هدى حسين:

اعتبرت صفاء العلوي أن الرواية الخليجية فسحت لنفسها مكاناً أوسع على الخريطة الإبداعية الأدبية وصورة المرأة محورها، مؤكدة أن الصورة النمطية عن المرأة في الحقبة الجديدة من هذا الزمن الحديث تغيرت، وبدأت المرأة تأخذ حيزا من المجتمع، بدأت المرأة في الآونة الأخيرة ، حيث غدا اهتمام الكتاب بتصويرها بشكل فعال في المجتمع.

جاء ذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لشهري سبتمبر وديسمبر 2017م، حيث أقامت أسرة الأدباء والكتاب ندوة بعنوان "المرأة وصور البطولة في الرواية الخليجية" للدكتورة صفاء العلوي، وأدارت الندوة الشاعرة والكاتبة ندى نسيم، مساء الأحد.


وقالت إن هذا الحضور اللافت للمرأة الخليجية المعاصرة في مختلف مجالات الحياة، وتمثل ذاتها بالقوة والصلابة، حديثا عنها وتطوراتها مع تطورات العصر من خلال أمثلة كثير من الروايات الحديثة، لكن مازالت هناك روايات تجسد المرأة الضعيفة الهشة، أعتقد من وجهة نظري الخاصة أن هذا الصراع بين الصورتين الحديثة والقديمة طبيعي وصحي وغير مؤذٍ وانه يعكس صورت التحولات المجتمعية والاقتصادية والسياسية الكبيرة التي يدور بها هذه المجتمعات.

وأضافت كان الشعر هو الفن الأدبي المسيطر على وجداني المجتمع الخليجي زمنا طويلا ، حينها لم تكن للرواية مساحة لافتة من الاهتمام ، إلا من النخب المثقفة منه في هذه المجتمعات ، حتى بداية الثمانينيات، بدأ الاهتمام بالرواية على مستوى الخليج العربي ، فبرز في منطقة الخليج من الجيل الروائي الأول عدة أسماء منها: من مملكة البحرين محمد عبد الملك، عبدالله علي خليفة، فوزية رشيد، ومن دولة الكويت إسماعيل فهد إسماعيل ، ليلى العثمان ، فاطمة يوسف العلي ، ومن المملكة العربية السعودية غازي القصيبي ، عبدو الخال، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ، راشد النعيمي من دولة الامارات الشقيقة ، عبدالله محمد ، زويدة من سلطنة عمان ، والكثير من الاسماء التي لا مجال هنا لحصرها، وأن هذا الجيل من رواد الرواية في الخليج العربي ومما ساهموا في لفت الانتباه بتجاربهم الروائية في مراحلها الأولى .

ولفتت إلى بداية الرواية الخليجية التي فسحت لنفسها مكاناً أوسع على الخريطة الإبداعية الأدبية ، خاصة في العقديين الأخيرين وذلك لعدة أسباب ، أولها دخول أسماء شبابية جديدة وكثيرة في مجال كتابة الرواية لاعتقادهم أن كتابة الرواية عملية سهلة وممكنة ، هذه السهولة أغرت أسماء كثيرة لكتابة روايات لم تكن بالمستوى المتوخى في بعض الأحيان، ثانياً وجود وفرة عديدة من الروايات وغزارة في الإنتاج الروائي نظرا لاستعداد دور النشر لنشر تلك الروايات ، ثالثا لقد أغرى النجاح التي حققته بعض الروايات الشبابية بعض الشعراء والفنانيين والمعروفين وأثار حماسهم المغامرة والدخول في عالم الرواية ، في هذه الحالة يكون هناك لبس بين الشاعر والكاتب، رابعا تحويل بعض الروايات الناجحة جماهيريا إلى مسلسلات تلفزيونية من قبل شركات الإنتاج التلفزيوني ساهم في خلق دافعية كبيرة لدى الروائيين للكتابة .

وتابعت "كل هذا الكم الهائل من الروايات والروائيين على مستوى الخليج العربي، لابد أن تكن المرأة محور العديد من هذه الروايات ان لم يكن جلها ، فالمرأة قضية أساسية في كل عمل إبداعي فني، مشيرة إلى أن "موضوعات الرواية الخليجية في المرحلة القديمة كانت بشكل عام دون الدخول في التفاصيل العميقة لكل بلد خليجي وطبيعة الرواية فيه تطرقت إلى قضايا التحول من مجتمع الصحراء والبر بكل ما فيه من معانات وقسوة والعلاقات الاجتماعات التي تحكمها التقليد والعرف السائد ، إلى مجتمع بديل بكل مافيه من ادوات حضارية معاصرة ومتغيرات في علاقاته الاجتماعية ، متخذه من الزمان والمكان ، منطلقاً مهماً للفكرة والأحداث" .

وأشارت إلى صورة الرواية الخليجية القديمة ومكانة المرأة فيها، فهي قضية تبرز فيها الفوارق بينها وبين الرجل الشرقي، فهماك عدة صور للمرأة للخليجة وليست صورة واحدة ، صورا تغيرت وتبدلت مع المجتمع الخليجي وتطوراته ومع تغير مفاهيم المجتمع ، فقد كرست الرواية الخليجية ، فهي تارة الأم التي لا تعمل ولكنها تشقى وتضحي من أجل تربية ابنائها رغم قسوة الظروف التي تعيشها الأسرة ، كذلك صورة الزوجة المطيعة التي ترضى بوضعها وتلبي رغبات زوجها وأوامره القاسية رغبة في المحافظة على كيان الأسرة من الانهيار ، ثم صورة المرأة الحبيبة التي تحاول ان تدفع حبيبها الى الطموح والنجاح والتفوق في الدراسة والعمل ولكن في نهاية المطاف يخذلها هذا الحبيب ويتزوج بامرأة أخرى ، وصورة الأخت التي تضحي من أجل أخوتها وتحرم نفسها من مواصلة تعليمها وتقبل بوظيفة بسيطة تساعدها على الانفاق على أخوتها حتى يتعلموا ويكبروا ويعملوا ويتزوجوا وينجبوا ويصرفون عنها كلا مع حياته الخاصة وتبقى هي وحيدة دون مأوى تعاني قسوة الأيام ، وغيرها الكثير .

وتقول إن هناك من يؤكد هذه المنحى ويقول إن الرواية الخليجية آنذاك عالجت صورة المرأة في ضوء ما تقاسيه المرأة وتصورها غالبا في صورة المغلوبة على أمرها الضعيفة المغبونة، وذلك من خلال بعض الثيمات التي تبرز الاختلاف الشاسع بين الجنسين الذكوري والأنثوي ، وتظهر كيفية تحكم القوي ألا وهو الرجل على الكائن الضعيف ألا وهي المرأة، وفي المقابل هناك آراء أخرى ، ترى بالرغم من الصورة التي تتردد عن المرأة الخليجية كانت دائماً تصورها على أنها مهمشة وهي انعكاس للمجتمع في مرحلة من المراحل .

ولاحظت أن أكثر الروايات الأن من الجنس الناعم بنسبة 70% هن كاتبات، فهل الروائيات من الجنس الناعم عندما تكتب تجسد صورتها بنفسها وتحكي الواقع أكثر من الرجل "الكاتب" ؟ ، أم تتخبأ وراء المثاليات، وهل الكاتب يستطيع أن يجسد صورة المرأة الخليجية بصورة واضحة ودقيقة ؟.

وفي ختام الندوة ، استعرضت العلوي تحليلها لروايتين حاصلة على لجائزة "بوكر" العالمية للرواية، هما رواية ساق البامبو للكاتب سعد السنعوسي ، ورواية "غراميات شارع الأعشى" للروائية السعودية بدرية البشر.

يشار إلى أن صفاء إبراهيم العلوي حاصلة على دكتوراه من الجامعة الأردنية بعنوان بحثها "استراتيجية إدارية تربوية مقترحة لتطوير البرامج الرياضية للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فئة الدمج في مملكة البحرين، في ضوء إدارة الجودة الشاملة" بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، حيث تعتبر أطروحة الدكتوراه أول أطروحة من نوعها على المستوى الوطن العربي، والتي أثبتت من خلالها أن الرياضة مهارة علاجية سلوكية لذوي الاحتياجات الخاصة ، كذلك حاصلة على الدبلوم العام في التربية من جامعة القديس يوسف في لبنان، وعلى درجة الماجستير في العلوم التربوية أيضا من جامعة القديس يوسف في لبنان.

إلى ذلك ، لها الكثير من المشاركات في العديد من الورشات التدريبية والفعاليات والمؤتمرات ومنها على سبيل المثال ، شاركت في مشروع "خذ بيدي" لطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ، وكذلك في المنظومة التدريبية لريادة التميز الاستراتيجي في دبي، بالإضافة إلى اجتيازها دورة تدريبية لحقوق الإنسان والطفل، إلى جانب أنها عضو فعال في العديد من اللجان في وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم والمناهج .

وقد ساهمت د. صفاء في نشر الكثير من البحوث في مجال تخصصها نذكر منها ، تصور مقترح لبرنامج تدريبي رياضي لمعلمي التربية الرياضية في كيفية التعامل مع التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة فئة الدمج في المدارس الابتدائية الحكومية في مملكة البحرين جائزة سمو الشيخ ناصر للبحث العلمي الرياضي ، وكذلك لها ورقة عمل في تطوير البحث العلمي في التعليم العالي في مملكة البحرين ، هذا كان الجانب الأكاديمي للدكتورة .

أما جانب المهارات الحياتية للدكتورة، فهي تملك مزيجاً من الاهتمامات الثقافية والفنية ، ولديها شغف شديد في الأدب والفن والموسيقى والتاريخ ، وهي كذلك تمتلك ذائقة عالية في الشعر وذاكرة حافظة للكثير من القصائد سواء كان للشعر العامي أم الفصيح ، إلى جانب مشاركات في تشجيع القراء وفي أكثر من مناسبة مع جمعية "كلنا نقرأ"، وأيضاً هي فنانة تشكيلية ومهتمة بالأزياء، ولديها حب عميق للموسيقى، وكذلك لديها اهتمام بالتاريخ ، والتعرف على ثقافات الدول الأخرى . هذا الزخم الهائل من العطاء في جميع الميادين، كفيل بتشكيل الوعي الذاتي للمرأة ، والذي يجعلنا حقيقة نتساءل ، عندما تمتلك المرأة هذا البعد وهذا النضوج في جميع النواحي الجمالية ، ألا يحق لها أن تأخذ أدوار البطولة والتألق في الرواية الخليجية ؟