تتعدد أشكال العمل التطوعي وتعريفه حسب منظور كل جهة أو باحث إلا أنها تتلاقى في الجوهر الحقيقي له، وعموماً يمكن تعريف العمل التطوعي حسب دار النشر الدوري «Annual Reviews» بالولايات المتحدة الأمريكية بأنه «نشاط يتسم بحب مساعدة الآخرين حيث يقدم الفرد أو المجموعة خدمات دون كسب مالي لصالح شخص آخر أو مجموعة من الأفراد». كما نجد أن العمل التطوعي عنصر أساس في عادات وتقاليد وأخلاق مجتمعاتنا، بل إن ديننا الإسلامي الحنيف قد حث عليه واعتنى به. وعند الحديث عن العمل التطوعي فإنه من المهم التطرق إلى دوافع وجوده وممارسته، فعلى سبيل المثال، المشاكل التي يعاني منها أي مجتمع من المجتمعات تكون دافعاً لأعمال تطوعية تسهم في حل هذه المشاكل وتقليصها، وأيضاً يبلغ مستوى أهميته لأقصى حد عند الأزمات والكوارث التي تمر بها أي بلد من البلدان لتشكل هذه الأعمال التطوعية عنصراً حيوياً لا يمكن الاستغناء عنها. ولا تقتصر دوافع العمل التطوعي على المشاكل بل هناك أسباب أخرى مهمة كإفادة ونفع الغير في مجالات حياتية عدة.

لقد اتخذ العمل التطوعي في وقتنا الراهن أشكالا متقدمة ومتطورة عن السابق، ففي مملكة البحرين دعمت قيادتنا الحكيمة تأسيس الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني لتكون بذلك قطاعاً أساسياً إلى جانب باقي القطاعات وعنصراً فعالاً في بناء ونهضة البحرين الحديثة، هذه الجمعيات الأهلية والمؤسسات تقوم على أساس العمل التطوعي بأن يبذل القائمين عليها أوقاتهم وجهودهم وأفكارهم لإيصال رسالة وأهداف تلك الجهات للمجتمع.

وقد انتشرت ثقافة العمل التطوعي في مملكة البحرين لمختلف القطاعات ومنها الجهات الحكومية والجهات الخاصة كالشركات والبنوك ومؤسسات المجتمع المدني بل وحتى المجموعات التطوعية، وازداد الطلب على المتطوعين، كما ازدادت الحاجة لتنفيذ أعمال ومشاريع تطوعية تخدم الأفراد والمجتمع ككل. وبالنظر لأهمية العمل التطوعي وفوائده والمشاكل التي تعالج من خلاله وتنامي ثقافته، تبرز الحاجة لإيجاد منصة إلكترونية تكون بمثابة الإطار العام لتنظيم العمل التطوعي وإدارته، كما هو الحال مع جميع الخدمات المختلفة التي تحقق تطوراً هائلاً عبر جعلها إلكترونية.

إن وجود منصة إلكترونية تكون بمثابة بوابة الدخول لعالم العمل التطوعي يحقق نقلة نوعية في خدمة المجتمع وذلك عبر أهم مورد بشري يسهم في تنميته ونهضته ألا وهم المتطوعين، فهذه المنصة لا تخدم عمل تطوعي واحد فحسب بل تخدم جميع الأعمال التطوعية التي تكون جزءاً من المنصة، فبتكوين قاعدة بيانات ضخمة من المتطوعين تسهل عملية الوصول إليهم من قبل الجهات الموفرة للفرص التطوعية والتي بإمكانها كذلك الدخول للمنصة الإلكترونية للتطوع والتفاعل معها وإعلان فرصها التطوعية ومشاريعها وفعالياتها وإدارتها بحرية تامة، ومن ناحية أخرى، بإمكان جميع المتطوعين الاطلاع على الفرص التطوعية وأحدثها والمشاركة بها.

لمنصة العمل التطوعي مزايا عديدة ومهمة، من أبرزها تكوين قاعدة بيانات ضخمة للمتطوعين وذلك بسهولة الوصول لهم، كذلك تعزيز الشفافية وكسر الاحتكار بالأنشطة والمشاريع بحيث تعلن الفرص التطوعية بكل وضوح وبإمكان جميع المتطوعين إبداء رغبتهم بالمشاركة، بالإضافة إلى بناء سجل وسيرة ذاتية لكل متطوع يحتوي على عدد ساعات تطوعه ونقاط قوته وضعفه واهتماماته وتقييمه الأمر الذي يضفي احترافية في هذا المجال الحيوي.

كذلك، فمنصة التطوع الإلكترونية تعتبر وسيلة هامة في تعزيز استراتيجيات العمل التطوعي في البلدان وتنفيذ المبادرات التطوعية التي تكون جزءاً من الاستراتيجية العامة للتطوع لأي دولة، كما أنها تساهم في تنفيذ أهداف المشاريع والمبادرات سواء كانت لجهات تطوعية أو لمؤسسات تساهم في تنمية المجتمع عبر الأعمال التطوعية.

وللمنصة الإلكترونية دور هام في التطوع عن بعد دون الحاجة لتواجد المتطوع في مكان التطوع، كما إنها تسهم في تعزيز تبادل الخبرات والمعارف وذلك عبر تطوع المتطوع الواحد لدى اكثر من جهة وبتخصصات مختلفة. كذلك، فلمنصة التطوع أهمية في تعزيز الحوار بين الشعوب والتعرف على ثقافات أخرى وذلك عبر مشاركة المتطوع في فرص تطوعية خارج بلده. كما إنها تمكن الجميع من المشاركة بالأعمال التطوعية وتذلل العقبات أمام ذوي الاحتياجات الخاصة الذين قد يجدون صعوبة في بعض النواحي.

كما إن المنصة الإلكترونية تلعب دوراً هاماً في تبسيط عملية التطوع بحد ذاتها، وتكسر العقبات وتذلل الإجراءات وتحقق اللامركزية في التنظيم والتطوع، الأمر الذي يصب في الأخير في مصلحة العمل التطوعي وبقطبيه المهمين، المتطوعين والجهات الموفرة للفرص التطوعية. من المشاريع البحرينية التي تعتبر أنموذجاً لمنصة التطوع الإلكترونية مشروع «نقطة تجمع المتطوعين» «www.volunteerpoint.net» والتي جاءت فكرتها من قبل طلبة جامعيين في مرحلة التخرج، ومن ثم تم تبني الفكرة وتطويرها حتى أصبحت مشروعاً ومنصة إلكترونية فعالة يستفيد منها اليوم العديد من الجهات وكذلك المتطوعين.

* رئيس جمعية الشباب والتكنولوجيا