خالد الطيب

قال رئيس الأطباء في مجمع السلمانية الطبي د.جاسم المهزع إن قسم الطوارئ في المجمع استقبل السنة الماضية 336 ألف حالة بمعدل ألف كل يوم، منها 65% ليست حالات طارئة و20% لاتحتاج أي عناية طبية.

وتحدث المهزع في جلسة نقاشية حول موضوع الأخطاء الطبية نظمتها اللجنة الثقافية في جمعية كلية الحقوق بجامعة البحرين مؤخراً، وجمعته بالنائب جمال داوود، ورئيسة لجنة الشكاوى في الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية د.غادة الدوي، وأستاذ القانون د.الهثيم سليم والمحامي محمد بومطيع بإدارة وإشراف د.وفاء جناحي.



وأكد المهزع أن "السلمانية" "يتبع آلية صارمة للتحقق من كل المضاعفات والأخطاء على ثلاث مراحل، الأولى تقرير صباحي يجمع إدارة السلمانية ويناقش كل الحوادث أو الوفيات التي حدثت في الـ24 ساعة الماضية، واذا وجدت الإداراة شبهة في خطأ أو تراخ، أو رعونة وفق تعريفات القانونيين تطلب التحقيق في الحالات. والمرحلة الثانية لجنة الوفيات والمضاعفات التي تجتمع بصفة دورية شهرية أو مرتين في شهر حسب حجم القسم، ويحضر الاجتماع كل أعضاء القسم من استشاريين وأطباء ويناقش كل الحالات والوفيات التي حدثت الشهر الماضي، فإذا وجدت اللجنة شبهة من بعض الأطباء يجري التحقق منها من قبل القسم. والمرحلة الثالثة تتمثل في لجنة مركزية مكونة من استشاريين لهم أقدمية في الطب ويمثلون كل الأقسام للتحقيق في جميع المضاعفات والوفيات التي حدثت. وتجتمع اللجنة أحياناً أسبوعياً

ولا تلتزم بتقرير القسم بل بما تراه ثم ترفع الأمر لمكتب رئيس الأطباء للتحقق ثم للوزارة لتشكيل لجنة تحقيق، سواء وجدت شكوى أم لا، وهناك قضايا كثيرة جرى التحقيق فيها ومجازاة الطبيب دون وجود شكوى. هذا كان في السابق قبل إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية أما الآن ففور حدوث حالة وفاة غير مبررة يجب أن تقدم للهيئة خلال 24 ساعة".

وأضاف المهزع أن ملف المريض يتم حفظه مدة 5 سنوات في حالة عدم نشاطه في المستشفى، كأن يغيب عن زيارة المشفى مدة 5 سنوات.

وأوضح أن البحرين تعمل في قسم الطوارئ وفق نظام التصنيف وهو نظام أمريكي شمالي يقسم المرضى إلى حالة خطيرة وأخرى حادة وثالثة طارئة لكنها ليست حادة.

وكشف المهزع أن وزارة الصحة أحالت للهيئة 80 حالة شبهة خطأ طبي في السنوات الثلاث الماضية، 23 حالة في 2014، و37 حالة في 2015، و20 حالة في 2016. لافتاً إلى أن الهيئة تلقت 52 شكوى ضد وزارة الصحة في السنوات الثلاث، 19 شكوى في 2014 و9 شكاوى في 2015، و24 شكوى في 2016.

مشروع قانون منذ 2011

من جانبه أكد النائب جمال داوود وجود مشروع قانون بشأن السلامة الطبية منذ 2011 مازال يخضع للدراسة ويشمل أموراً كثيرة كالخطأ المقصود وغير المقصود والخطأ المشترك بين الطبيب والمريض أو ذويه.

ونفى تعطيل مجلس النواب للمشروع، مشيراً إلى "أنه مازال تحت الدراسة لأن كثيراً من المواد فيه لم نجد فيها المعنى المحقق للجريمة، فلا يوجد تعريف جامع مانع لهذه المسألة، فكيف نصف الخطأ الطبي. ووجدنا أن الأخطاء الطبية قد يشترك فيها أكثر من طرف وبحثنا دولياً بخصوص تعريف الأخطاء الطبية فوضعنا لها عناصر وأسباب وكيفية التحقق منها".

وأضاف داوود "إن كنا بصدد الحديث عن الأخطاء الطبية فسنتكلم عن الجانب الفني، لأننا لو أردنا أن ننقلها للجانب القانوني فستحتاج السلطة القضائية أن تعود لخبير طبي فهو الأقدر على تصنيف الأخطاء الطبية فستكون المسألة طبيب يصنف طبيباً بخصوص الخطأ الطبي وهذه المشكلة ناقشناها أكثر من سنة".

وأوضح أن "الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية هي المسؤولة عن تقرير الخطأ الطبي وفق القانون ومن سيفصل في مسألة إقرار الخطأ الطبي بالطبع سيكون طبيباً وهذه مشكلة"، لكنه أكد أن قانون السلامة الطبية في مرحلته النهائية وسيرى النور حين الانتهاء من الجانب الإجرائي".

15 طبيباً وقانوني واحد

فيما أكدت رئيسة لجنة الشكاوى بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية د.غادة الدوي أن وحدة الشكاوى في الهيئة مختصة بمتابعة الشكاوى من الأفراد أو ذويهم، أو عن طريق المستشفيات والمراكز الطبية ففي حال شكهم بحدوث تقصير أو موت غير متوقع يجب أن تبلغ الهيئة خلال 24 ساعة من المستشفيات أو المراكز.

وأضافت أن الطريقة الثانية لتلقى الشكاوى تحويلها كقضية من النيابة العامة أو المحاكم، وفي حالة تلقيها وثبوت حدوث خطأ طبي وقع فيه الطبيب تحال إلى اللجان التأديبية لإيقاع العقوبات التأديبية، موضحة أن اللجان التأديبية تتكون من 15 طبيباً استشارياً من مختلف القطاعات ومستشار قانوني واحد، لأن إقرار الخطأ الطبي أمر فني أكثر من كونه قانونياً.

وبخصوص حفظ الملف وعدم إكمال إجراءات الشكوى، قالت الدوي "ذلك يكون في حالة كون الشكوى قديمة جداً قبل 2008 فيكون التحقيق فيها صعباً لعدم توافر الملفات والأوراق الخاصة بالمريضة كون الملف يلغى بعد 5 سنوات من عدم فعالية المريض"،

مشيرة إلى لبس يقع فيه كثيرون إذ يظنون أن الهيئة تابعة لوزارة الصحة بخلاف الواقع فمجلس إدارة الهيئة يتبع المجلس الأعلى للصحة وهذا دليل استقلاليتها.

قانون منذ 1989

أستاذ القانون بجامعة البحرين د.الهيثم سليم قال إن "العلاقة بين الطبيب والمريض علاقة بين شخص وآخر تتعلق بأهم شيء وهو حياة المريض وجسده لذلك يجب أن يصدر قانون خاص ينظم هذه المسألة المهمة، حتى إن كان مشروع القانون يحوي عيوباً فمن الأفضل أن يصدر رغم عيوبه، حتى يعطي مجالاً للفقه لدراسته وإبداء رأيه وتعديله كل فترة كلما اكتشفت فيه عيوب".

وأضاف أن "قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان الموجود اليوم يعود إلى العام 1989 وهذا يجب أن يكون محل نظر".

الخصم هو الحكم

فيما أكد المحامي محمد بومطيع "وجود خلل في موضوع حفظ الملفات فمحكمة التمييز حددت تقادم الدعوى الناشئة عن مسؤولية الطبيب بعشر سنوات، وفي حالة وجود أي لائحة داخلية فيجب أن تتواءم مع أحكام محكمة التمييز ولا تشذ عنها وهذا ما يغيب هنا فالمريض يحفظ ملفه 5 سنوات رغم أن القانون كفل حقه خلال 10 سنوات".

وأضاف بومطيع أن "الدعاوى في محاكم البحرين قليلة جداً مقارنة بالكويت أو الإمارات، فهناك 44 حكماً تمييزياً متعلقاً بالأخطاء الطبية فقط خلال 30 سنة"، لافتاً إلى أن "المشكلة قد تكون في جهل الناس كونهم لا يعرفون أطوار التقاضي فالمتضرر يمكنه أن يتوجه لمحكمة الأمور المستعجلة ويطلب من المحكمة إثبات حالة المريض فيوجه القاضي رسالة للجان يطلب منها التحقيق في الحالة وبناء على ذلك يحصل على جميع التفاصيل التي يحتاجها"، موضحاً أن قيمة التعويض في الأخطاء الطبية تتراوح من 500 إلى 1000 دينار على كل 1% عجز.

واعتبر بومطيع أن جعل قرار تحديد الخطأ الطبي في يد جهة طبية "يتعارض مع مسألة استقلالية القضاء ويدمج السلطة التنفيذية بجعلها الحكم والخصم في الوقت نفسه".