قال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، إن رجال شرطة البحرين قدموا خلال السنوات الست الماضية 22 شهيداً كما سجلت أكثر من 3500 إصابة، منها أكثر من 90 مصاباً بعجز دائم سوف يعانون منه هم وأسرهم مدى الحياة .

وأضاف خلال ترؤسه وفد مملكة البحرين المشارك في الاجتماع الثاني لرؤساء أجهزة الشرطة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمقر الأمانة العامة لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية في مدينة ليون الفرنسية، أن الاجتماع يأتي في ظل الكثير من المتغيرات والتهديدات الأمنية التي تشكلها الجريمة بصورتها المعاصرة والتي تتحرك بصورة متسارعة وعابرة للحواجز والحدود وتهدد الأوطان وعلى كافة المستويات وأخذت صوراً عديدة ومتشابكة، حتى باتت تهدد القيم الإنسانية والأخلاقية الراسخة.

وأوضح أن هذه المتغيرات والتهديدات فرضت مزيداً من التعاون والتنسيق الإقليمي والدولي في ضبط الجرائم وملاحقة المجرمين، حتى لا يتوفر ملاذ آمن لأي مجرم مطلوب للعدالة، مشيراً إلى أن أكثر تلك التهديدات، ظاهرة تنامي الإرهاب والتطرف والتي باتت تهدد العالم بأسره وتعاني منها الشعوب كافة والتي ما كان لها أن تصبح عالمية لولا الدعم المالي واللوجستي الذي توفره بعض الدول والجماعات لتلك العصابات الإجرامية التي تمارس الإرهاب وتروج له تحت مسميات وشعارات مضللة.



وقال رئيس الأمن العام إن مملكة البحرين عانت في الآونة الأخيرة من هجمات إرهابية منظمة على يد جماعات إرهابية مدربة ومموله ومسلحة من قبل جهات ترعى الإرهاب وتتخذه وسيلة لتحقيق أطماعها وإدخال المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الأمني.

وتابع: "بتحليل بسيط لتلك الهجمات الإرهابية ، نجد أن هناك تطوراً نوعياً لها سواء من حيث اختيار الأهداف وطبيعتها أو الأدوات المستخدمة والتخطيط والتنفيذ، كما أثبتت التحقيقات مع العناصر المقبوض عليها والأدلة التي أسفرت عنها عمليات الضبط، عن تكوين تلك العناصر لخلايا إرهابية تم تدريبها ودعمها من جهات خارجية محددة".

وأضاف أن الأجهزة الأمنية، تمكنت وبفضل من الله عز وجل، من تفكيكها وإحباط مخططاتها.

ونقل رئيس الأمن العام تحيات وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وتمنياته بأن يخرج الاجتماع بنتائج وتوصيات بناءه على مستوى التحديات الأمنية غير المسبوقة التي تواجه منطقتنا وتعزز من التعاون الأمني بما يخدم الأمن العربي. ورحب رئيس الأمن العام بوفد دولة فلسطين والذي يشارك للمرة الأولى بعد قبول عضوية فلسطين في الإنتربول.

وأشار رئيس الأمن العام في كلمته، إلى أن منطقتنا تعاني من تهديدات إجرامية أخرى لا تقل خطورة عن جرائم الإرهاب والتطرف مثل الجريمة المنظمة وجرائم تهريب السلاح والمتفجرات والمخدرات والاتجار بالبشر والجرائم الإلكترونية والمعلوماتية وهي جميعها جرائم تشكل تهديدا لأمن واستقرار شعوب المنطقة.

ونوه إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المنظمات الإرهابية ورعاة التطرف وتجار الرقيق الأبيض ومجرمي الاستغلال الجنسي للأطفال بتحديد أهدافهم وأغراضهم الدنيئة وفي التفريق العنصري والطائفي ونشر الكراهية والتعصب، في ظل غياب أو عجز مؤسسات إنفاذ القانون من مجاراة هذا التطور الحاد ونجاح استغلال الثغرات الإجرائية والقانونية في تحقيق مآربهم والتغرير بالشباب ودفعهم للوقوع في مستنقع الجريمة والإرهاب.

وأوضح أن لمملكة البحرين تجربة فريدة في حفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الجريمة رغم كل هذه التهديدات الإجرامية والتحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة، منوهاً في هذا الصدد إلى دعم ومساندة القيادة ووعي المواطنين والمقيمين ومشاركة كل أفراد المجتمع ومؤسساته في تحقيق الأمن بمفهومه الشامل وبفضل جهود وتضحيات رجال الشرطة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار المجتمع.

وأكد أن وزارة الداخلية، اعتمدت في مكافحة الجريمة بشتى صورها على استراتيجية ذات ثلاثة محاور، تضمنت في محورها الأول الوقاية من الجريمة والعمل على منعها باعتبار ذلك خط الدفاع الأول لحماية المجتمع وأفراده من الجريمة وأضرارها، واعتمدت على الدراسات والبحوث الميدانية والعلمية في التعرف على مسببات ودوافع الإجرام الحقيقية وتحديد حوافز الإجرام والعمل على إنهاء الجريمة من جذورها وقبل حدوثها من خلال الشراكة المجتمعية وتبني حزمة من الإجراءات والتدابير الأمنية المناسبة وبمشاركة كل مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية المعنية وكذلك الشراكة المجتمعية الفاعلة وتؤمن بأن الأمن مسؤولية الجميع.

أما المحور الثاني فيقوم على اعتماد الأساليب العلمية والتكنولوجية في ضبط الجريمة وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة لنيل ما يستحقون من عقاب، فيما يركز المحور الثالث على برامج الوقاية وإعادة التأهيل ونبذ التطرف والكراهية مستفيدة من تجارب دول أخرى أثبتت نجاحاً في هذا المجال ولا سيما تجربة المملكة العربية السعودية الشقيقة.

وأضاف أن مملكة البحرين أولت أهمية قصوى للتعاون الدولي من خلال تبادل المعلومات والخبرات والعمل المشترك في مكافحة الجريمة والمهددات الأمنية، كما تم العمل على تطوير قدرات مكافحة الجريمة من خلال إيجاد قاعدة بيانات جنائية توفر المعلومات الموثقة واللازمة لكشف الجرائم وضبطها وأصبح لدى وزارة الداخلية قدرات وإمكانيات وخبرات تستطيع بها مواجهة كافة التهديدات الإجرامية والأزمات الأمنية.

وأشار رئيس الأمن العام إلى أن ما يشهده العالم بشكل عام ومنطقتنا بشكل خاص من تهديدات إجرامية تفرض علينا بذل مزيد من الجهد والتعاون والتنسيق باعتبار ذلك أهم محاور مكافحة الجريمة، مثمنا جهود منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" كشريك استراتيجي في تحقيق الأمن ومكافحة الجريمة.

كما عبر عن دعم مملكة البحرين، إنشاء مكتب إقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليساهم في دعم العمل الشرطي والأمني في المنطقة هذا.

وتناول الاجتماع عدة محاور تتضمن آخر التطورات في برامج الإنتربول المتعلقة بالجريمة وقدرات الشرطة ، وتهديدات الجريمة الإقليمية، واستعراض حالة التعاون الشرطي الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى مناقشة الاستخدام الحالي لقدرات الإنتربول في مجال الشرطة، وغيرها من المحاور المهمة.

وعلى هامش مشاركته في الاجتماع الثاني لرؤساء أجهزة الشرطة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عقد رئيس الأمن العام اجتماعاً مع الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" يورغان شتوك، بحضور رئيس مكتب التنسيق للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة عبدالعزيز عبيدالله، حيث تناول الاجتماع عدة موضوعات تعنى بتطوير التعاون الشرطي بين مملكة البحرين والمنظمة، وكذلك تطوير القدرات الوطنية بشأن مكافحة الجريمة المنظمة بشكل عام، كما تم بحث كيفية استفادة وزارة الداخلية من الخدمات التي يقدمها مجمع الإنتربول العالمي للابتكار في سنغافورة.

وحضر الاجتماع مدير إدارة مكافحة الفساد المقدم علي عبدالله الجودر ومدير مكتب رئيس الأمن العام المقدم أحمد عبدالله الظاعن.