بالأمس اختتم اجتماع التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب حيث قال ولي العهد السعودي أمام وزراء دفاع ومسؤولين عسكريين يمثلون الدول الأعضاء في التحالف:

«الإرهاب في السنوات الماضية كان يعمل في جميع دولنا، وأغلب المنظمات تعمل في عدة دول من دون أن يكون هناك تنسيق قوي وجيد ومميز بين الدول الإسلامية».

وأضاف أن: «اليوم هذا الشيء انتهى بوجود هذا التحالف».

وتابع: «اليوم ترسل أكثر من 40 دولة إسلامية إشارة قوية جداً بأنها سوف تعمل معاً وسوف تنسق بشكل وثيق جداً لدعم جهود بعضها البعض سواء الجهود العسكرية أو الجانب المالي أو الجانب الاستخباراتي أو السياسي».

تأخر هذا التحالف كثيراً ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً، وأعتقد أنه بكثير من الشفافية والتنسيق بين هذه الدول الأربعين بالإمكان سد العديد من الثغرات التي يتسرب منها كل من يرتكب المجازر باسم الدين وباسم الله.

فباسم الدين تتخفى دول لها مصالح اقتصادية وباسم الدين تتخفى كذلك مافيا التهريب والجريمة المنظمة، وباسم الدين يتخفى الجهل والتخلف، وكلهم يرفعون راية وشعار الإسلام، وقد آن أوان الفرز والتمحيص وكشف الحقائق للمجتمع الإسلامي قبل الدولي من هم هؤلاء الذي يحاربون باسم ديننا؟

وحول هذا الالتباس والخلط لفت نظري مقال الكاتب المصري مأمون فندي الذي طرح نظرية جديدة لما حدث في مسجد الروضة في العريش في سيناء، في مقال نشر بالأمس في جريدة الشرق الأوسط عنوانه « شيء من الجدية في الحديث عن سيناء»

إذ يقول إن « جزءاً كبيراً من المشكلة في شمال سيناء ليس «داعش»، أو حتى جماعة بيت المقدس، بل أدعي أنه لا أساس لتلك التنظيمات هناك، ولكن ما نسمعه هي لافتات تعلق لتغطية وضع مافيوي أكثر تعقيداً من الإرهاب.

نحن نتحدث في تلك البقعة عن جماعات الجريمة المنظمة، التي تنجح غالباً في التحالف مع العناصر الفاسدة، ليس في مصر فقط؛ بل في كل دول العالم، وتاريخ المافيا معروف للجميع تقريباً.

جزء من المشكلة هي الحاضنة الاجتماعية التي ترى أن الدولة المصرية سلمت أراضيها لرجال أعمال ليسوا من سيناء، ومنحهم نظام مبارك مساحات شاسعة بالكيلومترات وليست الأفدنة، وهؤلاء يعتمدون على أهل سيناء كحراس لهذه الأراضي وليسوا شركاء.

و قصة البدو وعلاقتهم بالأرض، ووضع اليد، وحقوق الرعي، كلها أمور معروفة منذ القدم. فأن يأتي رجل أعمال أو اثنان أو ثلاثة ويسيطرون على شمال سيناء فهذا أمر غير مقبول، ولذلك يتحالف أهالي تلك المنطقة مع جماعات الإرهاب والبلطجة لإعلان تذمرهم من سياسات القاهرة، فإما دفع الإتاوة أو الإرهاب.

في الحادثة الأخيرة يدخل عنصر آخر، وهو نوع من النزاع العائلي بين مافيات التهريب، فحسب بعض التقارير بدأ القتل في ديوان إحدى العائلات، ومنها انتقل إلى المسجد، وهذه نقطة تحتاج الدراسة والتعمق. «

يطرح الدكتور مأمون عدة أسئلة مشروعة «فإذا كان داعش، فلماذا في بئر العبد والشيخ زويد، وليست في طابا أو نويبع أو شرم في الجنوب؟ ولماذا ليست حتى في العوجة أو حتى رفح بعد العريش على الحدود مع غزة؟»

الأهم هو الحديث بجدية تليق بالكوارث المتكررة في هذه المنطقة الصغيرة من شمال سيناء، والتي تحدث في شريط لا يزيد عن ساعة بالسيارة من بئر العبد إلى الشيخ زويد. وليت من يتصدى للحديث عن سيناء ينظر في الخريطة أولاً. فنحن لا نتحدث عن سيناء، بل عن مساحة لا تصل إلى 2 في المائة من أرض سيناء.

مثلث الإرهاب بشكل عام هو عبارة عن: 1- الجماعات الإرهابية. 2- الحاضنة الاجتماعية للجماعات الإرهابية. و3- ثقافة التكفير والتبرير. والحاضنة الاجتماعية للإرهاب في شمال سيناء هي أم الكوارث في المنطقة من بئر العبد حتى الشيخ زويد»

الأسئلة كثيرة، وحتى نجيب عنها مطلوب فرز المعلومات وتنقيتها من التلوث الإعلامي المضلل باسم الوطنية» انتهى الاقتباس.

واستمكالاً لهذا الطرح الجديد نؤكد أنه حتى إيران وهي التي تجند وتؤسس أحزاباً ومليشيات ترتكب الجرائم الإرهابية في سوريا والعراق والبحرين واليمن فإنها ترفع راية حماية مقابر آل البيت أو حماية «المؤمنين» أي الشيعة في حين أن هدفاً هو موانئ على البحري المتوسط و البحر الأحمر لتصدير غازها.

ما يهمنا الآن أنه ثبت أن كل أنواع الجرائم ترتكب باسم الدين بعد رفع الشعار الإسلامي، والتخفي تحت عباءة داعش أو الحشد الشعبي أو حزب الله هو تخفٍّ تحت الغطاء الديني الذي أصبح وارداً ومتاحاً للدول وللجريمة المنظمة على حد سواء وبهذا الطرح اتسعت دائرة محاربة الإرهاب إلى محاربة كل جريمة ترتكب باسم الدين وفرزها وتصنيفها وكشف أسبابها والحقيقة التي تختفي وراء كل حامل سلاح يدعي أنه جندي في جيش الله.