* النائب العام السعودي: نتابع أي تقصير حول سيول جدة

جدة - كمال إدريس

أفاقت مدينة جدة "عروس البحر الأحمر" صبيحة الأربعاء على وضع استثنائي تحولت بموجبه إلى مدينة عائمة، تشبه في مفاصلها مدينة فينيسيا الإيطالية العائمة، الأمر الذي استنفر أجهزة مكافحة الفساد في السعودية، بعد أن أصيبت الحركة بالشلل شبه التام، بسبب إغلاق الطرق الرئيسة والفرعية، واضطرت البعض الى استخدام القوارب بينها المطاطية.



وتسببت أمطار غزيرة بفيضانات مفاجئة في جدة، ما أدى إلى محاصرة سيارات بالمياه فيما اضطرت الجامعات والمدارس إلى إقفال أبوابها في ثاني اكبر المدن السعودية. وتم إنقاذ العشرات ممن احتجزوا داخل سياراتهم التي حاصرتها مياه الفيضانات، بحسب ما أعلنت اجهزة الدفاع المدني السعودية، مع توقع استمرار هطول الأمطار الغزيرة حتى الأربعاء على أقرب تقدير.

ووسط تخوف من استمرار هطول الأمطار التي طاولت مناطق أخرى في غرب المملكة، أعلنت وزارة التربية أن مدارس جدة ستبقى مقفلة حفاظاً على سلامة التلاميذ.

وتشهد جدة فيضانات تقريباً كل سنة.

وفي 2009 أدت الفيضانات إلى مصرع 123 شخصاً في المدينة الواقعة على البحر الأحمر، كما قضى نحو 10 أشخاص في 2010. وكانت اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي يرأسها ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أطلقت في نوفمبر الجاري حملة غير مسبوقة شملت أمراء وشخصيات بارزة، وتشمل تحقيقاتها الفيضانات الكارثية التي شهدتها جدة في 2009.

النائب العام السعودي الشيخ سعود بن عبد الله المعجب من جهته، أصدر توجيهاً إلى فروع النيابة بالمملكة بالاستعداد والجاهزية لمباشرة كل ما يخص حالة السيول التي تعرضت لها جدة، وأمر بأن تكون النيابة العامة بكامل جاهزيتها وعلى مدار الساعة لمباشرة كافة ما يخصها نظاماً تجاه الظرفية الجزائية المصاحبة لحالة السيول، التي تعرضت لها محافظة جدة مؤخراً، ولاسيما ما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية وتبعاتها الجزائية، وأن يكون ذلك بشكل عاجل، آخذاً طابعَ الأولوية، والعمل الناجز، مضيفاً أننا "نتابع أي تقصير حول سيول جدة".

من جانبه، قرر وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، إحالة اثنين من منسوبي الدفاع المدني إلى التحقيق بشكل عاجل، وذلك بعد أن ظهر اثنان من منسوبي الدفاع المدني في مقطع فيديو وتبين عدم تعاملهما بمهنية مع حالة احتجاز تعرض لها مواطن في جدة إثر الأمطار الغزيرة، فيما بادر مقيم فلبيني بإنقاذ المواطن المحتجز وسط المياه داخل سيارته.

وكانت إدارة الدفاع المدني في جدة، قد قدمت اعتذاراً عما ورد في مقطع الفيديو والذي أظهر عدم سرعة التفاعل من اثنين من منسوبيها في التعامل مع إحدى حالات الاحتجاز، مشيرةً إلى أنها تصرفات فردية غير مقبولة ولا تمثل ما يقوم به رجال الدفاع المدني من تضحيات وأعمال إنسانية كبيرة في إنقاذ المحتجزين، وستتم محاسبتهما بموجب النظام.

الجهات المختصة ما زالت تستكمل حصر الأضرار جراء الأمطار التي بلغت ارتفاعها 56.9 ملم، وبلغت الحصيلة حتى صباح الأربعاء وفاتان و5 إصابات جراء الصعق الكهربائي – بحسب المتحدث الرسمي لهيئة الهلال الأحمر بمحافظة جدة عبدالله أبوزيد – الذي أشار إلى أن الأمطار هدمت مبنى، ووصل عدد البلاغات إلى 55 بلاغاً ذات صلة بالأمطار، وقدمت 34 فرقة إسعافية خدماتها و8 فرق استجابة متقدمة و 30 فرقة مساندة، لافتاً إلى أن عدد البلاغات التي باشرها الهلال الأحمر وصلت 118 بلاغاً منوعاً.

إلى ذلك، أكد مرصد جامعة الملك عبدالعزيز الجوي بجدة أن مستوى مياه الأمطار التي هطلت على جدة الثلاثاء، بلغ 56 ملم، فيما كشفت مصادر أن مشاريع تصريف المياه في جدة، والتي كان من المفترض الانتهاء منها، استعداداً للشتاء والأمطار، لم تنفذ حتى الآن، فيما أوضح مختصون أن الأمطار سجلت كثالث أعلى نسبة للأمطار بعد التي هطلت عامي 2009 و2011.

وسجلت الجهات المختصة غرق أكثر من 9 أنفاق، وعدد من الطرق الرئيسة، وأن متحدث وزارة الصحة أفاد بوفاة وافد واستقبال المستشفيات 29 حالة، منها 9 حالات أصيبت بصواعق كهربائية.

كانت نتيجة الأمطار مئات السيارات المتعطلة على جانبي الطرق الرئيسة والفرعية في مدينة جدة، وتعرض مبنى الأرصاد بمطار الملك عبدالعزيز للأضرار، وجار إصلاح الأجهزة المتضررة.

وتناقل السكان آلاف الفيديوهات التي توثق الحدث، وأعلنت سياحة جدة تفعيل لجنة الطوارئ لمواجهة أضرار السيول خاصة على المناطق السياحية والتاريخية.

في ذات السياق، علق وكيل أمانة جدة للمشاريع، المهندس محمد الغامدي، على تكرار سيناريو أزمة السيول كل عام على مدينة جدة بقوله إن السبب يعود إلى ترهل شبكة تصريف الأمطار والصرف الصحي في المحافظة، مشيراً إلى أنها لا تغطي إلا 18 % من المدينة فقط.

وأضاف، خلال مداخلة تلفزيونية إنه تم رفع مطالبات مالية لتنفيذ دراسة وافية حول مخطط شامل لمدينة جدة واعتمدت من قبل المقام السامي منذ أسبوعين، مشيراً إلى أن الدراسة ستقدم منظوراً شاملاً لتنفيذ شبكة جديدة لتصريف الأمطار والسيول في محافظة جدة.

وتابع الغامدي أنه بعد انتهاء الدراسة التي استغرق تنفيذها والموافقة عليها مؤخراً 3 سنوات، ستطلق حزمة من المشاريع تُنفذ في المناطق الأشد تضرراً، ومن ثم يمكن الحديث عن انتهاء أزمة السيول والأمطار في جدة.