الاسم يذكرني بشخص شبيه لشخصية "سوفانا" الحقيرة والمتعجرفة في الرواية.

* ماهي الفكرة التي تحملها الرواية؟

- الأخلاق والطريقة الصحيحة للتعامل مع الآخرين.. لدينا مشكلة كبيرة في المجتمعات بشكل عام حيث يتم التركيز على الصلاة والصوم والعبادات وينسى ماهو أهم وهو الأخلاق وخصوصاً الأخلاق مع الآخرين.

* هل كانت تجربة "في خمس دقائق" حقيقية؟

- التجربة فعلاً كانت حقيقية، أما النتائج فهي دائما مشابهة لما حدث في عالم الرواية.

هي تجربة أستطيع وصفها بالخطيرة، ولكن كنا نفعلها حين كنا صغاراً في عمر الـ 15 سنة، ظناً منا أنها تزيد من الإحساس بالرجولة أنذاك، وأغلب من عاش هذه التجربة رأى ولو جزءاً بسيطاً مما حدث في الرواية وأنا متأكد أن هناك أشخاصاً لايزالون متأثرين بسبب هذه التجربة.

* من أين تستلهم أفكار رواياتك؟

- أنا قضيت 22 سنة من عمري في السفر، وذهبت إلى بلدان كثيرة ولطبيعة عملي السابق كنت ألتقي من غير مبالغة بمليون شخص وأتحدث معهم، وهذا هو أكبر مصدر للروايات، قصص الآخرين وتجاربهم.. حيث مرّ علي الكثير من الحالات الإنسانية، وأغلب الروايات التي أكتبها لها علاقة بالواقع بشكل كبير.

* لمن تقرأ من كبار الروائيين؟

- أنا في الواقع لست قارئاً نهما، كنت أقرأ للمغربي محمد شكري.

اهتمامي بالرواية ضعيف جداً ولكن لا أعرف كيف اتجهت لهذا المجال ولكنني أرتاح له.

* ماهي طقوسك وقت الكتابة؟

- قال ضاحكاً: لا توجد لدي طقوس معينة، مجرد سيجارة وكوب قهوة والهدوء طبعاً.

* ذكرت في مقابلة سابقة أنه لا يزال لديك العديد من الروايات المعلقة وغير المنشورة، لماذا يا ترى؟

- أولاً لا يوجد وقت، وثانياً لا توجد دار نشر تنشر لي أكثر من كتابين في السنة الواحدة، حيث لدي 4 روايات بحاجة إلى إعادة صياغة وعدة أعمال متوقفة في المنتصف.

* لماذا اخترت دار نشر كويتية؟

- أولا أن دور النشر الكويتية هي المسيطرة حالياً على السوق الخليجي، وثانيا وبكل اختصار لا توجد دار نشر بحرينية، عدا جريدة "الأيام" ولكنها ليست مثل دور النشر المتخصصة في هذا المجال.

* هل تعتقد أن قلة عدد دور النشر في البحرين هو من أسباب قلة عدد الكُتاب البحرينيين؟

- توجد أسباب كثيرة ومن أهمها أنه لا يوجد هناك دعم، وأقصد بالدعم هنا ليس المادي بل الإعلامي وما شابه.

بالإضافة إلى أن الحركة الثقافية بالبحرين في 2016 كان عدد الروايات المنتجة 5 وعدد الكتب التي كتبت في النقد الروائي 8.. فالكثير من الأشخاص يتخصصون في النقد، ولكن النقد بالأساس ليس حالة إبداعية أبدا، بل هو رد فعل على حالة إبداعية، والأكيد أنه لدينا مشكلة في الوسط الثقافي تؤدي إلى عزوف المبدعين عن الكتابة خوفاً من النقد.

* هل للرواية العربية طاقه لتتحول إلى فيلم سينمائي؟

- بالطبع، ولكن الإنتاج السينمائي العربي ضعيف جداً وربما مصر هي الوحيدة التي تنتج أفلاماً.. وأعتقد أنه توجد محاولات بسيطة في الكويت.

* هل تطمح لإنتاج رواية تصلح لفيلم؟

- لا يوجد أي كاتب لا يطمح إلى أن تتحول روايته أو أي عمل يصدره إلى فيلم أو مسلسل، ولكن توجد روايات من طريقة صياغتها لا تصلح لفيلم، وعلى سبيل المثال "في خمس دقائق" بحاجة إلى تصوير في أماكن مختلفة ومعدات كثيرة وتكاليف ضخمة وهو أمر لا يقدر عليه الإنتاج السينمائي العربي.

* ما هي القضايا التي تجد أن المجتمع العربي ككل في حاجة إلى كاتب يطرحها ؟

- مشكلتنا الأولى والأخيرة هي مشكلة الإنسان نفسه.. لدينا اهتمام بكل شيء مثل الثقافة والصناعة والتجارة، ولكن تركنا مسألة الإنسان لرجال الدين، ومن وجهة نظري للأسف المصيبة الكبرى في هؤلاء، حيث لا أتذكر أنني رأيت شيخ دين يدعو إلى الالتزام بقواعد المرور مثلاً، أو يحث الناس على قول كلمة شكرا إلى شخص ضعيف. فنحن بحاجة إلى تنمية الروح الإنسانية لدى الإنسان، وإلى غرس الأخلاق في سلوك البشر.

* هل تعتقد أنه يجب أن تصنف الكتب كما يتم تصنيف الأفلام؟

- نعم، أنا أتفق بشدة مع تصنيف الكتب للفئة العمرية المناسبة، إذ يوجد الكثير من الكتب لا تصلح لمن هم دون الـ18 سنة.

* كتبك تصنف إلى أي فئة عمرية؟

- كتابي "في خمس دقائق" لا يباع على من هم أقل من 18 سنة، لا لسبب وجود حوارات تخدش الحياء أو الآداب ولكن لا أريد لطفل صغير أن يظن نفسه عالما ويناقش ملحداً! عادة ما أستهدف فئة الجامعيين فما فوق.

* ما هو رأيك في الكُتاب الذين هم دون الـ18 سنة؟

- من الصعب أن ينتج ولو أنتج كتاباً واحداً ونجح فيه فاعتبر الأمر صدفة أو كما ندعوها بالـ( طفرة )، لأن العادة أن يكون مخزون الكاتب أمرين أساسيين هما القراءة والخبرة في الحياة.

الخبرة في الحياة تأتي في سن الـ22 سنة وأكثر ومخزون القراءة لا يكون بقراءة روايتين أو ثلاث بل بالقراءة في شتى المجالات مثل الفلسفة والتاريخ والمنطق وكذلك قراءة البحوث ورسائل الدكتوراه وما شابه ذلك.

أنا بالطبع أشجع الذين كتبوا أو حاولوا الكتابة ولكن لن أكذب عليهم لأنهم لازالوا بحاجة إلى خبرة أكثر في الحياة وقراءة أعمق.

* من وجهة نظرك هل ترى أن كتابة الرواية في حاجة إلى تخصص جامعي ودراسة؟

- أبداً، كتابة الرواية تحتاج قدرة على الخيال وقدرة على تصور المشهد في العقل وتحويله إلى كلمات بحيث إن القراء يتمكنون من رؤية نفس المشهد الذي رأيته حينها، فمن فقد خياله فقد قدرته على الكتابة.

* من برأيك الكتاب البحرينيون المظلومون إعلامياً ولم يسلط عليهم الضوء رغم إبداعهم ؟

- قال ضاحكاً: جعفر سلمان، بكل صراحة علاقتي ضعيفة جدا بالكتاب البحرينيين لأن عددنا قليل ولكن أعرف من هم معي في دار النشر "محمد الواعظ وفاطمة الصحاف"، ولكن لم يذكرهم الإعلام قط.. إضافة إلى الكاتبة البحرينية رباب النجار مؤلفة كتاب "زناب" الرائع ولكن لا أرى أي دعم إعلامي لها.

* روايتك الجديدة التي سترى النور في إبريل القادم إن شاء الله.. حدثنا عنها

- روايتي الجديدة مختلفة جدا وسيكون السرد مختلفاً جدا، حيث لا يوجد بها طابع الغموض والتشويق أو حتى النهايات غير المتوقعة.

هي رواية "زنجبار"، و"زنجبار" هي بلد في جزيرة أفريقيا.. ستكون كل أحداث القصة واقعية وهي عن شخص سافر إلى زنجبار في بداية التسعينات ويدون ما رأى .. فهي ستكون من أدب الرحلات مع معلومات تاريخية.