قال الله تعالي «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون»، «سورة آل عمران: الآية 169»، وفي حديث رواه مسلم «من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية». هؤلاء الدواعش وأشباههم هم الذين يدعون لعصبية جاهلية وهي ليست في الإسلام. إن المرتزقة الذين يقتلون الآمنين المدافعين عن أوطانهم يعملون من أجل جاهلية بغيضة وعصبية مميتة والنبي الكريم قال ليس منا من دعا لجاهلية.

ولتوضيح من هو الشهيد نذكر قول الرسول الكريم «الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة»، «صحيح النسائي ومالك وأحمد وأبو داود». والذي يموت دفاعاً عن وطنه فهو شهيد لقوله تعالي «لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد»، «سورة البلد: الآية 3»، وهذا يعني القسم بمكة بالنسبة للرسول الكريم وبكل بلد يولد به الإنسان فهو وطنه والدفاع عنه دفاع من الدين وتحديد أمر الدفاع أو القتال يكون بقرار القيادة السياسية أو ولي الأمر بالمصطلح الإسلامي التقليدي. والشهداء في مسجد الروضة لهم أكثر من شهادة فهم قتلوا وهم يعبدون الله، وقتلوا وهم في المسجد، وقتلوا وهم متصوفون والتصوف هو النقاء والطهر والتمسك بالقيم الإسلامية العظيمة، وقتلوا وهم بريئون من أي ذنب، وهم يعملون علي حماية وطنهم «هؤلاء وغيرهم شهداء والله واسع الفضل في إدخال من يشاء للشهادة. فمن قتل دون أهله أو دون عرضه أو دون ماله فهو شهيد»، أيضاً كما ورد في أحاديث كثيرة فتحديد صفة الشهيد ليست قاصرة على فئة من الناس ولكن الله واسع الفضل والمغفرة ترك الأمر مفتوحاً ليشمل من يستحق بفضله ورحمته.

إن ذنب هؤلاء الشهداء في مسجد الروضة بسيناء التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، أنهم منسوبون إلي الصوفية، وهم من قبيلة السواركة في سيناء ومن بين المصلين من قبائل أخرى، وهم جميعاً في سبيل الله. أما المجرمون فهم الذين فجروا المسجد أو تعقبوا المصلين الذين سعى بعضهم للخروج ولكنهم قتلوهم بدم بارد فهم لا أخلاق لهم وهم قتلة وينطبق عليهم قوله تعالى «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً» وهؤلاء المنافقون لا خلاق لهم ولا يكلمهم الله يوم القيامة. إنهم المفسدون في الأرض وهم السفهاء كما وردت صفاتهم في سورة البقرة. إن هؤلاء الذين يتهمون الناس بالكفر هم الكافرون حقاً لأنهم أساؤوا للإسلام في توصيف الناس والرسول الكريم وجه اللوم لأحد أصحابه الذي قتل مشركاً في المعركة بعد أن نطق بالشهادة ولما سأله النبي الكريم «لما فعلت هذا يا خالد وقد نطق الشهادة؟»، «يقصد خالد بن الوليد فأجاب خالد بقوله إن هذا الرجل الذي قتلته لم ينطق الشهادة إلا لينجو من الموت وليس لأنه مؤمن بها»، فقال له الرسول «هلا شققت عن قلبه».

إن ضحايا سيناء الشهداء، راحوا ضحية هذه الطغمة الخارجة عن الدين القويم، وتلك الفئة ستنال الجزاء في نار جهنم أما ضحاياهم فهم الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون، كما ورد في أحاديث «إن من قتل دفاعاً عن النفس أو المال أو العرض أو الأهل أو الوطن فهو شهيد» باتفاق جمهور العلماء، وهناك فئات أخرى هم شهداء إذا إنهار عليهم المبني أو كانوا مبطونين أو المرأة إذا ماتت وهي تضع ما في بطنها فهي شهيدة.. إن رحمة الله واسعة يكتبها لمن يشاء من عباده.

من هنا نقول إن شهداء مسجد الروضة لهم أكثر من شهادة، فانهيار المبني وأداء العبادة وكونهم من الصوفية الذين رضي الله عنهم ورسوله وهم قتلوا لدفاعهم عن وطنهم وأهلهم بلا ذنب ارتكبوه.

وإذ أشيد بهؤلاء الشهداء وأمثالهم الذين يقتلون دفاعاً عن الوطن أوالدين أو المال أو الولد أو العرض أو الأهل وهذا هو عين الجهاد وليس الجهاد ما يفعله المجرمون الذين يفسدون في الأرض وقد أساؤوا للإسلام الحنيف السمح المعتدل ولرسوله صاحب الصفات الحميدة الذي قال عنه الله «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، فما بال هؤلاء السفاحين غلاظ القلوب فالنبي الكريم قال إنما بعث رحمة للعالمين وليتمم مكارم الأخلاق، وليدعو إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وشتان بينه وأصحابه وبين هؤلاء.

رحمة الله عليكم وبركاته يا أيها الشهداء المصلون في مسجد الروضة بسيناء أرض البطولات وتحية لجيش مصر الباسل الذي عاهد الله أن يأخذ بثأركم ولا يفرط في حقوقكم وأهليكم. وتحية لمصر وشعبها وقيادتها خير مدافع عن الإسلام ضد التتار والصليبين وأمثالهم من الطغاة الذين حاربوا المسلمين سعياً لإذلالهم وللسيطرة على بلاد الإسلام.