تحقيق - (مدريد) براءة الحسن - أحمد سياف

برشلونة وفالنسيا (روعة أبوعبده)

عادت التساؤلات لتلف مستقبل برشلونة الكروي في أعقاب تأييد البرلمان الكتالوني الاستقلال عن البلاد، في خطوة أثارت جدلاً دولياً واسعاً، خصوصاً وأن الدستور الإسباني المصدق في 1978 يجرم مساعي انفصال أي إقليم من المملكة الأوروبية، وهو ما سعى إليه مسبقاً إقليم الباسك في 2005 وذهبت أحلامه أدراج الرياح..



ويرفع برشلونة تاريخياً لقب "أكثر من مجرد نادٍ"، هذا اللقب مستمد أصلاً من هويته الكتالونية، فهل سيرضى برشلونة بعد الانفصال بأن يكون سياسياً فقط لا رياضياً بحيث يواصل الشراكة مع أندية الدوري الإسباني؟!

كلها أسئلة مطروحة عن مصير النادي العريق، وتجيب عنها عدة خيارات بالطبع، أهمها استمرار برشلونة في الليغا دون أي تغيير، على غرار وجود سوانسي سيتي الويلزي في الدوري الإنجليزي.

ولا يحق للاتحاد الإسباني إبعاد الأندية الكتالونية، وإلا سيكون عرضة للفيفا، وبحسب مصادر من برشلونة فإن الأخير يفضل الاستمرار في الليغا بسبب شهرة البطولة ومواصلة الاستفادة مالياً من حقوق البث.

أما الاحتمال الثاني فهو الانفصال عن الدوري الإسباني، وهو احتمال قوي أيضاً، لكن لأين؟ البعض رجح أن ينضم برشلونة للدوري الفرنسي بسبب قرب المسافة بين كتالونيا وفرنسا، لكن ما هي الآليات لذلك؟! هل سينضم برشلونة مباشرة للدوري الفرنسي الدرجة الأولى؟!

الوجهة الأخرى التي ارتبط بها برشلونة هي الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أمر يقترب من المستحيل تقريباً، فما هي الآليات أيضاً للانضمام، كما أن مقر برشلونة في كتالونيا، فهل سيقوم مثلاً بالانتقال إلى إنجلترا (البعيدة)؟!

الاحتمال الأخير ويحظى بنسبة كبيرة أيضاً هو إنشاء دوري خاص بكتالونيا، والتي تنشط فيها 9 أندية منها أندية تلعب في دوري الدرجة الأولى كإسبانيول وجيرونا، لكن هذه الخطوة قد تعصف بمستقبل برشلونة وتفقده الكثير من مصادر الدخل من حقوق بث المباريات ولن يكون الدوري تنافسيًا فالفارق بين برشلونة وبقية الأندية الكتالونية كالفارق بين السماء والأرض.

وشارك عدد من نجوم برشلونة سابقاً وحالياً في الاستفتاء الأخير ومن بينهم بيب غوارديولا الذي شارك عبر البريد الإلكتروني وشدد على أحقية الإقليم في تقرير مصيره، كما انتقد نجم برشلونة حالياً جيرارد بيكيه تعامل الحكومة الإسبانية مع المصوتين في الاستفتاء.

extra sport لم تكتفِ بالتحليلات بهذا الموضوع بل فضلت أيضاً سؤال صحافيين رياضيين متابعين من 3 مدن إسبانية مختلفة.

واعتبر الصحافي الكتالوني "إيجناسي أوليفا" أن حكومة كتالونيا لن تسمح لأنديتها في الدرجتين الأولى والثانية للاختيار بين الليغا أو دوري كتالوني إن حدث، وإن حدث هذا السيناريو فسيكون بعد محادثات عميقة مع الاتحاد الإسباني ورابطة الليغا.

وأضاف: "موقف مؤسساتنا هنا مشابه للمواقف في مدريد، ليس هناك مجال لأنديتنا لخوض أي مسابقة إسبانية في حال تم بالفعل العمل بالانفصال! ولكن هذا لن يغير من حقيقة رغبة برشلونة في البقاء في الليغا وغيرها من مسابقات إسبانيا".

في المقابل، الصحافي الصديق لـextra sport ذو الأصول الإسبانية والمقيم في مدريد ألبيرتو بينييرو، كان موقفه يميل لحكومته. إذ أخبرنا: "أعتقد أن مستقبل برشلونة سيبقى نفسه في حال الاستقلال أم لا، على الرغم من أن إحساسي هو التراجع عن الاستقلال من قبل كتالونيا.

برشلونة سيبقى يشارك في الليغا وكأس الملك والمسابقات الإسبانية، وكما لاحظ الجميع التراجع المفاجئ برأي برشلونة كنادي ودعمه للانفصال لم يعد كما في السابق تحديداً بعد المباراة التي خاضها برشلونة في الأول من أكتوبر أمام لأس بالماس. بعد ما حدث هناك علم برشلونة أن مواقفه لم تكن جيدة خاصة أنهم كانوا يحاربون الليغا والاتحاد الإسباني وحتى الحكومة الإسبانية! ربما أيضاً الرعاة واللاعبين أنفسهم من الفريق لم يكونوا راضين عن تلك المواقف. كل هذا كان عبث لأنه لن يتغير شيء".

وشارك معنا أيضاً فرانشيسكو ريكو الصحافي الأندلسي من إشبيلية الذي عبر عن قلقه على نادي برشلونة بمعنى أن العناد لم يكن ليجدي. وجاء حديثه كالتالي: "إن برشلونة قد ابتعد عن السياسة في الفترة الأخيرة حتى أنه لم يعلن انفصال كتالونيا ولم ينشر عنه. وضع برشلونة في الليغا ليس بالجيد واستكمال مشواره فيها على المحك. برشلونة يجب عليه الاستمرار في الليغا التي هي من أقوى الدوريات في العالم ليبقى على المستوى الذي وصل له، ولا أعتقد أن لاعبي برشلونة النجوم يناسبهم اللعب في دوري كتالوني أو حتى الدمج مع الدوري الفرنسي".

بعد الإجابات المنطقية على الاحتمالات أعلاه، لا بد من نشر آراء ارتبطت باستقلال كتالونيا. وبما أن كرة القدم حتى الآن لم تجد طريقها الخالي من السياسة، ولأن الشعوب الأوروبية خاصة تتنفس كرة قدم، جال مراسل extra sport أحمد سياف في ساحة "صول" التي تعتبر رئة مدريد من جهة السياحة والسهر وتجمع بين أهل البلد والزوار، للبحث في أماكن تجمع مشجعي ريال مدريد في العادة ليستطلع آراءهم عن إعلان انفصال إقليم كتالونيا ومصير برشلونة. وهم الذين يعتبرون نادي برشلونة أداة سياسية في حملة المطالبة بالانفصال.

ريرو خويندو أحد مشجعي ريال مدريد "المتعصبين" قال في حديثه مع مراسلنا: "في كل مرة يلعب ريال مدريد مع برشلونة أشعر بتنافس من أجل الوطن، نعم أحب ريال مدريد لكن فوزه لا يعني فوزًا على الغريم فحسب، إنما أيضاً يعني تفوق إسبانيا على ناد معارض في البطولة الإسبانية".

سيرخيو دياز المشجع المدريدي الإسباني الذي يردد دائماً في مواجهة ريال مدريد لأي ناد من أندية الأقاليم العبارة المشهورة: "يو سوي إسبانيول" كشف عن وشمه الذي يبرز عشقه لريال مدريد وعلاقة الريال بـ"الإسبانية" قال: "كلما سنحت لي الفرصة سأظهر إسبانيتي، خاصة خلال تشجيعي لمعشوقي الريال، الفرق كلها تلعب تحت مسمى الليغا الإسبانية وهذا هو أكبر انتصار على الصعيد الرياضي لإسبانيا في ظل محاربتها من البعض هناك".

بينما قالت أمبارو لا كروز التي تقضي وقتها في نشر أخبار الريال أول بأول لأصدقائها: "إسبانيا هي الأم، وريال مدريد هو الابن البار الذي يصطدم دائماً بالابن المتمرد. ولا أحد يستطيع نكران الفضل الكبير للدوري الإسباني على نادي برشلونة".

أما عن احتمالية خروج برشلونة من الليغا فليس من الغريب أن تشابهت ردودهم على السؤال بما معناه أنهم يرون برشلونة يقدم تنازلات كي لا يخسر مشاركته في الليغا ويدمر كل ما بناه خلال مسيرته تحت سقف الاتحاد الإسباني.

فالنسيا ثالث أهم مدن إسبانيا، أظهرت تعاطفها مع العاصمة، وهذا ما تبين أيضاً من خلال حديث زميلتنا هناك روعة أبوعبده مع مشجعات نادي فالنسيا خلال تجمع صغير أقيم لحضور مباراة الخفافيش أمام آلافيس. وقد عبرت إيزابيلا ألايكا عن حزنها لما تمر به البلاد من أزمة سياسية غلبت فيها العاطفة على المنطق من قبل كتالونيا بحسب قولها.

أما كاترين كويراليس أخبرتنا أن الوضع من على شاشات التلفاز يختلف عن الواقع، وأن الكثير من الكتالان لا يؤيدون هذا الانفصال، وقالت ضاحكة: "إذا بقي برشلونة في الليغا ولم تدخل كتالونيا الاتحاد الأوروبي بعد يجب علينا جميعاً التقدم بطلب تأشيرة لحضور مباراة فالنسيا هناك".

ماريان أوسون "المرابطة" في الميستايا أخبرتنا عن الحقد التي تراه في وجوه مشجعي برشلونة في كل مرة يزور فيها النادي ملعب فالنسيا، وأردفت: "دائماً ينتابني شعور بأن هذا الكولي أو ذاك يريد قتلي ليس فقط الفوز على فريقي".

عن تجربة، وبعد زيارات متعددة لإسبانيا بكل مدنها في السنوات الأخيرة والاحتكاك مع الجماهير وأهل الصحافة وأهل البلد، وجدت في ثقافة الإسبان والحياة الاجتماعية اختلافاً عن باقي شعوب أوروبا. ربما يعتبرني البعض الذي لم يزر تلك البلاد أبالغ، لكن التشابه بين الشعب الإسباني والشعوب العربية واضح بكثير من الأفكار الاجتماعية والسياسية.

ومع انفتاح العالم وتأثر شبابنا العربي بالكرة الأوروبية خاصة من خلال الشبكة العنكبوتية، تكون بداخلهم شعور انتماء إلى النادي الذي يمثل بلداً آخر وبقيم مختلفة، وأصبح يهتم بالبلد كما يهتم بالنادي الذي يشجعه!

من هذا المنطلق، وبعد أن شاهدنا الكثير من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي من مشجعي طرفي كلاسيكو إسبانيا، سألنا رواد رابطات برشلونة وريال مدريد في العالم العربي عن مدى اهتمامهم بحدث انفصال كتالونيا ورأيهم في مصير برشلونة.

محمد حربي أحد أعضاء رابطة برشلونة الرسمية في الرياض والمتابع لأخبار الإنفصال على قدم وساق أدلى برأيه لـextra sport قائلاً: "مستقبل كاتالونيا بالتأكيد هو شأن كتالوني إسباني، أما بالنسبة لمسألة برشلونة فتصريح بارتوميو كان واضحاً منذ مدة بأن رغبة برشلونة هي الاستمرار في الليغا مهما كانت نتيجة الأزمة الكتالونية! وقد أوضح بيدجمونت "رئيس كاتالونيا" نفس الأمر! في المقابل أكد رئيس رابطة الليغا تيباس بأن برشلونة أندية كاتلونيا ليس لها مستقبلاً بالليغا وأنه سيتم استبعادها في حال انفصلت كاتلونيا ولكن أعتقد أن القرار ليس بيده!

وشخصياً أعتقد بأن الليغا ستخسر الكثير في حال استبعاد برشلونة لكن يبقى النادي المتضرر الأكبر".