السؤال الذي جوابه من دون تردد «نعم» هو «هل تعتقد أن إيران مسؤولة عن زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة؟»، هذا الأمر حقيقة لا يرفضها إلا المخدوعون بإيران والذين لا يعرفون ما تحلم به وتسعى إليه، فلولا إيران وفكرها المتطرف ودعمها للإرهاب وتمويلها للإرهابيين واحتضانهم، واحتضان من يحتضنهم ويدعم الإرهاب ويساهم في تمويله، لما سمع أحد بهذه المفردات ولما تعرض الاستقرار في المنطقة إلى أي هزة وانجرح الأمن. إيران هي المسؤول الأول عن زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وهي متورطة في هذا الأمر ولا يشاركها فيه وفي تحمل المسؤولية غير قطر التي تظهر في كل يوم قصصاً جديدة تؤكد تورطها فيه.

سياسة إيران وسياسة قطر تقودان إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وكثيرون لا يترددون عن القول بأنهما يعمدان إلى هذا الأمر لتحقيق مآرب معينة وأنه نتيجة تخطيط يتم تنفيذه بدقة عالية ومهارة. هذه الحقيقة أيضاً يرفضها أولئك الذين للأسف لن ينتبهوا إلى ما هم فيه إلا بعد أن يفوت الفوت.

الأحوال في المنطقة تغيرت منذ الساعة التي سيطر فيها الملالي على السلطة في إيران قبل نحو أربعين سنة وأعلنوا من دون أن يدركوا أبعاد إعلانهم أنهم سيعملون على «تصدير الثورة»، والأحوال في المنطقة ازدادت سوءاً منذ الساعة التي حدثت فيها تغييرات في السلطة في قطر قبل عشرين عاماً ونيف، فبعد هذين الحدثين لم تشهد المنطقة استقراراً وتضرر الأمن كثيراً. هذا يعني أنه بالكيفية التي اتخذ فيها الموقف من قطر في رمضان الماضي واتفق الجميع على وضع حد لسلوكيات الدوحة بغية إعادتها إلى رشدها، بالكيفية نفسها ينبغي اتخاذ موقف من إيران وأن يعمل الجميع على وضع حد لسلوكيات طهران، فالسكوت عن هذه الأمور وتلك نتيجته الأكيدة تمادي هاتين الدولتين واستمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة وانعدام الأمن، إذ لا يمكن استعادة الاستقرار والأمن في ظل وجود دولتين تدعمان ليل نهار بكل الطرق والوسائل والحيل الإرهاب والإرهابيين وتمولهم وتؤويهم وتبرر لهم وتوفر لهم ما يحتاجونه من حماية.

الاستقرار والأمن يمكن أن يتوفرا في وجود إيران وقطر في حالة واحدة فقط هي تغييرهما لسياستيهما، ولأن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث من دون اتخاذ موقف واضح وقوي منهما والعمل معاً على ردعهما لذا فإنه لا مفر من القيام بهذه الخطوة، دون أن يعني هذا الدخول معهما في حرب، فالأمر يمكن أن يتحقق بقليل من الضغوط وبالعمل على إقناع المسيطرين على السلطة في البلدين بأن نتيجة السياسة التي يعتمدونها كارثية على الجميع بما فيهم الشعبين الإيراني والقطري.

ولأن حالة عدم الاستقرار وتضرر الأمن يهدد مصالح الدول الكبرى في المنطقة لذا فإن الأكيد هو أنها لن تنتظر حتى تتأثر مصالحها وتتضرر، والمتابع لتصريحات الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكيين والغربيين إجمالاً يفهم منها بأن ترتيباً معيناً يجري حالياً، ليس لوضع حد لأخطاء قطر فقط ولكن لتحجيم إيران أيضاً وإفهامهما بأن مصالح الغرب خط أحمر وأن مثل هذا الوضع لا يمكن القبول به.

حسب كثير من المحللين فإن الولايات المتحدة اتخذت قراراً بحل الأزمة القطرية وأن الرئيس ترامب متحمس لهذا القرار وأنه بدأ في اتخاذ خطوات معينة جعلت أمير قطر «يستبشر خيراً» ويعبر في تصريحاته الأخيرة عن قرب الخروج من المأزق الذي صارت فيه بلاده. وحسب كثير من المحللين أيضاً فإن الولايات المتحدة تعد العدة لجعل إيران ترى نفسها في المرآة لتتأكد من حجمها الحقيقي وواقعها وتعلم بأنه حان الوقت لوضع حد لغرورها واستهتارها، وهذا يتبين أيضاً في العديد من تصريحات الرئيس ترامب.