* لأول مرة في التاريخ.. القطار يصل إلى العاصمة المقدسة

* قطار الحرمين يختصر المسافات بين المدن المقدسة إلى 150 دقيقة

مكة المكرمة – كمال إدريس



رفع مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل أمام عدسات المصورين صباح الإثنين، أول تذكرة قطار تحمل اسمه ورقم مقعده على درجة رجال الأعمال تصدر لرحلة قطار الحرمين بين محطتي جدة ومكة المكرمة، حيث تحركت أول رحلة لهذا الخط الحيوي استقلها الأمير خالد الفيصل ونائبه وعدد من المسؤولين في رحلة تجريبية للقطار وصولاً إلى محطة الرصيفة بمكة المكرمة التي تبعد عن الحرم المكري الشريف بنحو 4 كيلومترات.

قائد الرحلة الأولى للقطار إلى مكة المكرمة ياسر هوساوي، قال لوسائل إعلام محلية إن "شعوره لا يوصف في هذا الحدث التاريخي الهام، فهذه أول رحلة للمشروع الذي بدأناه منذ أكثر من 5 سنوات وقد تحقق الحلم اليوم".

يذكر أنه لأول مرة في التاريخ يصل القطار إلى العاصمة المقدسة.

واستهل الأمير خالد الفيصل رحلته التجريبية بين جدة ومكة المكرمة رافقه فيها سمو نائبه ووزير النقل السعودي بقص أول تذكرة للقطار.

وقطار الحرمين، الذي يعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بجدة، وقطعت أول تذكرة لرحلاته إلى مكة المكرمة الإثنين، ويخدم القطار 160 جسراً، و840 عبارة، و5 محطات، و6 أرصفة.

ويبلغ عدد القطارات 35 قطاراً، تسحب كل منها 13 عربة، بطاقة استيعابية 60 مليون مسافر سنويا، وطول المسافة تصل إلى 450 كلم، وسرعة القطار 300 كلم في الساعة، ويختصر المسافة بين جدة ومكة إلى 21 دقيقة، وبين جدة والمدينة إلى 120 دقيقة.

ورفع أمير منطقة مكة المكرمة التهنئة لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على ما تحقق من إنجاز في قطار الحرمين الذي يقدم خدماته للحجاج والمعتمرين وسكان المملكة العربية السعودية.

وقال الفيصل إن "المشاريع التي تتوالى ليست للتباهي والمفاخرة بل تأتي من منطلق أننا مؤتمنون على هذا البلد الذي يضم أقدس بقاع الأرض، ولقد عودنا قادتنا على أن نتطلع إلى الأفضل وأن نحسّن جميع الخدمات خدمة للمواطنين والمسلمين الذين يتوافدون على هذه الأرض المباركة".

وعبّر أمير منطقة مكة المكرمة عن شكره لوزير النقل الدكتور نبيل العامودي على مشاركته في الرحلة، واصفاً إياها بالناجحة، وأردف سموه "أتمنى ألا نتوقف عند هذا المشروع وأن نستمر بمواصلة العمل، فمنطقة مكة تحتاج إلى قطار آخر يصلها بجازان وقطار أخر من الطائف إلى نجران".

وختم سموه حديثه بالتأكيد على أن "الشباب السعودي عماد التنمية والبناء وهم أمل الأمة، وجميع الإمكانات مسخرة لخدمتهم وصقل مواهبهم ليكون لإبداعهم بصمة في التنمية".

وهناك 3 مشاريع كبرى تتأهب مكة المكرمة للدخول عبرها إلى عصر جديد، تدخل بموجبها منظومة النقل مرحلة مخالفة لما كان متبع طوال تاريخ المدينة المقدسة، لتستبدل النقل بالسيارات والباصات بمختلف أحجامها إلى القطارات الكهربائية الحديثة، التي ستشكل واجهة حضارية للمملكة العربية السعودية أمام الحجاج والمعتمرين وزوار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلن عن نهاية فوضى السير التي ظلت ملازمة لمواسم الحج والعمرة.

وكان يوم الثلاثاء 16 أكتوبر الماضي يوماً فارقاً، مؤذناً ببداية صفحة جديدة من تاريخ النقل بوصول أول رحلة لقطار الحرمين إلى مكة المكرمة في رحلة تجريبية قادماً من مدينة جدة، عقب استكمال الخط الواصل بين المدينتين، ضمن المنظومة المتكاملة للربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، مخفضا تلك المسافة من أكثر من 4 ساعات إلى نحو 150 دقيقة.

على المدخل الرئيس لمدينة مكة المكرمة، كان الاستقبال حافلاً بقدوم أول قطار بمحطة حي الرصيفة التي تم تشييدها على مساحة تزيد على 503 آلاف متر مربع، وتبعد عن الحرم المكي الشريف نحو 4 كيلومترات، وهي إحدى 5 محطات للركاب يتضمنها مشروع قطار الحرمين السريع في كل من المدينة المنورة، مدينة جدة، مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية.

ويعد مشروع قطار الحرمين السريع من أضخم مشاريع النقل العام في منطقة الشرق الأوسط، حيث يمتد بطول 450 كيلو متراً، ويتكون من خط حديدي كهربائي مزدوج يربط بين المدينتين المقدستين "مكة المكرمة والمدينة المنورة" مرورًا بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، لخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والمواطنين والمقيمين، إذ يقطع المسافة بينهما بسرعة 300 كلم في الساعة.

الطاقة الاستيعابية للمشروع – بحسب المسؤولين – تصل إلى 60 مليون راكب سنوياً، وسيتم تشغيل 35 قطاراً بسعة 417 مقعداً للقطار الواحد، وتم تجهيزها بأفضل وسائل الراحة وفق أحدث نظم النقل العالمية، من شأنها أن تحيل منظومة النقل التقليدية إلى التقاعد، والتي وفرت في العام 2016 نحو 733 ألف مقعد في 16 ألف حافلة، أدارتها 23 شركة لنقل الحجاج.

ووفقا لرئيس هيئة النقل العام رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية الدكتور رميح بن محمد الرميح فإن أول رحلة لقطار الحرمين إلى محطة الرصيفة بمكة جاءت للتأكد من تناغم كافة أجزاء المشروع وكفاءة وسلامة الأداء قبل انطلاق التشغيل الرسمي خلال الأشهر المقبلة.

منظومة القطارات المتمثلة في قطار الحرمين، قطار المشاعر، ومترو مكة من شأنها تخفيف الضغط على العاصمة المقدسة وتيسير الانتقال، وتقليل التلوث الناجم عن محركات المركبات، فضلا عن فوائد اقتصادية واجتماعية عديدة.

ويعد مشروع شبكة القطارات "المترو" والحافلات الذي أقرّ تنفيذها مجلس الوزراء بتكلفة نحو 62 مليار ريال، ينفذ على ثلاث مراحل، ليغطي مدينة مكة المكرّمة بالكامل.

وتبدأ نقطة انطلاق القطار "ب" من منطقة الجمرات في مشعر منى، ويتجه غربا مروراً بشمال المسجد الحرام، ثم عبر طريق الملك عبد العزيز الموازي مروراً بمحطة قطار الحرمين السريع بالرصيفة وينتهي في طريق مكة جدة السريع غرب الطريق الدائري الثالث، بطول 11 كيلو متراً وبعدد 7 محطات.

فيما ينطلق خط القطار "ج" من طريق المدينة المنورة -مدخل مكة المكرمة الشمالي- شمال مسجد التنعيم، ويتجه جنوبًا حتى يصل المنطقة المركزية غرب المسجد الحرام، ثم يتجه جنوبًا خلف وقف الملك عبد العزيز ثم إلى شارع العزيزية العام، ومنه إلى طريق الطائف -الكر- حتى يصل إلى جامعة أم القرى بطول 33 كيلو مترا وبعدد 15 محطة.

ويأتي تنفيذ مشروع النقل العام للقطارات والحافلات في مدينة مكة المكرمة وفقاً للخطة التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، مشتملاً على منظومة للقطارات والحافلات، التي من أهم ملامحها، إنشاء شبكة قطارات ''مترو'' ومخطط للحافلات يتكامل مع شبكة القطارات.

ويشتمل المشروع أيضا على شبكات حافلات سريعة، بإجمالي أطوال 60 كيلومتراً، وإجمالي عدد المحطات 60 محطة، وكذلك شبكات حافلات محلية بأطوال تبلغ 65 كيلومتراً وعدد محطات يبلغ 87 محطة، إضافة إلى شبكة حافلات مغذية لمحطات القطارات ومحطات الحافلات السريعة، يراوح طول الخط الواحد بين خمسة إلى عشرة كيلومترات.

أما قطار المشاعر الذي يعمل بكامل طاقته الاستيعابية حالياً فيعمل على نقل نصف مليون حاج خلال ستة ساعات فقط من عرفات إلى مزدلفة، وهي عملية تفويج تعد ضمن أضخم عمليات التفويج في العالم، ويربط القطار مشعر منى بمزدلفة وعرفات مرورا بالجمرات، كما يهدف إلى تقليص الاعتماد على الحافلات في التنقل بين المشاعر، إذ أنه أسهم في الاستغناء عن استخدام أكثر من 30 ألف حافلة، كما يهدف إلى رفع مستوى الأمان أثناء عملية التنقل بين المشاعر.

ويمر القطار بثلاث محطات مختلفة في مشعر عرفات، وينتقل بعدها ليمر بثلاث محطات أخرى في مزدلفة، وبعد ذلك يتوقف في المحطة الأولى في أول مشعر منى، ثم وسطه، بينما تكون محطته الأخيرة عند الدور الرابع في منشأة جسر الجمرات.

ويتميز القطار بقربه من المستخدمين له على طول الخط على مسافة 300 متر من الجانبين، وهو خط مزدوج مرتفع عن الأرض وكذلك المحطات، كما يراعي القطار جغرافية الأرض وعدم المساس بمجاري السيول والأودية، ويوفر المشروع أيضاً ساحتين للانتظار في كل محطة تستوعب الواحدة منها ثلاثة آلاف حاج، وساحة انتظار ثالثة أسفل المحطة لتفويج الحجاج تباعاً، كما أن هذه الساحات مزودة جميعها بوسائل للسلامة، وأخرى لتلطيف الجو.