أكد كتاب صدر حديثا أن نجاح البحرين في تجاوز أحداث 2011 والخروج منها منتصرة كان بفضل حكمة جلالة الملك المفدى ورؤيته السديدة التي استطاعت أن تحول التحديات إلى إنجازات والأزمة إلى فرص، مشيرا إلى أن المملكة كانت وما زالت أقوى وأكثر عزمًا على المضي قدمًا في طريقها نحو التنمية والرخاء لشعبها الكريم الذي وقف إلى جانب قيادته في مشهد عظيم خلده التاريخ.

وأوضح الكتاب الذي يحمل عنوان "حمد بن عيسى آل خليفة والحكم الرشيد"، أن البحرين عزيزة وقوية ومنيعة على الفتن، وأن تنوعها سر قوتها، لافتا إلى أن هناك ملحمة بحرينية قادها جلالة الملك في البناء والتنمية خلال الفترة الماضية، ويجب أن تؤرخ وتسطرها صفحات الكتب، خاصة أن المملكة مقبلة على مزيد من الرخاء والازدهار في الفترة المقبلة.

وأشار الكتاب الذي أعده فريق بحثي كبير رأسه الدكتور عمر الحسن، إلى أن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى مهد الطريق نحو إصلاحات ضخمة بدأتها البحرين عام 1999 في جميع المجالات، ولم تتوقف حتى الآن، ما جعل من تجربة المملكة نموذجًا تقتدي به الأمم في طريقها نحو الإصلاح، ونالت عليها الكثير من التكريم الدولي.


وذكر الكتاب الذي يتناول الفترة من 2011 إلى 2016 إلى أن البحرين بدأت مشروعها الإصلاحي نتيجة قناعات من قيادتها الحكيمة بأهمية الإصلاح، حتى أن العالم وصف هذا المشروع بأنه تدعيم لواحدة من أجرأ التحولات التي شهدتها الدول النامية في إطار موجة التحول نحو الديمقراطية التي شهدها العالم مع بداية الألفية الثانية.

وأضاف أن استجابة جلالة الملك لأحداث عام 2011 كانت فريدة من نوعها، وهدفت للإبقاء على تماسك الدولة وحماية مكتسباتها، مشددا على أن جلالته اتخذ حزمة من الخطوات والإجراءات بعضها غير مسبوق على مستوى المنطقة في مجالات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، وذلك بهدف المحافظة على ما تحقق من مكتسبات؛ حيث كان ذلك هو الشغل الشاغل لجلالته.

ويتحدث الكتاب المكون من 9 فصول: كيف قاد جلالة الملك سياسة خارجية نشطة لتوضيح موقف البحرين وتدعيم التعاون مع المجتمع الدولي ترسيخًا لقوة ومكانة المملكة الإقليمية والدولية والدفاع عن مصالحها والزود عن حياضها، لافتا إلى أن القيادة الحكيمة قامت بـ 140 زيارة خارجية واستقبالات لوفود أجنبية بلغت 244 استقبالاً، وشملت الزيارات والاستقبالات مختلف دول العالم والمنظمات الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة.

وأبرز الكتاب كيف كان لهذا الجهد الجبار للسياسة الخارجية لجلالة الملك مردوده الكبير، حيث تكللت هذه الزيارات بالنجاح، وتم إفشال مخططات قوى الفتنة التي حاولت عزل البحرين عن محيطها وتأليب العالم ضدها، وكان صوت العاهل صداحًا بالحق ليزهق به باطل المتآمرين.

ونوه إلى أن التجربة الديمقراطية البحرينية واصلت نموها رغم ما مر بالبلاد من أحداث، فاستكملت المسيرة الديمقراطية عن طريق إجراء انتخابات تكميلية عام 2011 ثم انتخابات عام 2014، وها هي البلاد تستعد للانتخابات القادمة في 2018، كما تم منح المزيد من الصلاحيات للسلطة التشريعية بناء على ما أقره حوار التوافق الوطني الذي التئم في يوليو 2011، وكان أداء المجلس الوطني بغرفتيه مميزا بالنظر إلى حجم الإنجاز الرقابي والتشريعي الذي قام به.

وكشف الكتاب كيف نجحت المملكة في إدارة الملف الأمني بكفاءة نالت استحسان الدول والمنظمات الدولية، وكان تصميم جلالة الملك على جعل الأزمة بحرينية خالصة، يتم إدارتها ضمن البيت البحريني. وأردف أن حكمة جلالة الملك والدور الكبير الذي قامت به وزارة الداخلية كانا لهما الفضل في استتباب الأمن والاستقرار في البلاد، الأمر الذي نال ثناء وتقدير المواطنين والمقيمين الذين أصبحت لديهم ثقة كبيرة بأجهزة الأمن وقدرتها على إعادة الأمور إلى نصابها.

واعتبر الكتاب أن توجيهات جلالة الملك بسرعة استعادة الأمن والاستقرار كانت عاملا مهما في منع تأثر الاقتصاد البحريني بدرجة كبيرة من أحداث 2011، كما برزت توجيهات جلالته بإنشاء صندوق وطني لتعويض المتضررين في سبتمبر 2011، وتنفيذ مرئيات الحوار الوطني فيما يخص الاقتصاد وعددها 85، وممارسة الدبلوماسية الاقتصادية بجولات القيادة الحكيمة الخارجية، وأعضاء الحكومة لبث الطمأنينة لدى قطاع الأعمال والمستثمرين العالميين، والترويج للفرص الاقتصادية في البحرين.

وبين الكتاب أن انتهاج سياسات مالية تنشيطية، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، والمرونة وتنويع البدائل، وسياسات اقتصاد السوق الحر وغيرها من إجراءات وسياسات، ساهمت في عودة الاقتصاد البحريني إلى استئناف مسيرة صعوده وتنفيذ رؤيته الاقتصادية 2030. وكان من أبرز المؤشرات على ذلك أنه بعد عام فقط من الأزمة افتتحت أكثر من 40 شركة عالمية مكاتب لها في المملكة، وأقبلت 27 شركة جديدة على الاستثمار في منطقة البحرين العالمية للاستثمار.

واستعرض الكتاب مؤشرات التنمية البشرية في البحرين، التي احتلت مكانًا محوريًا في إدارة جلالة الملك للمرحلة التالية على أحداث 2011، لافتا إلى مبادرات برنامج التمكين الرقمي، وتعزيز التعليم للجميع، واستراتيجية تحسين الصحة للجميع 2011 – 2014، ثم 2015 – 2018، وتنفيذ مشروع التأمين الصحي المتكامل، واستمرار إصلاحات سوق العمل، والتأمين ضد التعطل وتطوير التدريب، وتعزيز الفئات المحتاجة، وذوي الاحتياجات الخاصة، وتدشين الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالشباب وغيرها من مبادرات واستراتيجيات ومشروعات في مجالات الإسكان والبنية التحتية.

ورأى الكتاب أن الإعلام الوطني بتوجيه من جلالة الملك قام بدور جبار في التعاطي مع أحداث 2011 والمرحلة التي تلتها وحتى الآن، حيث تحمل مسؤولية نشر الحقائق وتبصير المواطنين والرأي العام في الداخل والخارج بحقيقة الأوضاع. وكان من أبرز القرارات لجلالة العاهل المفدى لتطوير الإعلام لمجابهة الحملة الشرسة على مملكة البحرين آنذاك المرسوم رقم 47 لسنة 2013 بإنشاء الهيئة العليا للإعلام والاتصال، وقرار مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 21 يوليو 2013 باعتماد الاستراتيجية الخمسية للإعلام 2013 – 2018.

وتابع الكتاب مؤكدا أن مسيرة حرية الرأي والتعبير في المملكة لم تتأثر بما شهدته من أحداث 2011، بل على العكس زادت وتيرة التطور كما زادت مساحة الحرية، ونجح الملك بقيادته الرشيدة في تصحيح الصورة المغلوطة التي حاول البعض رسمها للبحرين في الخارج، كما نجح أيضًا في خلق مناخ من الشفافية والحرية.

وشدد الكتاب على حرص جلالة الملك بتعزيز مسيرة حقوق الإنسان من خلال التشريعات الناظمة لها، وإنشاء المزيد من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، وتطوير أدائها كالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وأمانة التظلمات ومفوضية حقوق السجناء، ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية. إضافة إلى ذلك مبادرات جلالة الملك بإنشاء المؤسسات ذات الطابع المؤقت، كاللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وآلية الحوار الوطني، واللجان المعنية بتنفيذ توصيات كل منهما. كما شهدت الفترة من 2011 وحتى الآن تحولاً كبيرًا في نوعية وعدد منظمات المجتمع المدني، التي أخذت تنمو في المملكة لتصل لأكثر من 600 جمعية.

وتطرق الكتاب إلى دور المرأة البحرينية وكيف شاركت بإيجابية في تجاوز أحداث 2011، ما أدى الى تعزيز قيم وثقافة تمكين المرأة، ودعم حضورها ليس فقط على المستوى المحلي، وإنما على المستوى العالمي أيضا.