مهما تطور العلاج، تبقى الوقاية مطلوبة وخير منه. وفي الوقت الحاضر يعيش العالم ثورة هائلة من المعرفة والتكنولوجيا، وفي خضم هذه الثورة تقع أيضاً الجرائم الإلكترونية. وفي الإنترنت خيرات كثيرة، وكذلك «شر لابد منه»، فهو مدخل للكثير من الأشياء النافعة، ولكن مع الأسف فهو كذلك مدخل للكثير من الأشياء المؤذية.

فعند أهل الاختصاص دراية كاملة بضعف شبكة الإنترنت في دفاعاتها، وبوجود سبل كثيرة لاختراقها. فما يشغل بال العموم في هذه الحقبة من الزمن وتسارع استخدام شبكة الإنترنت على صعيد شتى المجالات، هو كيفية حماية المعلومات المقدمة على الشبكة، خصوصاً بعد انتشار استخدام الإنترنت في العمليات الخدماتية اليومية. فعلى المجال الشخصي حماية الصور الشخصية الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحماية المعلومات البنكية والمعلومات الخاصة أمر مهم لجميع أفراد العائلة، بدءاً من رب الأسرة الى أصغر أشخاصها. ولا سيما أن أمن المؤسسات والوزارات والشركات لا يقل أهمية عن الأمن الشخصي، بل يفوقها، لأنها جهات تحتفظ بمعلومات آلاف الأشخاص، والأهم من هذا كله: فهو أمن الدول والحكومات.

بكل بساطة، أمن المعلومات، أو ما يطلق عليه «الأمن السيبراني»، هو إبقاء معلوماتك تحت سيطرتك المباشرة والكاملة، والحفاظ عليها من اختراق أي شخص لم يؤذن له بالوصول لها.

من هنا، فإن تثقيف الأفراد مهمة يجب إعطاؤها أولوية حتمية في مؤسسات الدولة. ومن وجهة نظري، أرى أن نبدأ بمؤسسات الدولة التعليمية لنشر هذه الثقافة، وبذلك ننشئ جيلاً مثقفاً وواعياً بالمخاطر المترتبة عن السماح لشخص ما بالوصول إلى معلوماته الخاصة.

فبات أمن المعلومات من أولويات الدول المتقدمة والإقليمية. ففي عام 2016، أصدر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أمراً بتشكيل لجنة «تعزيز الأمن الإلكتروني القومي»، وأصدرت اللجنة نصائح عدة من أجل حماية الخصوصية وضمان تحقيق الأمن الاقتصادي والوطني. ومؤخراً، وعلى الصعيد الإقليمي، فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكياً بإنشاء «الهيئة الوطنية للأمن السيبراني»، التي تعنى بأمن المعلومات في المملكة العربية السعودية. وقد حان الوقت ليصبح الأمن الإلكتروني مكوناً أساسياً في أجندة الوزارات والمؤسسات الحكومية والتعليمية على وجه الأخص في مملكة البحرين أيضاً.

فقد قال باحثون إن أغلبية ضحايا هذا النوع من الجرائم الإلكترونية هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً. فقد أجرينا دراسة ميدانية بسيطة هدفها قياس الوعي الحالي للأمن السيبرانيبين الطلبة في جامعة البحرين، إذ تم تصميم استبيان مبني على أساس نموذج «KAB; Knowledge, Attitude, Behaviour»، الذي يعنى بدراسة المعرفة لدى الفرد والتي من شأنها أن تبني موقف على أساسه يصدر سلوك تجاه شيء معين. وتم تطبيق الاستبيان على عينة من 300 طالب وطالبة. وأظهرت النتائج وجود علاقة قوية وإيجابية بين المعرفة والموقف والسلوك. وأكدت النتائج وجود فرق كبير في المعرفة بين الطلاب الذكور والإناث. بالإضافة إلى أن طلاب السنتين الدراسيتين الثالثة والرابعة لديهم وعي أعلى من طلاب السنتين الدراسيتين الأولى والثانية. وبما أن الدراسة أثبتت تفاوتاً في الوعي بين عينة الشباب المستهدفة، فهذا يثبت وجوب نشر الوعي بين أفراد المجتمع، وعلى الأقل في المراحل التعليمية الابتدائية وتدرجاً للوصول للمراحل المتقدمة.

هناك الكثير من السبل والنصائح للوقاية من الجرائم الإلكترونية، ولكن استحداث طرق جديدة للجرائم يستلزم الاستمرارية في وجود ما يضمن أمان مستخدم لشبكة الإنترنت. ومن الجدير بالذكر التركيز على أساسيات الوقاية من الجرائم الإلكترونية ومنها الاستفادة مما سبق أن وقعت فيه ضحايا سرقات بطاقات الائتمان واستبدالها ببطاقات مخصصة لاستخدام الإنترنت، فجميع البنوك على دراية تامة بما يحدث. إضافة الى تجاهل جميع الرسائل الإلكترونية التي تطالب بمعلوماتك الشخصية أوالمالية. وتوخي الحذر من الأسعار المتدنية والمثيرة للريبة، فأغلبها عمليات احتيال. والكثير مما يمكن ذكره لكن نقتصر على ما تقدم ونؤكد أهمية الحفاظ على أمان أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الهواتف الذكية باستخدام برامج حماية من البرامج الضارة.

وفي هذا الإطار لابد لنا من التنويه إلى ما تبذله الكوادر الأكاديمية والإدارية في جامعة البحرين، من تثقيف طلابها وموظفيها بأهمية الأمن الإلكتروني، والذي، بلا شك، سيكون له الدور البارز لتطلّع جامعتنا الوطنية في تحسين المخرجات وإنشاء جيل مبدع ومثقف توافقاً مع تطلعات القيادة.

* أستاذ مساعد بكلية تقنية المعلومات - جامعة البحرين