اشتكى أحد النواب من أحد وكلاء الوزارات بالدولة لعدم رد مكتب الوكيل على خطاب وجهه إليه النائب منذ أكثر من ثلاثة أشهر يطلب من خلاله مقابلته فقط وليس شيئاً آخر. قبل يومين كذلك كتبتْ إحدى النائبات في مجلس النواب على صفحتها الشخصية في موقع «إنستغرام» بأنها أرسلت خطاباً لمكتب أحد الوزراء منذ نحو ثلاثة أشهر كذلك من أجل مقابلته لكن مكتب الوزير لم يُجِبْ على خطابها حتى هذه اللحظة!

إذا كان عضو المجلس التشريعي حضرة «النائب» لا يستطيع مقابلة الوزير أو حتى وكيل وزارة فهذا يعني أن أبواب المسؤولين الكبار مازالت مقفلة بالحديد «والسكيورتية» وجيوش السكرتيرات، كما ترسل لنا هذه السلوكيات البالية إشارات واضحة بأنه يستحيل للمواطن ملاقاة أي وزير أو وكيل أو مساعد وكيل أو حتى «مسؤول الاستعلامات» في الكثير من مؤسسات الدولة بسبب البروتوكولات العتيقة والأنظمة المعتقة التي مازالت «شغَّالة» منذ سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

نتذكر جيداً حين كتبنا هنا من قبل نحو ثمانية أعوام عن ضرورة اتباع سياسية الأبواب المفتوحة وضرورة خلع أبواب كل المسؤولين وتقليص عدد أفراد الحراسة لديهم والسكرتيرات كذلك حتى يستطيع الناس إيصال صوتهم بكل أريحية للمسؤولين الكبار ونقل معاناتهم إليهم بكل شفافية لمعالجة الكثير من القضايا والهموم من خلال الملاحظة اللصيقة بين المواطن والمسؤول لو حدث التقارب المرجو بينهما، كما أننا وبسبب الأوضاع الاقتصادية وانتهاج سلوك التقشف الرسمي ستكون سكرتيرة واحدة «وسكيورتي واحد» يكفيان للوزير الواحد، ولا داعي لكل هذا الكم الهائل من الحراس والسكرتيرات اللاتي أصبحن يشكلن في الغالب حائط صدٍّ بين المواطن والمسؤول الكبير!

إن عدم رغبة المسؤولين الكبار -ومن ضمنهم الوزراء- في مقابلة نائب الشعب ولمدة تتخطى ربع عام بالتمام والكمال يعطينا مؤشراً واضحاً بأن هناك خللاً ما في عملية التفاهم والتلاقي بين السلطتين، كما يعطينا انطباعاً بأن المسؤولين لم يدركوا بَعْد أهمية فتح أبواب مكاتبهم للجمهور، حتى وجدنا أن بعض الوزارات لا يمكن لأي فرد أو نائب أو إعلامي من تخطي بوابة مواقف السيارات للوصول إلى باب الوزارة، فهل يمكن للمواطن الذي لديه شكوى صريحة وربما خطيرة من أن يُوصِل صوته للوزير الذي يسكن في برجه العاجي -منذ سنين- دون تفهّمه ضرورة فتح بابه لتطوير الخدمات الحكومية للناس؟

نحن لا نذهب إلى أن تكون لقاءات الوزراء والمسؤولين مع الجمهور بطريقة «سائبة» وعشوائية أو من دون مواعيد أو ترتيبات أوَّلية مسبقة، فهؤلاء لديهم أولويات ولديهم مشاغل كبيرة ومسؤوليات جسيمة يجب على الجميع أن يتفهَّمها، لكن ذلك لا يعني أن يتخذ المسؤول هذا الأمر ذريعة «أبدية» بعدم امتلاكه الوقت الكافي لملاقاة النواب وحتى الناس، بل نحن نؤمن أن ملاقاة الوزراء للجمهور أهم بكثير من ملاقاة مسؤولين احترفوا التلميع وتغطية عيوب المؤسسات التي يعملون فيها. وأخيراً لن نقول للمسؤولين «افتحوا أبوابكم» بل سنقولها كما قلناها قبل نحو عقد من الزمن «اخلعوا أبوابكم» فإن في ذلك مصلحة للوطن والمواطنين.