* 100 مليار دولار حجم الاختلاسات في القضايا المنظورة

* السعودية تفتح ملفات السرقة والاعتداء على المال العام

* "الفساد" الكلمة الأكثر تداولاً في الإعلام وبمحركات البحث



* النائب العام السعودي: النشاط التجاري العادي لم يتأثر بالتحقيقات

* لم يتم تجميد سوى حسابات مصرفية شخصية

الرياض- إبراهيم بوخالد، مكة المكرمة - كمال إدريس

أعلنت السعودية توقيف 208 أشخاص للمساءلة في إطار حملة مكافحة الفساد الواسعة النطاق التي شملت أمراء وشخصيات بارزة، كاشفة أن عمليات الاختلاس والفساد على مدى عقود أدت إلى خسارة 100 مليار دولار، فيما أكد النائب العام السعودي وعضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد، الشيخ سعود المعجب، أن التحقيقات مع الأفراد الذين تم استدعاؤهم تمضي قدماً بخطواتٍ سريعة، وسنقوم بتوفير أي مستجدات.

وأوقف نهاية الاسبوع 11 أميرا وعشرات الوزراء الحاليين والسابقين في السعودية بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال في حملة تطهير غير مسبوقة في المملكة.

وقالت وزارة الإعلام السعودية في بيان «إن 208 أشخاص استدعوا للمساءلة حتى الآن بينهم 7 تم الإفراج عنهم بدون توجيه التهم إليهم. إن حجم ممارسات الفساد الذي كشف عنه كبير جدا».

وجمدت السلطات حسابات مصرفية للموقوفين. وقالت وزارة الإعلام عبر «مركز التواصل الدولي» المخول التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية أن المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة السعودية.

وقالت الوزارة الخميس إن «الحجم المحتمل لممارسات الفساد التي كشف عنها كبير جدا».

وأضافت «استناداً إلى تحقيقاتنا في السنوات الثلاث الماضية نقدر أن 100 مليار دولار أسيء استخدامها عبر عمليات فساد واختلاس ممنهجة على مدى عدة عقود».

وجرى توقيف او إعفاء شخصيات معروفة نهاية الأسبوع بعد ساعات من تشكيل خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.

وأوضح الشيخ المعجب أن عدد الأشخاص الذين جرى توقيفهم 208، فيما تم إطلاق سراح 7 منهم، لعدم وجود أدلة كافية.

وأضاف النائب العام السعودي أن القيمة المالية لهذه الممارسات التي دامت عقوداً عديدة تصل إلى مبالغ كبيرة جداً من الأموال العامة المختلسة والمسُاء استخدامها، وقد تكون القيمة المحتملة لهذه المبالغ، تتجاوز 100 مليار دولار أمريكي وفقاً لما تبين من التحقيقات الاولية.

وبخصوص تجميد أرصدة الأفراد الذي جرى توقيفهم قال المعجب «يستمر جمع المزيد من الأدلة لإثبات الوقائع في هذه القضايا»، وكما أُعلن الثلاثاء، فقد قبل محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي طلبات بتجميد الأرصدة الشخصية لهؤلاء في هذا التحقيق. ويؤكد هذا الإجراء النتائج التي توصل إليها تحقيقنا الأولي الذي جرى على مدى السنوات الثلاثة الماضية عن حجم هذه الممارسات الفاسدة والكبيرة».

وأكد النائب العام السعودي أن «النشاط التجاري العادي لم يتأثر بالتحقيقات ولم يتم تجميد سوى حسابات مصرفية شخصية».

وقال «السلطات لن تكشف النقاب عن أي تفاصيل شخصية أخرى في الوقت الحالي لحماية الحقوق القانونية للمشتبه بهم».

وتسيدت كلمة الفساد، عناوين الصحف والوسائط الإعلامية، ومحركات البحث الإلكترونية، منذ صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء «لجنة لحصر جرائم الفساد» في المملكة، حيث تركت صدى واسعاً مازال مستمرا حتى اللحظة.

واكتسب الحدث زخماً إعلامياً كبيراً كونه طال العديد من الشخصيات العامة ورجال الأعمال والإعلام، وحمل الأمر السامي توجها واضحا نحو استغلال المال العام، حيث حمل أنه «نظراً لما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة».

وتابع «وقد حرصنا منذ تولينا المسؤولية على تتبع هذه الأمور انطلاقاً من مسؤولياتنا تجاه الوطن والمواطن، وأداء للأمانة التي تحملناها بخدمة هذه البلاد ورعاية مصالح مواطنينا في جميع المجالات، واستشعاراً منا لخطورة الفساد وآثاره السيئة على الدولة سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً، واستمراراً على نهجنا في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وتطبيق الأنظمة بحزم على كل من تطاول على المال العام ولم يحافظ عليه أو اختلسه أو أساء استغلال السلطة والنفوذ فيما أسند إليه من مهام وأعمال، نطبق ذلك على الصغير والكبير، لا نخشى في الله لومة لائم، بحزم وعزيمة لا تلين، وبما يبرئ ذمتنا أمام الله سبحانه ثم أمام مواطنينا».

وفي الوقت الذي ما زالت فيه انعكاسات تشكيل لجنة «حصر جرائم الفساد» برئاسة ولي العهد تترى في الشارع السعودي، تعدت التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي المعدلات العادية، لتصل «الوسوم» على موقع «تويتر» ضمن قائمة الأعلى عالمياً، كونها طالت العديد من الشخصيات العامة.

وكشفت هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» مراجعتها إجراءات الطرح والترسية لـ 53 مشروعًا تنموياً كبيراً، واتضح وجود 13 شبهة فساد و26 مخالفة إجرائية ونظامية، أوضحتها في تقريرها المرفوع إلى مجلس الشورى، مبينة أنها رفعت بذلك للمقام السامي، وجاري مراجعة 29 مشروعاً آخر.

الأمر الملكي الذي أذن بإنشاء اللجنة حدد مهامها في حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، ثم التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال.

ومن مهام اللجنة أيضا اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها، وللجنة الاستعانة بمن تراه، ولها تشكيل فرق للتحري والتحقيق وغير ذلك، ولها تفويض بعض أو كامل صلاحياتها لهذه الفرق.

مصادر صحفية أشارت إلى أن لجنة لحقوق الإنسان والهيئات الرقابية نظرت في توصية بشأن إنشاء دوائر قضائية خاصة للنظر في القضايا الناشئة عن جرائم الفساد، كما رفع مجلس الشورى عددا من التوصيات طالب من خلالها «نزاهة» بدراسة واقع الفساد في القطاع الخاص، ومدى تأثيره على القطاع العام.

وطالب المجلس في قراره الهيئة بالعمل مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على إنشاء مؤسسات وجمعيات غير حكومية متعددة الأغراض لمكافحة الفساد وحماية النزاهة.

كما دعا «الشورى» إلى إيجاد برامج ومشروعات شراكة إستراتيجية مع وزارة التعليم ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ووزارة الثقافة والإعلام لتعزيز قيم النزاهة والأمانة والشفافية من خلال تضمينها المناهج الدراسية والخطب ودروس المساجد والبرامج الإعلامية.

وطالب المجلس الهيئة بالتنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز التدابير والإجراءات اللازمة لرفع موقع المملكة العربية السعودية على المؤشرات الدولية، وخاصة مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية بما يتناسب مع مكانة المملكة وجهودها في مكافحة الفساد.