تشهد الدورة الثامنة والعشرون من أيام قرطاج السينمائية لهذه السنة على إنتاج تونسي غير مسبوق في العام الماضي بلغ 37 فيلما طويلا و41 قصيرا، في مؤشّر على "مناخ الحرية" السائد منذ العام 2011، بحسب المنظمين.

وقالت لمياء بالقايد المندوبة العامة لأيام قرطاج السينمائية لوكالة فرانس برس إن لجنة الاختيار الخاصة بالسينما التونسية شاهدت 37 فيلما تونسيا طويلا بينها 18 فيلما روائيا والباقي وثائقي، بينما شاهدت اللجنة 41 فيلما قصيرا.

من بين هذه الأفلام ثلاثة شاركت في مسابقة الأفلام الروائية، وثلاثة في مسابقة الأفلام الوثائقية، وثلاثة في مسابقة الفيلم القصير، في دورة هذا العام التي بدأت في الرابع من نوفمبر وتتخم في الرابع عشر منه.


وقد خصصت للسينما التونسية أيضا بانوراما "نظرة على الأفلام التونسية" تضّمنت 12 فيلما روائيا ووثائقيا.

ربيع السينما

هذا الرقم القياسي وغير المسبوق للإنتاج السينمائي التونسي يأتي نتيجة مجموعة من العوامل التي طرأت على المجتمع التونسي منذ العام 2011، بحسب المندوبة العامة لمهرجان قرطاج، منها "مناخ الحرية السائد"، و"ولادة مدارس ومرافق لتدريس فن السينما"، و"الدفع الرسمي باتجاه زيادة الإنتاج".

وترى المخرجة الشابة مفيدة فضيلة التي شاركت بفيلم "آية" القصير حول حياة أسرة سلفية أن الحضور العالمي للسينما التونسية ونيلها الجوائز في السنوات الأخيرة "يعطينا دفعا ويدخل نوعا من النفس الجديد على هذه السينما".

ويأتي هذا التقدم التونسي في ظل تراجع أو ركود في الإنتاج السينمائي في المنطقة.

ويقول المركز الوطني لدعم السينما والصورة في تونس إنه "تم دعم 90 % من المشاريع التي تقدمت بطلب" على مدى العامين الماضيين، بينما توكّل القطاع الخاص بإنتاج 10 % من الأفلام التي تم إنجازها في هذه المدة نفسها.

ويرى الناقد حكيم بن حنونة أن تونس لا تعيش ثورة في الحقلين السياسي والاجتماعي فقط، بل إن "الثقافة والإبداع يعيشان أيضا ربيعهما وخصوصا في الميدان السينمائي، حيث تشهد الساحة السينمائية انفجارا إنتاجيا لم تشهده في تاريخها".

ويعزو بن حنونة هذه الفورة الإنتاجية أيضا لمناخ الحريات المكتسبة بعد ثورة العام 2011، مؤكدا كذلك أن الجمهور التونسي عادت له رغبته بالحضور إلى الصالات لاكتشاف الجديد السينمائي.

هجرة وتطرّف

وتقول سيرين غنون عضو لجنة اختيار الافلام للمهرجان إن هذه الأعمال تشكّل نافذة على الشباب في المجتمع التونسي و"حريتهم وإمكانياتهم ومشاكلهم وآفاقهم".

ويتجلّى في كثير من هذه الأفلام رفض العنف والقمع وطلب الحرية، في أعمال يطغى عليها الطابع الاجتماعي، وتتكرر فيها مواضيع مثل الهجرة السرية والتطرف الديني وقضايا الفساد.

وتظهر الاستفادة من مناخ الحرية واضحة في كثير من الأعمال التي تتطرّق للقضايا الممنوعة، مثل فيلم "على كفّ عفريت" لكوثر بن هنية الذي يتحدّث عن علاقة المواطن بالسلطة القمعية من خلال قضيّة اغتصاب، أو الفيلم الوثائقي الذي يتناول نشاط جمعية "فيمن" المدافعة عن المرأة، فضلا عن أعمال تتناول بحريّة أيضا موضوع الجنس.

وتقرّ المندوبة العامة للمهرجان بأنه يتضمّن أكثر من فيلم "يمكن أن يحدث ضجة لتناوله جوانب تعتبر حساسة"، لكن المبدعين تطرقوا لها "بكل حرية وتلقائية وهو ما يتماشى مع المناخ العام السائد اليوم في تونس". وإضافة إلى تزايد الإنتاج السينمائي في تونس، يشير الفاعلون في هذا القطاع إلى الحضور المتزايد للمرأة في هذه الأعمال التي تتسم معظمهما بالصبغة الواقعية.