أكدت مصادر طبية وأمنية ارتفاع عدد ضحايا العملية الإرهابية الجبانة التي وقعت قبل أيام بالعاصمة الصومالية مقديشو إلى 231 قتيلاً وأكثر من 275 مصاباً. هذا الانفجار الإرهابي الخطير يعد من أبشع الانفجارات التي طالت مقديشو منذ نحو عشرة أعوام. أشلاء مبعثرة على الطرق وفوق الجدران، وأجساد مقطعة، ومناظر مؤلمة وفجيعة لأطفال ونساء ورجال كلهم راحوا ضحية هذه العملية الإرهابية الجبانة. تشير التقارير الأولية إلى أن حركة الشباب بالصومال والتي تستمد فكرها من فكر القاعدة هي من تقف خلف هذا التفجير.

لم تكن مدينة العريش بمصر بعيدة عن هذه العمليات الجبانة التي تزامن وقوعها في ذات التوقيت تقريباً، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الإرهاب متصل بعضه ببعض وأنّ أيادي خفية تدير هذه المشاريع الإرهابية عبر القارات والدول بشكل منظم.

لا مجال أمام الدول العربية والإسلامية اليوم من أمر سوى وقوفها في خندق واحد لمحاربة الإرهاب العالمي، وأن تقطع دابره بحزم وعزم، فمكافحة الإرهاب لم تعد خياراً ترفياً أو هامشياً في استراتيجيات الدول وإنما باتت حاجة ملحة كلما تمدد واستفحل وجوده داخل الدول العربية بشكل مريب، ولهذا سيكون على دولنا أن تنهض في هذا الاتجاه وتتكاتف لمواجهة خطره، فكل الخيارات مفتوحة أمام الإرهابيين حين يضيق عليهم الخناق، وعليه ستكون كل خيارات الدول متاحة أيضاً في محاربته، أمَّا السكوت عنه والاطمئنان للأوضاع المستقرة حالياً فإنها لا تشي بشيء من الأمن والحكمة، فالإرهاب يغدر ويفجر في الدول العظمى ذات القوة المخابراتية والعسكرية فكيف سيكون نتاجه في الدول الغافلة عنه؟

على الدول العربية أن تدعم الحكومة الصومالية في محاربتها الإرهاب كما عليها الوقوف مع جمهورية مصر العربية وكل الدول التي استهدفها هذا الطاعون في الآونة الأخيرة ودعمها بكل أشكال الدعم المطلوب، أمَّا الدول غير المتضررة حتى هذه اللحظة من الجماعات الإرهابية فعليها أن تكون أكثر جاهزية من الناحية العسكرية والأمنية، والأهم من ذلك هو تجفيف منابع الإرهاب ومحاربة مموليه والعمل على مراجعة مناهجنا الدينية واستبدالها بمناهج وطنية تدعو إلى التسامح ونشر المحبة ومحاربة قيم الكراهية وتطوير وتجديد الخطاب الديني التقليدي الذي يدعو لنبذ الآخر ومحاربته، كما على دولنا إقصاء كل خطيب أو رجل دين متطرف يدعو الناس لأدنى مستويات الغلو والتطرف من على منابر المساجد وغيرها، وأن يكون خيارنا الأول للحلِّ هو في تغيير مناهجنا بما يتوافق والشريعة السمحاء ولا خيار أمامنا سوى مسلك الاعتدال.