* خادم الحرمين الشريفين: ما يربط السعودية بالعراق أواصر دم وتاريخ

الرياض - (وكالات): أكد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الأحد، أن "ما يربط السعودية بالعراق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد".

وتوجت المملكة السعودية تقاربها مع العراق بمجلس اقتصادي تنسيقي مشترك أطلقه رسمياً في الرياض الأحد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.



وقال الملك سلمان، خلال كلمة له بمناسبة التوقيع على مجلس التنسيق السعودي العراقي: "أتطلع أن تسهم اجتماعات مجلس التنسيق السعودي العراقي في المضي إلى آفاق أوسع وأرحب".

وذكر أن "الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء وشراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة".

وأضاف: "نبارك لأشقائنا في العراق ما تحقق من إنجازات في القضاء على الإرهاب ودحره". وتابع: "نؤكد دعمنا وتأييدنا لوحدة العراق واستقراره"، مضيفاً: "نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا".

وجرى الاحتفال بانطلاق أعمال "مجلس التنسيق السعودي العراقي" بحضور وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.

وجرى خلال الاجتماع التوقيع على محضر تأسيس "مجلس التنسيق السعودي العراقي"، ووقع عن الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبدالله القصبي، وعن الجانب العراقي وزير التخطيط سلمان الجميلي.

وجاءت الخطوة في إطار التقارب الذي بدأ مؤخراً بين بغداد والرياض، بعد قطيعة دامت نحو 27 عاماً.

وقد وقع العاهل السعودي ورئيس الوزراء العراقي، الذي يزور المملكة العربية السعودية حالياً، على مذكرة تأسيس المجلس التنسيقي بين البلدين في وقت سابق الأحد.

من جانبه، قال العبادي: "نعبر عن ارتياحنا البالغ لتطور العلاقات بين بلدينا الشقيقين الجارين، والمجلس التنسيقي الأول العراقي السعودي هو ثمرة الجهود والنوايا الطيبة المشتركة التي تعبر عن توجهنا وسياستنا والتي لمسناها في نفس الوقت من أشقائنا في المملكة وبالأخص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

وتابع: "وقد تمخضت زيارتنا الأخيرة للمملكة عن هذا المجلس الذي سيكون منعطفاً مهماً ومنطلقاً للتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا في المجالات كافة. إننا نؤمن بأن التعاون والشراكة وتبادل المصالح وربطها بشبكة علاقات بمختلف المجالات هي السبيل لتحقيق تطلعات شعوبنا في الأمن والاستقرار والتنمية وتوسيع التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والثقافي".

وأضاف: "لقد أطلقنا برنامجاً لمستقبل المنطقة يقوم على التنمية وبسط الأمن بدل الخلافات والحروب التي عانينا منها ويتكون من خمس نقاط أساسية للتنمية وإعطاء أمل للشباب. نحن جادون بالتعاون وصادقون في مد يدنا وسنعمل على إنجاح أي خطوة من شأنها ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية. نحن متفائلون بالمجلس التنسيقي المشترك بين العراق والسعودية وبما سيحققه لشعبينا الشقيقين. وأحثّ السادة الوزراء من الجانبين على التعاون والإسراع بتنفيذها بأقصى جهد ليرى المواطنون هذا الجهد".

وختم العبادي قائلاً: "أجدد شكري وتقديري لخادم الحرمين الشريفين على حسن الضيافة التي غمرنا بها".

ويهدف المجلس، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي منتصف أغسطس الماضي، إلى رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية والاستثمارية والثقافية بين البلدين، ما يفتح بارقة جديدة أمام العراق لإنعاش اقتصاده وترميم ما خلفته الحروب داخله.

ويرأس العبادي وفد العراق الذي يضم عدداً من الوزراء والمستشارين في الحكومة العراقية والذين وصلوا إلى الرياض السبت.

وكان خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، قد شدد مراراً خلال العام الحالي على مساندة العراق ودعم أمنه واستقراره، ما دفع بإعادة فتح معبر جديدة عرعر البري بعد انقطاع استمر لأكثر من 27 عاماً ومثلها للمعبر الجوي، حيث احتفى العراق بوصول 200 سعودي من رجال الأعمال والمسؤولين إيذاناً بعودة الرحلات الجوية بين البلدين.

وأجرى العاهل السعودي اتصالين هاتفيين خلال الأيام الماضية بالعبادي. وأفيد بأنهما تناولا العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، وسبل تعزيزها وتطويرها من خلال مجلس التنسيق السعودي العراقي.

ويقدر التبادل التجاري بين السعودية و العراق بـ23 مليار ريال خلال السنوات العشر الأخيرة، بهيئة صادرات وواردات إذ تصدرت زيوت النفط الخام ومنتجاتها ومخاليط العصائر والألبان قائمة أهم السلع السعودية المصدرة إلى العراق، فيما تستورد السعودية من العراق خرائط الألمنيوم، والصموغ، إضافة إلى حاويات النقل.

ويرأس الجانب السعودي في مجلس التنسيق، ماجد القصبي، والجانب العراقي، سليمان الجميلي.

وقطعت السعودية علاقاتها مع العراق عقب غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت في عام 1990. واستمر التوتر بين البلدين خصوصاً خلال تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية على مدى 8 سنوات.

لكن آثار التقارب بدأت تتضح مع افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية في أغسطس الماضي، وصولاً إلى قيام شركة الرحلات السعودية الاقتصادية "طيران ناس" "فلاي ناس" بداية الأسبوع الحالي، بأول رحلة تجارية بين الرياض وبغداد منذ 1990.

وكان العبادي زار السعودية في يونيو الماضي، بعيد زيارة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد للمرة الأولى لوزير خارجية سعودي منذ 14 عاماً.

ورأى رئيس الوزراء خلال الاجتماع الأحد أن المنطقة "لا تحتمل المزيد من التقسيم ولا استمرار النزاعات"، داعياً إلى "إنهاء النزاعات المسلحة ووقف سياسات التدخل في شؤون الآخرين من أجل مصلحةٍ خاصةٍ لهذه الدولة أو تلك، والبدء بمرحلة جديدة من التعاون الشامل والتكامل الاقتصادي المشترك".

وقالت وزارة الخارجية السعودية إن العبادي التقى على هامش إطلاق أعمال المجلس المشترك ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وبحث معه "العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع في المنطقة، والجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب".

وقالت وكالة الأنباء الرسمية السعودية إن المجلس المشترك الجديد يؤسس لمرحلة "طموحة من العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري غير المحدود" على أن يشكل "حجر الأساس في العمل والتخطيط المتوسط والبعيد المدى".