موسى راكان:

بين انتشار الكتب الإلكترونية، وشح القراءة في ثقافتنا، تبدو المكتبات العامة في البحرين خاوية إلا من دارس هنا وباحث هناك.

وكما السؤال العربي الذي يطرح في كل مناسبة: العيب في الكتب أم في القراء؟ يطرح السؤال الآن: العيب في الزمن أم في المكتبات نفسها أم في جمهور تنقصه ثقافة القراءة؟

المكتبات العامة في البحرين عشر: مكتبة بنك البحرين الوطني العامة بالمحرق، مكتبة عراد العامة، مكتبة الحد العامة، مكتبة السنابس العامة، مكتبة جد حفص العامة، مكتبة مدينة عيسى العامة، مكتبة الرفاع الشرقي العامة، مكتبة سترة العامة، المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، وأخيراً المكتبة الخليفية بالمحرق المفتتحة حديثاً.

وتفتح المكتبات العامة من الساعة السابعة صباحاً حتى الثامنة مساء على فترتين عدا الجمعة والسبت. وتقدم خدمات: الاستعارة الداخلية والخارجية والحجز وتجديد الإستعارة، وخدمة الإرشاد والخدمة المرجعية، واستقبال زيارات طلبة المدارس، وتدريب أمناء المكتبات، وعقد المؤتمرات والاحتفالات والندوات وورش العمل.

وكان مدير المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي، عضو مجلس الشورى، منصور سرحان تحدث مؤخراً عن الحاجة الماسة لتأسيس مكتبات في مناطق الكثافة السكانية كمدينة حمد التي لا تزال دون مكتبة عامة، مشيراً إلى غياب مشاريع إنشاء مكتبات عامة في المشاريع الإسكانية الضخمة كالمدينة الشمالية ومدينة شرق سترة وشرق الحد.

عبدالله يعقوب (17 سنة) وعيسى عدنان (17 سنة) وخليفة المناعي (16) طلبة أدووا خدمة المجتمع بمكتبة بنك البحرين الوطني العامة بالمحرق. وقال كل من عبدالله وعيسى إنهما لم يكونا يعرفان المكتبة قبل تكليفهما بالخدمة فيها، وإن عملهما فيها أتاح لهما فرصة التعرف على كيفية فهرسة الكتب والاطلاع على عناوين كتب للمرة الأولى، ما فتح شهية القراءة لديهما. وأجمع الثلاثة أن خدمة المجتمع أضافت لهم خبرة التعامل مع الكتب من فهرسة وخدمة استعارة وتغليف وغير ذلك.

6 قرّاء فقط

الإداري في مكتبة مدينة عيسى، حسن محمد قال "إن تواجد القرّاء في المكتبات العامة شبه معدوم، إذ تبلغ نسبة من يأتي مثلاً لمكتبة مدينة عيسى العامة في اليوم 5-6 أشخاص فقط ومعظمهم من المتقاعدين كبار السن"، مفسراً ذلك بالقول "عند الجيل القديم لا يزال الورق يتفوق على الأجهزة الإلكترونية بعكس الجيل الجديد الذي يستطيع الوصول لمعظم الكتب إلكترونياً، مع الأخذ بعين الإعتبار مسألة التسويق والدعاية في تعريف الجمهور والمجتمع بالمكتبات العامة".

وأضاف "حالياً يجري العمل للتحوّل إلى التقنية الرقمية، لكن ليس بشكل كامل إذ لا تزال للكتب والورق قيمة"، مشيراً إلى أن "المكتبة فيها قسم للأطفال كما تجري فعاليات وورش مخصوصة للأطفال بغية جذبهم للمكتبة. وفي فترة الاختبارات تزيد نسبة تواجد الطلبة بالمكتبة سواء طلبة المدارس أو الجامعات، لكنهم يتواجدون للدراسة في قاعات المكتبة الهادئة لا لقراءة كتب المكتبة. فيما يأتي الباحثون إلى المكتبات العامة بشكل عام للحصول على مراجع ومصادر لأبحاثهم، فالمكتبة غنية بها. ونظام الإعارة بالمكتبة سهل ومرن، مثلا لتجديد الإعارة تكفي مهاتفة المكتبة دون الحضور الشخصي"، موضحاً أن "هناك اختلاف بين المكتبات العامة في البلاد باختلاف المناطق وروادها، وباختلاف التبرعات والإهداءات التي يحظى بها بعضها بها دون البعض الآخر، كمكتبة بنك البحرين الوطني العامة بالمحرق".

وعن دوام المكتبة، قال محمد "حالياً المكتبات تعمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية. ولا يمكن تمديد الدوام لأن إضافة فترة ثالثة بعد الثامنة مساء يلزمها ميزانية وموظفون للتغطية، إذ لتشغيل المكتبة يلزم ما لا يقل عن 7 موظفين دون الرئيس".


نهم شبابي يحتاج لمبادرات

محمد العجي (34 سنة) أحد رواد المكتبات العامة، له رأي آخر، إذ قال "المكتبة العامة أفضل ما فيها الهدوء والجو الذي يشجع على القراءة والدراسة، وأسوأ ما فيها شحة المراجع و المصادر. مثلاً اخترت أن يكون بحث تخرّجي عن "المشروع الإصلاحي لجلالة الملك" وكنت أحسب أني لن أعاني في مسألة المراجع و المصادر. ففوجئت بشح المراجع والمصادر في المكتبات العامة، وكمثال على ذلك رسالة الماجستير "التحوّل الديمقراطي في مملكة البحرين" لمحمد منيب لم أجدها رغم أنه احتفي بها في مقالات بصحف بحرينية"، مضيفاً "المكتبات العامة تعاني في مسألة تجديد الكتب لديها وتوفير الإصدارات الجديدة خصوصاً تلك المتعلقة بالشأن البحريني والخليجي. وأعتقد أن الفترة المسائية تحتاج إلى تمديد خصوصاً أن الباحثين لا يجدون وقتاً في الفترة الصباحية لانشغالهم بأعمالهم. والطلبة في فترة الاختبارت يحتاجون لمكان مناسب للدراسة بدل اللجوء إلى المقاهي".

ولفت العجي إلى أن "المكتبة العامة بشكل عام انحصرت مهامها في توفير الكتب للقراءة دون انخراطها الحيوي في أنشطة شبابية وثقافية. طبعا هناك من يقول إن المجتمع البحريني مجتمع لا تتوفر فيه ثقافة القراءة لكنهم نسوا أن الشباب البحريني بحاجة لمبادرات لإخراج طاقاته، مثلا مبادرة "اعطني كتابك" التي كانت برعاية المحامية فضة الخلف شهدت إقبالاً شبابياً. وطبعا لا ننسى "تحدي القراءة" والمتميزة ولاء البقالي التي حققت مرتبة عالية، وكذلك مشق جاليري الذي تجري فيه بشكل متواصل فعاليات ثقافية شبابية متعلقة بالكتب والقراءة. إذاً فهناك نهم شبابي للقراءة لكنه بحاجة للمبادرة، وهذه مسؤولية المكتبات العامة".


وقال خالد الحربي (22 سنة) "الكتب في المكتبة العامة قديمة وغير جذابة. المكتبة بالنسبة لي مكان هادئ للدراسة فقط. والسيئ في المكتبة وقت إغلاقها المبكر في المساء، كما أنها مغلقة الجمعة ومفتوحة خمس ساعات تقريباً السبت. أنا بصفتي طالب أطالب بمكتبة متاحة 24 ساعة. إذ أعرف زميلاً مبتعثاً في دولة عربية شقيقة أخبرني أن المكتبات لديهم متاحة 24 ساعة بإمكان الطالب الذهاب إليها في أي وقت شاء. فما المانع أن تفتح مكتباتنا 24 ساعة؟!".