* قوات خاصة تلقت تدريباً أمريكياً تشارك في العملية

* البنتاغون يحث الجانبين على تجنب "الأعمال التصعيدية"

* تأجج الصراع في أعقاب استفتاء الأكراد على الاستقلال



عواصم - (وكالات): انتزعت قوات الحكومة العراقية السيطرة على مدينة كركوك التي كانت خاضعة لسيطرة الأكراد الاثنين في رد عسكري جرئ وخاطف يغير ميزان القوى في البلاد بعد استفتاء أجراه الأكراد على الاستقلال الشهر الماضي.

وقال سكان إن رتلا من المركبات المدرعة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب الذي دربته الولايات المتحدة سيطر على مبنى المحافظة وسط كركوك بعد ظهر الاثنين بعد أقل من يوم من بدء العملية.

وقال السكان إن نحو 12 سيارة مدرعة وصلت إلى المبنى وتمركزت في مواقع قريبة مع الشرطة المحلية. ونزعت القوات العلم الكردي وتركت علم العراق.

ولم يعلن أي طرف عددا لقتلى أو جرحى بالعملية. لكن منظمة مساعدات تنشط في كركوك قالت إن عددا من أفراد قوات البشمركة والقوات العراقية قتلوا في اشتباك الأحد جنوب كركوك كان الاشتباك الخطير الوحيد الذي وردت بشأنه أنباء.

وفر بعض المدنيين الأكراد خشية تعرضهم لأعمال انتقامية. واحتفلت حشود من التركمان، الذين يعارضون سيطرة الأكراد على المدينة التي يقطنها قرابة المليون نسمة، وقادوا سياراتهم في قوافل رافعين علم العراق وأطلقوا النار في الهواء.

وقال رجل كان يحتفل على دراجة نارية ملوحاً بعلم التركمان ذي اللونين الأزرق والأبيض "هذا اليوم يجب أن يكون عطلة.. نحن سعداء للغاية بالتخلص من حزب بارزاني" في إشارة إلى الزعيم الكردي مسعود بارزاني.

وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي برفع علم العراق في كركوك وأي مناطق أخرى متنازع عليها بين الحكومة المركزية والأكراد الذين تحدوا بغداد بإجراء استفتاء على الانفصال يوم 25 سبتمبر.

وقالت بغداد إن تقدمها لم يواجه مقاومة تذكر وناشدت قوات الأمن التابعة لإقليم كردستان العراق والتي تعرف باسم البشمركة أن تتعاون معها في حفظ السلام. وقالت البشمركة إن بغداد ستدفع ثمنا باهظا لشنها حربا على الأكراد.

ودعت واشنطن الجانبين إلى الهدوء ساعية لتجنب صراع مفتوح بين بغداد والأكراد من شأنه أن يفتح جبهة جديدة في الحرب الأهلية الدائرة منذ 14 عاماً في العراق وربما تنزلق فيه قوى إقليمية مثل تركيا وإيران.

والحملة العسكرية التي بدأت أثناء الليل هي أقوى خطوة اتخذتها بغداد حتى الآن لتعطيل محاولة الاستقلال التي تراود الأكراد الذين يحكمون أنفسهم في منطقة حكم ذاتي داخل العراق منذ سقوط حكم صدام حسين في 2003 وصوتوا لصالح الاستقلال في الاستفتاء قبل 3 أسابيع.

وتقع كركوك وهي مدينة متعددة الأعراق والأديان خارج الإقليم الكردي مباشرة. ويعتبرها الأكراد قلب وطنهم ويقولون إن صدام أخرج الأكراد منها ووطن العرب لتأمين السيطرة على النفط المصدر الرئيسي لثروة العراق.

وقال التلفزيون الحكومي إن القوات العراقية دخلت أيضاً طوز خورماتو وهي بلدة متوترة شهدت اشتباكات بين الأكراد وتركمان.

ونقل همين هورامي مساعد الزعيم الكردي مسعود بارزاني عن القيادة العامة لقوات البشمركة الكردية قولها في بيان إن حكومة العبادي تتحمل مسؤولية شن حرب على الشعب الكردي وستدفع ثمناً باهظاً.

وقال أب كردي لأربعة أطفال وهو يقود سيارة خارجا من كركوك صوب أربيل عاصمة كردستان "لم نعد نشعر بالأمان. نأمل في العودة إلى منزلنا لكن نشعر الآن أن من الخطر البقاء هنا".

وأفاد بيان للسفارة الأمريكية بأن واشنطن، التي تدرب وتسلح كل من القوات الاتحادية العراقية وقوات البشمركة الكردية في قتال تنظيم الدولة "داعش"، دعت "كل الأطراف إلى التوقف فوراً عن الأعمال العسكرية واستعادة الهدوء".

وقال البيان "يظل "داعش" هو العدو الحقيقي للعراق ونحن نحث كل الأطراف على الحفاظ على تركيزها على استكمال تحرير بلادها من هذا الخطر".

وأسهم التحرك العسكري في كركوك في دفع أسعار النفط العالمية للارتفاع الاثنين. وأوقفت حقول نفط قريبة من كركوك الإنتاج لكن بغداد قالت إن الإنتاج سيستأنف سريعا. وقال مسؤول كبير بوزارة النفط العراقية لرويترز "لدينا تأكيد من القادة العسكريين بأن الأمر لن يستغرق وقتا".

وتابع "قواتنا الباسلة ستستعيد السيطرة على جميع حقول النفط في كركوك ثم تستأنف الإنتاج على الفور".

وتعتبر بغداد استفتاء الاستقلال الذي أجراه الأكراد الشهر الماضي غير قانوني خاصة وأنه أجري ليس فقط في منطقة الحكم الذاتي ولكن في أراض خارجها بشمال العراق منها كركوك ومناطق سيطرت عليها البشمركة بعد أن أخرجت مقاتلي تنظيم الدولة "داعش"، منها.

وتعارض إيران وتركيا المجاورتان مساعي أكراد العراق للاستقلال. وناشدت واشنطن، لكن دون جدوى، الأكراد الذين تحالفوا معها على مدى عشرات السنين ألا يجروا الاستفتاء قائلة إنه قد يؤدي إلى حرب وإلى تفكك العراق.

وكانت هناك دلالات على صراع داخلي بين الأكراد الذين انقسموا لعقود إلى فصيلين رئيسيين، هما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني رئيس حكومة الإقليم والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتزعمه منافسه جلال طالباني الذي شغل منصب رئيس العراق من 2003 إلى 2014 وتوفي قبل نحو أسبوعين.

ويسيطر كل من الحزبين على وحدات من البشمركة خاصة به. ويؤيد الحزب الديمقراطي الكردستاني بقوة استفتاء الاستقلال بينما كانت بعض شخصيات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أكثر حذراً.

واتهم بيان البشمركة مجموعة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني بالخيانة لمساعدتها تقدم قوات الحكومة المركزية.

وقال مسؤولون عراقيون إن الأكراد انسحبوا دون قتال لكن مسؤولين من الأكراد قالوا إن قوات البشمركة اشتبكت مع قوات الحشد الشعبي وهي فصائل أغلبها شيعية دربتها وسلحتها إيران وتعمل إلى جانب القوات العراقية النظامية.