فاطمة خليل

أكد رئيس مركز الوسطية للبحوث والدراسات والقاضي الشرعي وعضو مجلس الشورى السعودي المفكر الإسلامي الشيخ د.عيسى الغيث، "إننا صدمنا كشعب خليجي عربي مسلم من تصرف بعض الأنظمة الحاكمة في الخليج حيث تعديها على أشقائها طول 20 عاماً وعلى رأسها قطر، مع خذلان دول أخرى سواء في قضية اليمن وانقلاب الحوثيين لتحقيق أجندة إيران أو في موقفها من قطر".

وأضاف في لقاء مع "الوطن"، "أنه ظهر من جديد أن التعاون الخليجي الحقيقي هو بين السعودية والإمارات والبحرين أولاً ثم مع باقي دول مجلس التعاون ثانياً التي كشفت الأحداث مصداقية التعاون فيها ولو من باب الجوار والأخوة ورد الجميل، ولكن المستقبل كفيل بعودة الخليج أقوى من السابق لكون الشعوب اليوم هي التي تسعى لذلك حتى من داخل قطر فكيف بغيرها..".



وأوضح الغيث أن المخرج من الأزمة الخليجية لا يجب أن يختزل في حب الخشوم بل في اجتثاث الورم السرطاني من الخليج العربي وتطهير المنطقة، مشيراً من جهة أخرى إلى أن الربيع العربي كشف حقيقة ضلال وخبث الأخوان المسلمين والسرورية والقاعدة وداعش وغيرهم من الإسلامويين، مبيناً انفضاح منهجهم القائمة على المتاجرة بالدين، واصفاً إياهم بسماسرة الشعارات شأنهم شأن إيران.

وحول خطرهم على المجتمع السعودي والخليجي عموماً قال إن التطرف والأيديولوجيات الحزبية غيبوا الحياة السوية وأرهبوا الرأي العام والوسطيين كذلك، وهو ما قاده لتأسيس "مركز الوسطية" لمواجهة الإرهاب الفكري والسلوكي والدعوة للاعتدال.

وأشار الغيث إلى "أننا في الخليج أصبحنا نشهد ولادة دولة سعودية رابعة فتية تنفض غبار التردد وتعالج ملفات مؤجلة معولاً على ذلك لتحقيق رؤية 2030 بإصلاحات شجاعة دينية ودنيوية" حسب قوله. وفما يلي نص اللقاء..

- ما تقييمك للتغيرات الحاصلة في السعودية من عاصفة الحزم إلى قيادة المرأة للسيارة؟

- المملكة العربية السعودية منذ 3 قرون في دولها الثلاث وهي تتطور، ونحن نعيش الآن مرحلة ولادة الدولة السعودية الرابعة الفتية التي تنفض غبار التردد وتعالج ملفات مؤجلة حتى تضخمت فازدادت صعوبة علاجها، إلا بإرادة العزم والحزم والحسم سواء كانت ملفات خارجية كاليمن وإيران وقطر وغيرها من دول المنطقة العربية والأعجمية، أو ملفات داخلية تسعى بالتحول إلى تحقيق الرؤية في 2030 بإذن الله ولن تتحقق إلا بإصلاحات واجبة وشجاعة في شتى المجالات الدينية والدنيوية منذ تنظيم الهيئة الجديد وحتى قيادة المرأة للسيارة ونظام مكافحة التحرش، فضلاً عن تطور الترفيه والفرح باليوم الوطني والأعياد والمناسبات وعودة الحياة السوية بعد أن غيبها التطرف والأيديولوجيات الحزبية كالإخوان والقاعدة وداعش وفكرهم وسلوكهم الخاطف للرأي العام والمرهب لكل مخالف لهم يريد الوسطية والاعتدال كما كان في عهد النبوة والخلفاء الراشدين.

وستستمر السعودية في مواصلة التغير الحضاري نحو التطور السريع والتنمية المستدامة دون تفريط بديننا ولا عروبتنا ولا حتى بعاداتنا وتقاليدنا الفاضلة وذلك بحزم ولي أمرنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده القوي الأمين الأمير محمد بن سلمان لإكمال المسيرة لصالح البلاد والعباد والخليج والعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء.

- ما دور مجلس الشورى -الذي أنتم عضو فيه- في المرحلة السعودية الراهنة؟

- لمجلس الشورى دور كبير في هذه المرحلة الهامة في تاريخنا، سواء من حيث التشريع أو من حيث الرقابة على أداء الحكومة وتقرير ما يلزم لمعالجة السلبيات واقتراح الإيجابيات، ومن ذلك المئات من القرارات وعشرات المبادرات سواء من المجلس ولجانه أو من أعضائه وحتى لو لم تنل الأغلبية عند التصويت إلا أنها تحرك المياه الراكدة وتشجع المخلصين في الحكومة للعمل به، ومن ذلك مثلاً مقترح فرض الرسوم على الأراضي ونقل الإجازة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت وتعديل اسم وزارة الحج للحج والعمرة وتدشين الرياضة للطالبات في المدارس وإحداث بكالريوس للرياضة للطالبات في الجامعات وكذلك قيادة المرأة للسيارة تبناه الكثير من أعضاء مجلس الشورى خلال الدورات الماضية بدءاً من محمد آل زلفة ومروراً بلطيفة الشعلان وثلة من الأعضاء.

وتشرفت بأن كنت ضمنهم حيث كان اسمي الأول في توصية جماعية من أعضاء المجلس للمطالبة بذلك على تقرير وزارة الداخلية، كما أنني طالبت بهذا وأصلته شرعياً منذ عام 2011 وتحملت الكثير من الأذى حتى تم تكفيري والمطالبة باستتابتي لذلك تحت هاشتاق #استتابة_عيسى_الغيث منذ عام 2013 ووصل الأمر للمحاكم حيث تقدمت بدعوتين على اثنين من الدعاة لهذا السبب.

ولذا فالطريق لم يكن مفروشاً لنا بالورود بل كان ولا يزال إلى حدٍ ما يسبب الأذى والضرر لنا حسياً ومعنوياً، ومن ذلك مشاريع أنظمة كمكافحة التحرش والأحوال الشخصية ومكافحة الفساد ومكافحة التطرف والكراهية وتعزيز الوحدة الوطنية غيرها كثير من مقترحات الأنظمة والتوصيات على تقارير الجهات الحكومية مثل التوصية بتوظيف المرأة في مرفق العدل ومنحها الحقوق الشرعية كحق تراخيص المحاماة والتوثيق والتحكيم ومنح النساء حق الحضانة وسرعة البت في قضايا الأسرة ومنع زواج القاصرات، ولايزال الطريق أمامنا طويل ويحتاج لمسيرة مخلصة وأمينة لتحقيق المصالح العامة للجميع.

- شاهدناك على كثير من المنابر وقرأنا لك دعمك للوسطية، كيف تسوقها وما مدى تقبل المجتمع السعودي لها؟

- تبنيت الدعوة للوسطية منذ سنوات طويلة وأسست لذلك "مركز الوسطية للبحوث والدراسات"، ذلك لأن وطني ومجتمعي يشكوان من ضعف الاعتدال وتفشي التطرف حتى بلغ في بعض حالاته للإرهاب الفكري والسلوكي والدعوة إليه بالتحريض السابق والتبرير اللاحق.

أما الآن في عام 2017 فإننا نقطف ثمار صبرنا على دعوتنا للوسطية حيث صار غالب الناس الذين كانوا بفطرتهم كذلك منذ السابق يسابقوننا نحو تعزيزها والمدافعة عنها والمطالبة بها وهذا واضح جداً هذه الأيام في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نرى أن الشعب السعودي برمته هو الذي يدعو للوسطية ويفرح بها ويدافع عنها وصرنا نحن الذين نفتخر بأننا كنا من أوائل من رفع رايتها نجلس اليوم في المدرجات ونكتفي بالتفرج على من استلم الراية منا وقام بواجبها على أكمل وجه حتى صارت الوسطية اليوم هي لسان وأفعال السياسي والشعب معاً بتناغم وطني جميل.

- بوصفكم أحد رجال السلطة القضائية؟ كيف ترى تطور القضاء في المحكمة؟ وما الذي ترجوه تجاهه؟

- كل شيء في السعودية يتطور ولكننا نتطلع لتطوير السلطة القضائية بشكل أسرع وذلك من جميع النواحي الفكرية والإدارية حتى نحقق العدالة الحقيقية بين جميع مكونات المجتمع بلا انحياز لأحد على أحد وكذلك بسرعة لا بطء، فضلاً عن حاجة القضاء اليوم لتقنين الشريعة عاجلاً وعلى رأسها قانون الأسرة والأحوال الشخصية وقانون العقوبات الذي يشمل جميع أنواع الجرائم والجنايات وخصوصاً التعزيرات، وباقي الشواغر القانونية.

- راقبناك عن قرب في مؤتمرات سياسية عدة، هل الجانب السياسي طاغٍ على العلاقات البينية الخليجية أم الاقتصادي أم الأمني؟

- أعتقد أن لكل مرحلة أولوية تختلف عن غيرها، فقد كان قبل الخريف العربي يطغى الجانب الاقتصادي ولكن بعده طغى الجانب الأمني ويبقى الجانب السياسي هو المظلة لكل الجوانب الأخرى.

وصدمنا كشعب خليجي عربي مسلم من تصرف بعض الأنظمة الحاكمة في الخليج حيث تعديها على أشقائها طول عشرين عاماً وعلى رأسها قطر، مع خذلان دول أخرى سواء في قضية اليمن وانقلاب الحوثيين لتحقيق أجندة إيران أو في موقفها من قطر، وظهر من جديد أن التعاون الخليجي الحقيقي هو بين السعودية والإمارات والبحرين أولاً ثم مع باقي دول مجلس التعاون ثانياً التي كشفت الأحداث مصداقية التعاون فيها ولو من باب الجوار والأخوة ورد الجميل، ولكن المستقبل كفيل بعودة الخليج أقوى من السابق لكون الشعوب اليوم هي التي تسعى لذلك حتى من داخل قطر فكيف بغيرها.

- كمراقب سياسي.. كيف ترى المخرج للأزمة الخليجية؟

- المخرج للأزمة الخليجية ليس بالمسكنات وحب الخشوم مع استمرار التآمر تحت الطاولات بل في الاجتثاث والتطهير بحكمة مهما طالت الأيام ولا يقبل عاقل ببقاء خلايا سرطانية تنشط بين وقت وآخر بل باستئصالها وتعقيم الآثار بالعلاجات المناسبة.

- الأزمة الخليجية الراهنة، كشفت ضعفاً في هيكل مجلس التعاون.. ما الحلول المقترحة منكم لتطوير هذا الهيكل؟

- الحل بأن تكون الشفافية فوق الطاولات هي السائدة ويسلم الجميع بقيادة الشقيق الأكبر للمسيرة بلا مناكفات ومؤامرات.

- ما الذي حققته المرأة السعودية من وجهة نظرك لطالما أنك من الداعمين لها في ظهورك الإعلامي؟

- حققت المرأة السعودية في عقد واحد ما لم تحققه في خمسة عقود ماضية، وذلك بفضل الله ثم بفضل ولاة الأمر الذين يقودون المسيرة بإرادة وعزيمة بلا التفات للغلاة ولا للطابور الخامس ممن يضع العصي في الدواليب، وما كان لهذا أن يتحقق إلا بسعي الوطنيين من الرجال والنساء بالمطالبة بذلك والصبر عليه حتى تحقق، ولكل ملك من ملوكنا الكرام بصمة في مسيرة المرأة السعودية إلا أن الملك سلمان نال أكثر البصمات بمساعدة ولي عهده القوي الأمين محمد بن سلمان وفقهما الله وأعانهما.

- ما تقييمكم للتواصل الخليجي والعربي الشوري وانعكاساته على مستقبل الخليج العربي؟

التواصل البرلماني الخليجي البيني محدود وروتيني وأقل مما يجب.

نواجه في دول الخليج "كشعوب" صدمة تكشّف حقائق بعض الجماعات الدينية، كيف تقيم ذلك؟ وكيف ترى تجريم جماعة الإخوان المسلمين وربما جماعات وأحزاب أخرى في وقت لاحق؟

- فعلاً كانت صدمة وإن كانت الصدمة قديمة، إلا أنها زادت بقوة مع تجدد الأحداث في الوطن العربي وانفضاح منهج الإسلامويين وليس الإسلاميين لأنهم تجار دين وسماسرة شعارات مثلهم مثل إيران وشعاراتها، والجماعة الأم والأخطر والأخبث هي جماعة الإخوان المسلمين التي خدعنا فيها كدول وشعوب منذ سبعين عاماً ولكنها اليوم تعرت بشكل كبير وصارت أخطر على الإسلام والمسلمين من أعدائها التقليديين لكونها جماعة جمعت الأسوأ من كل شيء فكرياً وسلوكياً.

وما أصبح اليوم أعداؤها هم الأجهزة الأمنية الحكومية بل كل الشعوب العربية هي التي تقف ضدهم وتطالب حكوماتها بأن تجتثهم وتطهر البلاد منهم، وكما قيل لن يكون المسلمون إخواناً مع الإخوان المسلمين.

وشكراً للربيع العربي الذي حسنته الوحيدة أنه كشف حقيقة خبث وضلال وخسة جماعة الإخوان المسلمين وربيباتها من السرورية والقاعدة وداعش وغيرها كثير في الخليج والوطن العربي والإسلامي برمته، ولذا فالإخوان ومن ورائهم قطر وتركيا وحزب الله الصفوي ومن ورائه إيران كلاهما وجهان لعملة واحدة من الطابور الخامس بيننا ضد مصالح أوطاننا وقوميتنا وديننا وإنسانيتنا، ولكن الله جل وعلا غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وسننتصر على جميع الأعداء والطوابير قريباً.