حسن الستري

تمسك مجلس الشورى بقراره السابق برفض مشروع نيابي للتعديل بشأن المادة 127 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، والتي كان مجلس النواب يريد تحديد ميعاد لتنفيذ المقترحات برغبة.


وقال العضو فؤاد الحاجي إنه "لمجلس النواب عدد من الأدوات الرقابية التي تمكنهم من مساءلة الحكومة عن تنفيذ هذه الرغبات، ولا داعي لتعديل اللائحة بإلزام الحكومة بتحديد ميعاد لتنفيذ هذه الرغبات، كما أن المشروع يخالف المادة 32 من الدستور، والتي نصت على أن لا تتنازل أي سلطة عن اختصاصاتها".

أما العضو د.جهاد الفاضل، فقالت في مداخلتها: في جلسة النواب القادمة يوجد مشروع قانون يتضمن إخطار المجلس بردود الحكومة على الرغبات دون تعليق من المجلس، والسبب أن هذه الرغبات لا تنفذ بجرة قلم، لذلك إن هذا التعديل لا داعي له.

واتفقت معه النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى جميلة سلمان، واستشهدت بمادة دستورية حددت ملامح الاقتراحات برغبة بوضوح، ما يعني عدم جواز تفسيره أو إضافة أحكام جديدة للنص الدستوري، وقد تضمن هذا النص عدم إلزام الحكومة بتحديد مدة للتنفيذ.

وقالت: لا نختلف أن كل مجلس مختص بوضع لائحته الداخلية، ولكن لا يمكن الموافقة على مشروع يخالف نصا دستوريا.

من جانبه، قال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين: لا يوجد شبهة دستورية بالمشروع ولكن توجد به مخالفة دستورية، المادة في أصلها كانت مطلقة، وتم التعديل بتحديد مدة للرد خلال 6 أشهر، وانعكس ذلك في التعديل الدستوري، ما يعني أن هذا التعديل يجب أن ينعكس على المادة الدستورية لتفادي المخالفة، كما أن تحديد موعد لتنفيذ الرغبات يعتبر تدخلا في أداء السلطة التنفيذية.

وأضاف: الحكومة تنفذ برنامج عملها الذي وافق عليه مجلس النواب، إضافة للميزانية التي وافقت عليها السلطة التشريعية، نحن نوافق على الرغبة إذا لم يكن به مخالفة قانونية او دستورية، ولكن التنفيذ تربطه آليات أخرى، أهمها توفر الموازنة اللازمة لتنفيذه.

من طرفها قالت العضو د.سوسن تقوي: إذا كان لدى النواب رغبة في تنفيذ الرغبات، فلم لا يخصصوا بابا في الميزانية لتنفيذ رغباتهم السابقة أو الجديدة منها.

وأكدت رئيسة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية دلال الزايد، أن الرفض يأتي لمصلحة النواب بخصوص الاقتراحات برغبة، إذ إن الحكومة ستتجه لرفض المقترحات برغبة اذا لم تستطع الحكومة تحديد ميعاد للرغبة، كما أن الواقع الفعلي يعكس مدى التلاقي بين الحكومة والنواب لخدمة المواطنين.

وقالت: المدد تخضع دائما لبرنامج عمل الحكومة واعتماد الموازنة، فالمواعيد لا تجبر الحكومة على التنفيذ، لذلك فان اللجنة في تقريرها الرافض للمشروع أخذت البعد الدستوري والقانوني.

وقال العضو جواد بوحسين: الاقتراحات برغبة متكدسة وأغلبها خدمية وتحتاج لاعتمادات مالية لتنفيذها.

وذكر العضو خالد المسقطي: الموافقة على المشروع يعتبر مستحيلا ما لم يتم تعديل المادة 68 من الدستور، فيجب تعديلها اولا ثم تعديل المادة اللائحة الداخلية، كما أن الاقتراحات برغبة أغلبها خدمية من واجب المجالس البلدية، وليست من عمل مجلس النواب.

وجاء في تقرير اللجنة التشريعية الشورية: إن عدم تحديد الحكومة لميعاد بعينه لتنفيذ الرغبات التي وافقت عليها لا يعني إهدار الرغبة وعدم الالتفات إليها، وإنما تلتزم الحكومة بتنفيذها في الأوقات الملائمة وفقا لاعتبارات الواقع والمستجدات المستقبلية، ووفقا لخطط ومشروعات الحكومة المستقبلية والتي سبق لها أن عرضتها على مجلس النواب في بيان برنامج الحكومة والتي يتم التوافق عليها بين الحكومة ومجلس النواب، وعليه فإن التعديل الوارد في مشروع القانون يعد إهدارًا لمصلحة عامة محققة بالفعل تتمثل في تلك التي كانت قد تمت مراعاتها في الاعتبار ابتداءً والنزول على مقتضاها عند إعداد برنامج العمل لكل جهة حكومية، كما يخل بما سبق عرضه على المجلس من استراتيجيات ومخططات ضمن بيان الحكومة لدى المجلس.

ورأت اللجنة أنه في حالة عدم التزام الحكومة بتنفيذ الاقتراح برغبة والذي سبق لها الموافقة عليه، فلمجلس النواب اتخاذ آليات الرقابة الدستورية المتاحة لأعضائه حسب القواعد المقررة، مركدة أن الواقع الفعلي والعملي للسلطة التشريعية يحتم أن يراعي كل مجلس حق المجلس الآخر في تعديل لائحته الداخلية المنظمة لعمله، إلا أن المشرّع مقيد بعدم مخالفة ما يتم اقتراحه من تعديلات لأحكام الدستور. وبالنظر إلى أن مشروع القانون وما تضمنه من تعديل المادة (127) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب بإضافة النص التالي "على أن يتضمن الرد تحديد المدى الزمني المبدئي لتنفيذ الرغبة في حالة قبولها"، وحيث إن المادة (68) من الدستور المنظمة لآلية إبداء الاقتراحات برغبة لم تنص على إلزام الحكومة بتحديد مدة زمنية معينة للتنفيذ، وعليه فإن التعديل الوارد في مشروع القانون يضيف أحكاما جديدةً لنص المادة الدستورية، مما يجعل هذا التعديل مشوبـًا بشبهة عدم الدستورية. وقد ورد في المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية لسنة 2012م بشأن تعديل المادة (68) النص الآتي:" عدلت المادة (68) لتحقق ضمانة جديدة لتفعيل دور الرغبات المكتوبة التي يبديها مجلس النواب للحكومة، ولتقرير حق مجلس النواب في طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه، وتبادل الرأي بصدده.

وتابعت اللجنة: لقد كانت المادة (68) تكتفي بأن تبين الحكومة كتابة أسباب التعذر في تنفيذ الرغبات التي يبديها مجلس النواب، ولم تحدد لها مدة معينة تلتزم فيها بإيضاح هذه الأسباب، فجاء تعديل البند (أ) من هذه المادة ليلزم الحكومة بالرد على مجلس النواب خلال ستة أشهر، وهو ما يؤدي إلى أن تدرس الحكومة رغبات المجلس في وقت معقول وأن تتخذ قرارها بشأن إمكان تحقيقها أو تعذر هذا التحقيق، على أن تبين الحكومة الأسباب في حالة تعذر الأخذ بالرغبة. وإذا لم تلتزم الحكومة بالموعد المحدد للرد كان للمجلس أن يلجأ إلى إحدى وسائل الرقابة التي خصه الدستور بها"، ويبدو من المذكرة التفسيرية أن التعديل على المادة (68) من الدستور كان له هدف محدد هو تحديد مدة لرد الحكومة على الاقتراح برغبة، وليس أي هدف آخر على النحو الذي ورد في مشروع القانون بتعديل المادة (127) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

وأكدت اللجنة أن التعديل الوارد في مشروع القانون يخالف البند (أ) من المادة (32) من الدستور، والذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، فالنص الدستوري يحدد قواعدَ وحدودًا لا يجوز تخطيها ولا يمكن لأي سلطة أن تتدخل في عمل سلطة أخرى، فالحكومة ينبغي أن تكون مستقلة في تنفيذ الرغبات المقترحة وفقـًا للإمكانيات المتوافرة والمساعدة على التنفيذ، والظروف المتغيرة التي تحكم مسائل تنفيذ المشاريع التي تنطوي عليها الرغبة، فالتعديل يُخرج الرغبة من مجرد كونها رغبة تخضع في قبولها لمطلق تقدير الحكومة وفقـًا لاعتبارات تختص بها الحكومة، لتدخل في نطاق الوجوب والإلزام بالتنفيذ في موعد محدد ولو كان تقريبيـًا أو مبدئيـًا إذا قبلت الحكومة تنفيذ الرغبة، مما يعد تدخلا في اختصاصها بإلزامها بالإنجاز في مدى زمني معين، رغم أن الحكومة تعمل في ظروف قابلة للتغيير ولا يمكن توقعها مقدما لتستطيع في ضوئها تحديد هذا المدى الزمني.