بغداد - (أ ف ب): صعدت الحكومة العراقية الاحد لهجتها متهمة الأكراد بالسعي "لإعلان الحرب" مع وجود عناصر من حزب العمال الكردستاني التركي في كركوك الذي تعتبره انقرة وواشنطن منظمة "ارهابية". واعلن المجلس الوزاري للامن برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان ان وجود "مقاتلين" هو "تصعيد خطير" و "اعلان حرب" وحذر من "عناصر مسلحة خارج المنظومة الامنية النظامية في كركوك (...) واقحام قوات غير نظامية بعضها ينتمي الى حزب العمال الكردستاني التركي". واعتبر ذلك "تصعيدا خطيرا لا يمكن السكوت عنه وانه يمثل اعلان حرب على باقي العراقيين والقوات الاتحادية النظامية". واتهم المجلس القوات "التابعة لاقليم كردستان" بانها "تريد جر البلاد الى احتراب داخلي من اجل تحقيق هدفها في تفكيك العراق والمنطقة بغية انشاء دولة على اساس عرقي". واكد ان "الحكومة الاتحادية والقوات النظامية ستقوم بواجبها في الدفاع (...) عن سيادة العراق ووحدته بالتعاون مع المجتمع الدولي". الا ان مسؤولين اكرادا نفوا وجود حزب العمال الكردستاني في كركوك، في حين اشار احدهم الى وجود "متعاطفين" مع هذا الفصيل. وقال الامين العام لوزارة البشمركة جبار ياور "لا توجد قوات لحزب العمال الكردستاني لكن هناك بعض المتطوعين الذين يتعاطفون معه". وياتي ذلك بعد ان اعلن قادة الحزبين الرئيسيين في اقليم كردستان العراق الاحد رفض الشرط الذي تضعه حكومة بغداد للتفاوض مع اربيل لمعالجة الازمة والمتمثل بالغاء الاستفتاء حول استقلال الاقليم. واجتمع قادة الحزبين الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني في منتجع دوكان الواقع في محافظة السليمانية. واستمر الاجتماع 4 ساعات، وجمع قادة بينهم الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني. واكد البيان الختامي ان "القوى الكردستانية لديها استعداد كامل للحوار بدون شرط على اساس المصالح بين بغداد واربيل ووفقا لمبادىء الدستور". وكرر العبادي شرط حكومته الغاء الاستفتاء الذي اجري بهدف استقلال الاقليم في 25 سبتمبر، لفتح باب الحوار لمعالجة الازمة. لكن "الاجتماع اصر على معالجة جميع المشاكل بالحوار وبدون شرط"، وفقا للبيان. وطالب "المجتمعون ان تكون المفاوضات بين الاقليم وبغداد بمشاركة جهات دولية لمراقبة عمليات المفاوضات" معتبرين ذلك "بانه من مصلحة الجميع والقوى السياسية في العراق وكردستان"، وفقا للبيان. كما اشار البيان الى ان "التدخلات العسكرية أو تحريك القوات او التهديد والوعيد ستؤدي الى مزيد من الخوف على العلاقات بين الاقليم وبغداد وهذه التدخلات ستشكل تهديدا لاي جهد جدي لحل المشاكل بطرق سلمية". وتواصل قوات الحكومة المركزية الانتشار في مناطق واسعة في محافظة كركوك، المتنازع عليها، بمواجهة قوات البشمركة الكردية، دون مواجهات. وساءت العلاقات بين الاقليم وبغداد، بعد اجراء الاستفتاء الذي رفضته بغداد، ويؤكد العبادي انه لا يريد حربا ضد الاكراد. وكان الاكراد والحكومة العراقية اعلنوا الأحد منح انفسهم مهلة 24 ساعة لمعالجة الازمة عبر الحوار تجنبا لمواجهات عسكرية بين الطرفين اللذين يواصلان حشد قواتهما العسكرية في محافظة كركوك الغنية بالنفط. وذكر عبد الله عليوي احد مستشاري معصوم الذي يرافقه الاحد ان الرئيس العراقي سيقدم "مشروعا"، مكتفيا بالقول ان الرئيس يعتمد "على الحوار من اجل تجنب الصراع والعنف". وفيما يحاول المسؤولون السياسيون استئناف لغة الحوار، يواصل آلاف المقاتلين الاكراد وآخرون من قوات الحكومة الانتشار بمواجهة بعضهم البعض في مناطق كركوك. وشاهد أحد مصوري فرانس برس في ساعة مبكرة من صباح الأحد قوات عراقية تواصل حشد مقاتليها في مواقع مواجهة لقوات من البشمركة لم تبرح مواقعها. وتطالب الحكومة المركزية الاقليم بتسليمها المواقع التي سيطر عليها الاكراد خلال احداث عام 2014. وحينها، اغتنمت البشمركة الكردية انهيار القوات الاتحادية خلال الهجوم الواسع الذي شنه تنظيم الدولة "داعش"، وسيطر خلاله على مساحات واسعة من العراق، لتفرض سيطرتها بالكامل على مدينة كركوك وحقول النفط في المحافظة. وما لبثت سلطات اقليم كردستان ان حوّلت مسار الانابيب النفطية في كركوك الى داخل الاقليم لتصدير الذهب الاسود بدون موافقة بغداد. كما سيطرت على مناطق أخرى في محافظات مجاورة. على صعيد اخر، نفت طهران ما اعلنه مسؤول كردي من أنها اغلقت الأحد 3 معابر حدودية مع كردستان العراق. وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي "ليس هناك اي قرار جديد" يقضي باغلاق المعابر مع الاقليم الكردي. واضاف ان "الحدود البرية مفتوحة مع اقليم كردستان العراق وفقط حدودنا الجوية مغلقة "منذ 24 سبتمبر"، بطلب من الحكومة المركزية العراقية". وكان مسؤول كردي اكد في وقت سابق الاحد ان طهران اغلقت 3 معابر مع الاقليم تستخدم لعبور الاشخاص والبضائع.

لكن يبقى الهاجس الاكبر لدى السياسيين والاهالي وحتى المقاتلين هو فشل لغة الحوار والاحتكام الى قوة السلاح. وليل السبت الأحد احتشد مدنيون اكراد في مدينة كركوك حاملين السلاح، فيما حذر المحافظ نجم الدين كريم الذي اقالته بغداد بعدما اعلن الولاء لسلطات الاقليم التي ابقته في منصبه، من ان "السكان سيساعدون البشمركة (...) لن ندع أي قوة تخترق مدينتنا". وتشدد بغداد على انها لا تريد "شن حرب"، وتؤكد انه من "واجب " قواتها ان تستعيد سيطرة الحكومة المركزية على مناطق انتشار البشمركة التي تأتمر حصرا بأوامر السلطات الكردية. وتعيش الحكومة العراقية مصاعب اقتصادية منذ انخفاض اسعار النفط الذي يشكل المورد الرئيسي لميزانية البلاد التي تقاتل منذ 3 سنوات ونيّف تنظيم الدولة "داعش". وتريد بغداد استعادة السيطرة على 250 الف برميل يوميا تنتج من ثلاثة حقول في كركوك، هي خورمالا الذي يسيطر عليه الاكراد منذ عام 2008، وهافانا وباي حسن اللذان سيطروا عليهما بعد عام 2014. وفي الوقت ذاته، فان اقليم كردستان الذي يشهد أسوأ ازمة اقتصادية يرى في فقدانه هذه الحقول خسارة لا تحتمل كونها تنتج 40 % من صادراته النفطية.