مدريد - أحمد سياف

لم يعد خافيًا على أحد بأن ما تحقق حتى وقت كتابة هذه السطور مع إرنستو فالفيردي لم يكن ليخطر ببال أكثر المتفائلين بالفريق في الفترة التحضيرية وفي بداية الموسم، بعد هزات عنيفة كادت تؤدي إلى انهيار برشلونة لموسم آخر على الأقل.

استلم فالفيردي المعروف برسانته فريقًا تتقاذفه الأمواج، خارج من موسم شبه صفري، وفشلت إدارته في استقدام نواقصه ودق أحد افضل لاعبيه المسمار الأخير في نعش انتفاضته.



بددت خسارة الكلاسيكو في السوبر الآمال المتبقية لدى عشاق النادي الكتلوني في موسم جيد، في حين كانت الثقة في المعسكر المدريدي المنافس الأول في أوجها.

تحدث الكثيرون عن ممر شرفي قبل أن يبدأ الموسم، متناسين أن كرة القدم مستديرة، والدائرة لا تستقر!

***

من أين بدأ فالفيردي؟

كلاعب لم تكن مسيرته مظفرة، لكن شاءت الأقدار أن يصنع اسمه في مجال التدريب، فصعد بإسبانيول إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي قبل الخسارة أمام إشبيلية بركلات الترجيح.

فيما كانت فترته الذهبية مع أولمبياكوس اليوناني، وحقق معهم 3 بطولات للدوري ولقبي للكأس، ومع بلباو حصل على كأس السوبر من أمام برشلونة.

كلاعب وكمدرب فالفيردي شخص جيد ومتوازن، لم يكن نجمًا، لكنه اتسم بسمات جعلته الاسم الأبرز والأفضل لتدريب البارسا، بالذات لعل أبرزها خبرته الكبيرة في الملاعب الإسبانية وحكمته المعروفة عنه ومعرفته الجيدة بالبيت الكاتالوني.

أهم ما أضافه فالفيردي إلى برشلونة، هو توفير الهدوء وسط العاصفة إضافة إلى ضرورة وجود مدرب "يشتغل على الموجود" ولا يقلب الفريق وهيكلته رأساً على عقب و يسرّح عشر لاعبين ويأتي بعشرة غيرهم.

ببساطة لأن تحولاً من هذا النوع سيعني ضياع الموسم حتى يتسنى للبارسا تغيير جلده والانطلاق بمشروعه الجديد الواعد.

اليوم, وبشكل غريب وربما قدري، يُحقق هذا المدرب مع مجموعة "متوسطة" من اللاعبين أفضل انطلاقة لليجا ويتفوق على غريمه بفارق كبير وفي دوري الأبطال تأهل أولاً عن مجموعة ليست بالسهلة ولم يتلق سوى هدف واحد وهو لم يعرف طعم الهزيمة في هذا الموسم بعد!

لا يمكننا أن نتغاضى عن حقيقة أن بارسا فالفيردي لا يقدم أي متعة تذكر وأن الفريق غير فلسفته وتنازل عن الأساسيات التي كان محرّمًا الحديث عنها, فأصبحنا نرى بارسا يلعب بـ4-4-2 و4-5-1 و 4-1-3-2 و تكتيكات أخرى مختلفة ومتنوعة.

ويبدو بلغة الأرقام أن هذه التكتيكات تضعف الجانب الهجومي لبرشلونة و لكنها بالمقابل تجعل من برشلونة ولأول مرة في التاريخ أقوى دفاع في أوروبا متفوقًا حتى على الكاتيناتشو الايطالية وأرقام اتليتيكو سيميوني الذي كان مضرب الأمثال في الصلابة الدفاعية.

هذه الأرقام ليست عبثية، فدفاع البارسا وحارسه لم يتغير والأسماء هي ذاتها التي "أكلت" ثلاثة أهداف من اليوفي بينما جعلته عاجزًا عن الوصول إلا بمحدودية كاملة إلى مناطقنا لتصطدم بجدار برلين الحارس الذي يتعملق في زمن فالفيردي "تير شتيغن"!

المؤكد أنه مع فالفيردي ارتفع أداء ونسق بعض اللاعبين بشكل ملحوظ، فتير شتيغن أصبح محسوبًا على أفضل الحراس بالعالم ولا ينافسه حاليًا إلا دي خيا على التربع على القمة, وسامويل أومتيتي بدا منذ بداية الدوري كجوهرة سوداء تعد بأن تكون من أفضل قلوب الدفاع في العالم.

بوسكيتش، راكيتيتش لوكاس ديني.. جميعهم تحسنوا في الأداء, بل وحتى ألكاسير استعاد شيئًا من بريقه وأصبح مقبولاً لدى عشاق الفريق.

حتى إنييستا تشعر بأنه عاد ابن 25 سنة وهو يلعب باستمرار وقدم إضافة مهمة للفريق ويقوم بواجبات دفاعية. كل هذه الملاحظات لم تخلق في يوم و ليلة، ولم تخرج فجأة من قمقم علاء الدين ولكن خلفها عمل وجهد و تدريبات، والحفاظ على وحدة البيت، لكن الأهم وجود من يعرف خبايا البيت.

وفي تصريحات خاصة لـ extra sport يقول ميجيل ريكو الصحافي في جريدة موندو ديبورتيفو "فالفيردي عرف ما يحتاجه الفريق، يلعب بواقعية، لديه ما يلزم من أدوات، لكن عليه محاولة تحسين الفريق هجوميًا".

أضاف "بشكل عام برشلونة قائم حول ميسي، الشيء الوحيد الذي لا يستطيع مدرب برشلونة أن يفعله هو تعقيد حياة ميسي لأنه، تلقائيا يمثل تعقيدا للفريق".