* البطريرك الراعي: السعودية وقفت بجانب لبنان في أصعب مراحله سياسياً واقتصادياً وأمنياً

* المملكة فتحت الدار والذراعين والقلب أمام أبناء الجالية اللبنانية

* أتفهم استقالة الحريري وسيعود قريباً إلى لبنان



* أوساط المفتي دريان: نحذر من تدويل الأزمة اللبنانية

بيروت - بديع قرحاني

اختتم البطريرك الماروني بشارة الراعي زيارته التاريخية إلى المملكة العربية السعودية، بعد أن التقى خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد السعودي، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. ووصفت الزيارة بأنها تاريخية لأنها تعد أول زيارة لبطريرك ماروني إلى السعودية.

والتقى البطريرك الراعي رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري في الرياض، وأكد الراعي أنه "يتفهم استقالة الحريري"، مشيراً إلى أن "الأخير سيعود قريباً إلى بيروت". وقد وجهت مواقف البطريرك الماروني صفعة قوية لمحور إيران في لبنان، خاصة موقفه من المملكة العربية السعودية، وتحييد سلاح "حزب الله".

وتأتي هذه الزيارة في ظل أزمة جديدة تعيشها الساحة اللبنانية على إثر استقالة الحريري، بسبب تدخل "حزب الله" في شؤون الدول العربية، وعدم احترام سياسة النأي بالنفس، كما اتفق عليها إبان التسوية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية والحريري لرئاسة الحكومة، بينما لا يزال الفريق السياسي الموالي لمحور إيران يرفض الاستقالة، ويطالب بعودة الحريري إلى لبنان لإعلان استقالته من بيروت. وقد توجه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إلى باريس والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلن دعمه لسيادة وحرية لبنان.

وقال وزير الخارجية اللبناني من باريس "نحن بانتظار عودة الحريري حتى يمارس حريته كما يريد ونفتح مرحلة ثانية بالبحث عن حلول للمشاكل التي تعترضنا والهواجس المطروحة"، مضيفاً أن "لبنان يرفض أي ضرر للسعودية".

وكان اللافت ما نقله موقع "الأنباء الالكترونية" عن أوساط مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان خاصة تحذيره من تدويل الأزمة اللبنانية كي لا تتجه الأمور نحو منزلقات تفوق قدرة لبنان على الاحتمال.

وكان البطريرك الراعي قد اتخذ مواقف هي أشبه بصفعة جديدة لمحور إيران في لبنان، من خلال إشادته بالمملكة العربية السعودية ومواقفها التاريخية في دعم لبنان واللبنانيين، وقد تحدث البطريرك الراعي أمام الجالية اللبنانية في الرياض حيث استهل كلمته بتحية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكذلك حيا السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب، وجميع السفراء، ونوه بالزائر الرسولي على منطقة الخليج المونسنيور كميللو بيلليني، وشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على دعوته والاستقبال. كذلك حيا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونقل عنه "تحياته لأبناء الجالية ودعاءه في سبيلهم، وأنتم التقيتموه عندما زار المملكة".

وقال "ما كنت أحلم يوماً بإمكان زيارة المملكة، ولكن الدعوة التي تلقيتها عام 2013 اتفقنا نتيجتها على زيارة المملكة، إلا أنني عدت واعتذرت عن عدم تلبيتها على أثر استقالة البابا بينيديكتوس السادس عشر ودعوتي إلى المشاركة في انتخاب بابا جديد. ثم جاءت الأحداث والظروف التي مر بها لبنان والفراغ الرئاسي ووفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حالت دون تلبية الدعوة. ثم كانت الزيارة اليوم".

وشكر للملك سلمان "قبوله إقامة هذه الحفلة قبل لقائه به، نظرا إلى المحبة التي يكنها للبنانيين"، مشيراً إلى أن "المملكة فتحت الدار والذراعين والقلب أمام أبناء الجالية، وأنتم أعطيتموها من قلبكم وتعبكم، والمملكة من ملك إلى ملك ومن أمير إلى أمير، أقرت لكم بمهارتكم وقدرت لكم أنكم من بلد إلى بلد كنتم حيث حللتم، تعتبرون البلد الذي تدخلونه مثابة وطن ثانٍ لكم وتحترمون قوانينه وعاداته وديانته وعقيدته. ولهذا أنتم محترمون ومقدرون من سلطات هذه الدولة واللبنانيون كانوا أينما عاشوا يحسنون العلاقة مع السلطات المدنية والدينية، ونحن حيثما نذهب نسأل كل تقدير للبنانيين، وهذا ما سنسمعه غداً من جلالة الملك وسمو الأمير، وأنا طبعاً سأعبر باسمكم عن الامتنان وعرفان الجميل".

وأضاف "نحن كلبنانيين نحمل تراثاً من خلال هويتنا وخصوصيتنا اللبنانية، وفي ختام السينودس من أجل لبنان، قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني أن لبنان بلد صغير لكنه كبير برسالته".

وتحدث البطريرك الراعي عن التعددية الثقافية والدينية في لبنان، وقال "إنه فسيفساء وليس انصهاراً، ففي لبنان يحترم كل إنسان بثقافته وإيمانه وتقاليده لذلك هو بلد يحمل في طياته ثقافة الانفتاح على الآخر المختلف والتضامن مع الآخر المختلف والتساهل والتكامل معه لكي نبني هذه العائلة اللبنانية معاً يوماً بعد يوم".

وتابع "الحياة الزوجية صعبة ولكن نبنيها كل يوم وهكذا لبنان أيضاً بكل مكوناته يبنى يوماً بعد يوم وهو مشروع يتحقق أيضاً كل يوم، وهذا المشروع للعيش معاً مسلمين ومسيحيين بالمساواة في الحكم والإدارة والاحترام المتبادل، نحن في لبنان بعد 3 سنوات سنحتفل بالمئوية الأولى لولادة لبنان وأن مئة سنة من الزواج الإسلامي - المسيحي تعني أن لبنان لن يزول طالما فيه مسيحيون ومسلمون يتعايشون مع بعضهم".

وحيا الكاردينال الراعي "المملكة العربية السعودية التي وقفت إلى جانب لبنان في أصعب مراحله سياسياً واقتصادياً وأمنياً وكانت حاضرة لتعضد هذا البلد الشقيق الصغير ولكن صاحب الدور الكبير".

وقال إن "ملوك وأمراء المملكة العربية السعودية كانت لهم بيوت في لبنان وأحبوا لبنان والعيش فيه وهم متشوقون ربما أكثر منا إلى أن يعود هذا الوطن إلى أمنه واستقراره لكي يستعيدوا جمال الحياة في الربوع اللبنانية".

وتوجه إلى أبناء الجالية اللبنانية قائلاً "إن السعوديين يحبونكم ويبادلونكم المحبة والاحترام، وطبعاً أنا سأعلن باسمكم شكرنا لجلالة الملك وسمو الأمير على استقبال المملكة لكم، كذلك سنعلن المحافظة على الصداقة والأخوة القائمة بين لبنان والمملكة. ولو مرت رياح عاتية في بعض الأحيان، فإن الشعب اللبناني يظل على عهده، وتاريخ لبنان تاريخ صداقة. وتعرفون أيضاً أن العلاقات بين البطريركية المارونية والملوك ترقى إلى أسلافي الأربعة البطاركة أنطون عريضة والكاردينال بولس المعوشي والكاردينال أنطونيوس خريش والبطريرك الكاردينال نصرالله صفير أطال الله عمره. وفي محفوظات البطريركية نجد مراسلات مع ملوك وأمراء هذه المملكة العزيزة".

وربما تغريدة القائم بالأعمال السعودي في لبنان تختصر واقع الحال الصعب في لبنان وليد البخاري في بيت شعر يقول فيه: "لُبنان أرض الحِجَى هلْ للحِجَى أَجَلٌ.. قد حان في جدل أم جاءنا الأَجل".