كان حمد بن خليفة يحاول أن يبدو ذكياً ظاناً أن بإمكانه أن يعقد تحالفاته السرية دون أن يعلم بها أحد فإن كشفت سيكتفي بإنكارها ولم يدرك أن كل حلف عقده كان مكشوفاً لدول الخليج فمكالماته كانت مسجلة وتحركاته كانت مرصودة بل حتى حلفائها كانوا يشون به من خلفه!! وكل حليف كان يضحك لنكاته السمجة فإن ضحكته كانت مقابل أمواله، لابسبب خفة ظله.

استمر الابن مكملاً مسيرة الوالد، وعزز تحالفات والده السرية القديمة بالإعلان عنها، مع إيران والحوثيين وحزب الله وكل الجماعات الإرهابية التي تعمل على إسقاط أنظمة الخليج، الفارق بين حالة ووضع الأب عن حالة ووضع الابن، أن الأب كان عميلاً سرياً توافق مع الإدارة الأمريكية السابقة في تمويل فوضاها الخلاقة، إنما الابن أجبرعلى قطع بعض التحالفات بعد أن كشفت دول الخليج الثلاث العلاقة القطرية التي تجمعها ببعض الفصائل الإرهابية للرأي العام الدولي، فوضعت الولايات المتحدة في موقف حرج.

تلك التحالفات المشبوهة مع كل فصيل إرهابي لم تكن سراً على الولايات المتحدة الأمريكية التي تعلم بدبيب النملة في هذه المنطقة، كانت تعلم بعلاقة قطر بحزب الله كما هي كانت تعلم بعلاقتها بجبهة النصرة والإثنتان مصنفتان أمريكياً ضمن قوائم الجماعات الإرهابية.

التحالف الرباعي قام بدوره مع العهد الجديد وأخذ الأمر بجدية في كشف مواطن الإرهاب وما فعلته المقاطعة مع قطرأنها كشفت الفضائح فأجبرت تميم على التخلي عن بعض التحالفات التي عقدها والده كما أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية قطر بقطع العلاقة مع التنظيمات لأن علم الإدارة الأمريكية بها والسكوت عنها أصبح أمراً محرجاً أمام الرأي العام الأمريكي.

كانت أمريكا تعلم بتمويل قطر لحماس، وتعلم بما يجري في سيناء، وتعلم بضلوع قطر وحماس بتهريب الأسلحة وتهريب المقاتلين لمصر، الذين أعلنوا تأسيس الدولة الإسلامية في سيناء، وتعلم بضلوع قطر بتمويل العمليات الإرهابية، واليوم حين تأمر الولايات المتحدة قطر بالتخلي عن حماس فإن تميم يجيب سمعاً وطاعة، وحين أمرته أمريكا بالخضوع للمراقبة فتميم يفتح أدراجه للمراقبة منتهكاً سيادته وقابلاً بالتعري أمام الأمريكان من أجل تقديم شهادة حسن السير والسلوك.

إنما المفارقة تكمن في غض الطرف الأمريكي قاصداً ومتعمداً عن تطور وتصاعد وتيرة أحد أخطر التحالفات التي عقدها الوالد حمد بن خليفه وعززها الابن تميم ولم يقطعها، وهو التحالف القطري الإيراني من جهة، والتحالف القطري مع حزب الله من جهة أخرى، هذا التعزيز يقع الآن تحت سمع وبصر الأمريكان دون أن تشير له على أنه تحالف ممنوع وتأمر بقطعه، فإن كانت الإدارة الأمريكية السابقة ترى في إيران دولة معتدلة ويجب احتوائها فإنه من المنطقي أن تغض الطرف عن تنامي العلاقات القطرية الإيرانية حينها، إنما الغريبة أن تصمت الولايات المتحدة الأمريكية في ظل الإدارة الترامبية وهي التي تصنف إيران على أنها دولة مارقة وتضع قطر تحت المراقبة لكنها لا تعير هذا التطور اهتمامها وتركته دون الإشارة له من قريب أو بعيد وهي التي تحذر وتهدد أذرع إيران في كل مكان.

من المعروف أن تطور علاقة حزب الله بقطر لم يكن وليد اليوم، بل منذ عهد الوالد حيث كانت قطر هي الدولة الوحيدة التي تبرعت لحزب الله لا للدولة اللبنانية كما فعلت بقية الدول بعد حرب تموز عام 2006 وهي الدولة الوحيدة التي رفعت لها لافتات في الضاحية الجنوبية وقيل لها شكراً قطر، واليوم لدى الولايات المتحدة ودولة قطر تفاهم مشترك حدد في مذكرة التفاهم التي وقعت في 11 يوليو 2017 بين البلدين حول التعاون في مكافحة تمويل الإرهاب، وهو ما قالت عنه الولايات المتحدة الأمريكية أنه يشكل الخطوة الأولى لما يجب أن يكون حملة مستدامة ومستمرة لمكافحة تمويل الإرهاب، مع التركيز بقوة على التهديدات التي يفرضها كل من حزب الله والقاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، فكيف يغض الطرف الجانب الأمريكي عن وقوف قطر مساندة لحزب الله ومقدمة له كل الدعم الذي يحتاجه بل تتبنى موقفه إعلامياً وتحالف قطر مع إيران واستعانتها بخبراء أمنيين إيرانيين وإعلاميين وهذه الأخبار معلنة فكيف بالسرية منها؟ والولايات المتحدة الأمريكية ترصد كل شاردة وواردة لهذا الحزب المصنف إرهابياً والخادم للدولة المارقة إيران، فكيف تغض الطرف عن تنامي أحد الأذرع الإيرانية في الخليج العربي خاصة وهذا الذراع يحتوي على أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة؟ ذلك سؤال مشروع يحتاج إلى إجابة منطقية!!