وزارة الخارجية في مختلف الدول، من وزارات السيادة، ولهذا تحرص الدول على اختيار أفضل العناصر وأكثر الكفاءات للالتحاق بها. فعلى سبيل المثال الهند إعمالاً لنظام الخدمة المدنية الذي ورثته عن بريطانيا منذ فترة الاحتلال يتم إجراء اختبارات للمتقدمين للخدمة المدنية في مختلف القطاعات واختيار أعلاهم كفاءة ويرسلون لوزارة الخارجية ولهذا لا عجب أن الدبلوماسية الهندية منذ نشأتها من أكثر دبلوماسيات الدول النامية كفاءة. وأذكر عندما التحقت بالخارجية المصرية أن قال لنا وزير الخارجية بعد ذلك وهو الدكتور محمد حسن الزيات أن هناك ثلاث دول لديها دبلوماسية متميزة هي الهند والاتحاد السوفيتي آنذاك ومصر. وكان يحرص على التفاعل مع الأجيال الجديدة وهو رحمه الله جمع بين التأهيل الأكاديمي والخبرة المهنية.

ومع زيادة الاهتمام بقضية تمكين المرأة في الإطار العالمي فإن دولاً كثيرة بدأت في إتاحة الفرصة للمرأة لتتبوأ أعلى المناصب في مختلف الوزارات ومن بينها وزارة الخارجية وبذلك حققت المرأة خاصة والحركة النسائية بوجه عام تقدماً في شتى المجالات.

ومن متابعتي لتاريخ البحرين حتي قبل الاستقلال عام 1971، فإنني لمست منذ أوائل القرن العشرين ثلاث سمات هي:

الأولى، الحرص على نشر التعليم منذ العقد الثاني للقرن العشرين حيث تم افتتاح مدارس للبنين وأعقب ذلك افتتاح مدارس للبنات وقد برز نسوة كثيرات في العديد من المجالات وحظين بتشجيع ودعم القيادة الرشيدة وسبقت البحرين في ذلك دولاً خليجية بل وبعض الدول العربية الكبيرة في تمكين المرأة في المجالات الأكاديمية، فأصبحت رئيسة جامعة وعميدة كلية وأستاذة قاضية وفي تولي الوزارات وفي رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي سيدات الأعمال وفي مؤسسات الدولة الأمنية والدفاعية.

الثانية، الاهتمام بتمكين المرأة وإتاحة الفرصة لها للمشاركة في الحياة السياسية بالتصويت والترشح وعضوية المجالس النيابية والبلدية بفضل الرؤية الثاقبة لجلالة الملك والمشروع الإصلاحي لجلالته الذي أطلقه منذ توليه مقاليد الحكم.

الثالثة، تشجيع صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم للنساء في الإقدام على الانتخابات العامة ترشحاً وانتخاباً وتم إنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة سموها ومشاركة نخبة متميزة من النسوة من شتى مجالات العمل السياسي والدبلوماسي والعلمي وسيدات الأعمال من مختلف الطوائف والأعراق في مجتمع البحرين.

الجديد في مجال تمكين المرأة هو تولي الدكتورة الشيخة رنا بنت عيسى آل خليفة منصب وكيل وزارة الخارجية، وقد لمست ترحيباً كبيراً في الوزارة بهذا القرار من الرجال والنساء على حد سواء، وذلك لثلاثة اعتبارات، أولها شخصية الشيخة رنا كإنسانة متواضعة ونشيطة واجتماعية، وثانيها، المؤهلات العلمية والأكاديمية للشيخة رنا فهي حاصلة علي بكالوريوس في العلاقات الدولية وماجستير في السياسة الدولية والدبلوماسية وكان بحثها حول السلام والصراع الدولي وهو موضوع يحظي باهتمام كبير ليس فقط في البحرين بل على المستوى العالمي فهو محور وجوهر العلاقات الدولية وقد حصلت الشيخة رنا على البكالوريوس والماجستير من الجامعة الأمريكية بالولايات المتحدة وحصلت على الدكتوراه من بريطانيا في القانون الدولي. باختصار أنها مؤهلة تأهيلاً رفيعاً للعمل الدبلوماسي في أعلى مجالاته. وثالثها، إن الشيخة رنا تمتاز بحضور ذهني كبير يجعلها دائماً تقدم مبادرات ومقترحات لتطوير العمل ومن ذلك اقتراحها بإنشاء مركز للدراسات الدولية بجامعة البحرين وتولت إدارته وأيضاً عندما انضمت لوزارة الخارجية بادرت باقتراح إنشاء إدارة للإعلام وتولتها وقد تغير اسم الإدارة مؤخراً لتصبح إدارة الاتصال إحدى الركائز المهمة في عمل وزارة الخارجية. كما دعمت الشيخة رنا المرأة البحرينية في مختلف المجالات واحتضنت الشابات المبشرات بمستقبل واعد اللائي وجدن فيها مساندة ودعم كما استفدن من خبرتها وعلمها.

ومن هنا نؤكد أن الشيخة الدكتورة رنا بنت عيسى آل خليفة مؤهلة للمنصب الجديد الذي هي أهل له بما تحققه من تقدم وإنجاز.

ولا شك في أن العمل بوزارة الخارجية هو مصدر فخر واعتزاز من كل شاب أو شابة في مملكة البحرين فالجميع يسعد بالعمل على مقربة من معالي الشيخ خالد وزير الخارجية لما يتسم به من تواضع وحنكة وبصيرة وشجاعة في قول الحق وفي تشجيع الشباب من الجنسين وإيفادهم لدورات الجمعية العامة لصقل مواهبهم وإتاحة الفرصة لهم للصعود في معراج الترقي. وختاماً نقول شكراً وتقديراً للقيادة السياسية الحكيمة والرشيدة، وشكراً لعميد الدبلوماسية البحرينية في هذه المرحلة والذي يمكن أن نطلق عليه العميد الثاني بعد العميد الأول سمو الشيخ محمد بن مبارك. وتهنئة من الأعماق للشيخة رنا وأنا أعرفها حق المعرفة منذ أن عملت معها في مركز الدراسات الدولية بجامعة البحرين وعرفت معدنها النقي الأصيل وما تتمتع به من كفاءة وتفان في العمل والمبادرة.