اختتمت أعمال الدورة التدريبية حول بناء القدرات التفاوضية في اتفاقيات التجارة الحرة، التي نظمتها وزارة المالية بالتعاون مع صندوق النقد العربي ومنظمة التجارة العالمية وشارك فيها 31 من المختصين بوزارات المالية والصناعة والتجارة والاقتصاد وعدد من الجهات المعنية في مملكة البحرين و13 دولة عربية.

وأكد وكيل وزارة المالية عارف صالح خميس لدى توزيعه شهادات اجتياز الدورة على المشاركين ثقته في أن هذه الفعالية ستساهم بصورة مباشرة في تعزيز مهارات المفاوض العربي المتمرس والقادر على تحقيق مصلحة بلده أو التجمع الإقليمي الذي يمثله، داعياً المشاركين إلى التحضير الجيد قبل الدخول في عملية التفاوض الخاصة بالتبادل الحر، والإلمام الكامل بالقوانين ذات العلاقة سواء في بلادهم أو لدى الطرف الآخر، مع الدخول بخيارات محددة سلفاً تتدرج من السقف الأعلى إلى الحد الأدنى الذي لا يمكن قبول أي عرض أقل منه، ومنوهاً بالباع الطويل للمملكة في ميدان التجارة على مر العصور، وبحرص دول مجلس التعاون بصفة عامة على تعميق هذا الجانب.


وأشاد خبير بناء القدرات التفاوضية في الاتفاقيات التجارية البروفيسور ديكسون يبواه بمنظمة التجارة العالمية والمحاضر في الدورة بالأداء الراقي للمشاركين عبر جلسات التفاوض الافتراضية التي تضارع المفاوضات الحقيقية التي تتم في جنيف، ذاكراً أنه كقاعدة عامة، فإن كافة القطاعات مهمة في عمليات المفاضلة بين الخيارات التجارية المتاحة، ولكن على مستوى المنطقة العربية، فإن هناك أهمية خاصة لقطاعي الخدمات المالية والاقتصاد الرفمي.

وحول الموضوع الذي يتعين أن يكون أولوية أساسية لأي مفاوض عربي بصدد الدخول في مفاوضات تجارة حرة قال ديكسون يبواه إن هناك عناصر عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر العمل على الوصول إلى أرضية مشتركة بين مصالحك ومصالح الطرف الآخر، والتشاور المستمر مع المعنيين في بلده بما في ذلك القطاع الخاص والجهات الحكومية والصناع والمنتجين وغيرهم.


ومن جانبهم أعرب المشاركون عن سعادتهم البالغة للحصول على هذه الفرصة، وقال عبد الرحمن الخربوش، عن وزارة المالية بالمملكة العربية السعودية، إن الدورة جاءت في وقتها وتلبي احتياجات حقيقية، معرباً عن ثقته التامة في أن المفاوض العربي متى ما توافر له التدريب الجيد سيكون من أفضل المفاوضين.

وأوضح الخربوش أن التجارة الحرة في جوهرها تعتمد على فكرة أن كل بلد يتخصص في الشيء الذي لديه فيه ميزة نسبية، الأمر الذي يتيح استخدام الموارد العالمية بكفاءة، مؤكداً أنه متى ما كانت للدولة رغبة حقيقية في المنافسة فإن الرغبة تتبعها القدرة، أما وضع الحواجز الجمركية والإدارية فهو حل مؤقت وغير ذي جدوى، حيث أثبتت التجربة أن أفضل الاقتصادات هي تلك التي تأخذ بمبدأ المنافسة وفتح الأسواق وحرية التجارة.


وذكرت جويل إلياس وزينة الحركة (وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية) أن الدورة أتاحت التعرف بصورة قريبة جداً من الواقع على النماذج المعتمدة التي يؤخذ بها في المفاوضات التجارية الحقيقية، مشيرتين إلى أن التحدي الحقيقي في هذا النوع من المفاوضات هو أنه طبقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية فإن أي تنازل تقدمه دولة إلى دولة أخرى يطبق بصورة أوتوماتيكية على باقي الدول الأعضاء، ومن ثم فإن التفاوض حول تحرير التجارة بين دولتين وإن كان يتم بصورة ثنائية إلا أن انعكاساته ذات طابع دولي، ومن هنا أهمية الإعداد الجيد والاستعداد الكامل للتعامل مع أية عروض أو مطالب يبديها الطرف الآخر.

فيما نوهت روضة بنت رجب التومي (معهد القدرة التنافسية والدراسات الكمية التابع لوزارة الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي في تونس) بالأثر المتميز للدورة مقارنة بفعاليات مشابهة شاركت فيها من قبل، خاصة فيما يتعلق بما شملته من عمليات تفاوض افتراضية قسم فيها المشاركون إلى فرق تفاوضية بعضها يمثل دولاً نامية والبعض الآخر يمثل دولاً متقدمة، وهو ما ساهم بصورة مباشرة في تحسين وإثراء قدراتهم التفاوضية، مؤكدة على الأثر الإيجابي للدورة التدريبية بالنسبة إليها بصفة شخصية بالنظر إلى كونها عضواً في لجنة تعنى بالتفاوض لإنشاء منطقة للتبادل الحر المعمق والشامل بين بلادها والاتحاد الأوروبي، حيث إن منطقة التبادل الحر القائمة بين الجانبين في الوقت الحالي تقتصر على المنتجات الصناعية فقط.

بينما أوضح مدير مديرية الإعفاءات بدائرة الجمارك الأردنية موسى مصلح أن هذا التجمع مثل فرصة نادرة لم تكن متاحة لجميع المشاركين، منوهاً بالجانب العملي الخاص بالدخول في مفاوضات افتراضية على غرار المفاوضات الحقيقية، تماماً كما يتم في عمليات الطيران التشبيهي عبر أجهزة المحاكاة على الأرض.

وأشار مصلح إلى أن موضوع "التحرير" مثل محوراً دائماً للنقاش في الأردن خلال الفترة التي سبقت انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2004، وحتى الآن لم يخفت الصوت حيال الموضوعات ذات الصلة بالمنظمة لأن المفاوضات بطبيعتها مستمرة عبر جولات متتابعة وصولا إلى التحرير الكامل للتجارة.