حين كتبنا مقالنا الخاص بتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية والذي نشر يوم أمس، فإننا وللأمانة كتبناه قبل صدور التقرير الجديد بنحو 24 ساعة، ومع ذلك فإن رأينا لم ولن يتغير حول مضمون التقرير وحول أهمية اختيار الآلية التي يجب أن تُتَّبع، وفي كل عام وقبل وبعد كل تقرير فإن رأينا واضح وصريح بأهمية محاربة كافة أنواع الفساد من أجل أن ترسو السفينة على بر الأمان وفي سبيل خلق مناخات صحية وطبيعية للحفاظ على المال العام وإدارة الوظائف الحكومية بطريقة عادلة.

هذا ما أكد عليه جلالة الملك لدى لقائه في قصر الصافرية الثلاثاء حسن بن خليفة الجلاهمة رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية، الذي رفع إلى جلالته تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الرابع عشر للسنة المهنية 2017/2016، حين أكد جلالته على أهمية الحفاظ على المال العام ومراقبة سبل إنفاقه وترشيده، مشيداً بالدور الذي يضطلع به ديوان الرقابة المالية والإدارية في أداء هذه المسؤولية على الوجه الأكمل والحفاظ على استقلالية عمله وبما يسهم في تحسين مستوى أداء وزارات الدولة ومؤسساتها تحقيقاً للمصلحة العامة وبما يعود بالخير والنفع على الوطن والمواطن.

نحن مع مزيد من التشدد في تطبيق ما ورد في التقرير الأخير ومحاسبة كل المقصرين الذين ورد ذكرهم فيه من أجل سلامة العمل المؤسساتي الذي يجب أن يأخذ دوراً فاعلاً من خلال احترام الكفاءات وتطبيق القانون وإزالة كل ما من شأنه إضعاف العمل الحكومي كالرشاوى والمحسوبيات والشلليات والواسطات وكل سلوك آخر غير حضاري من شأنه أن يضر بسمعة الوطن والدولة، كما يجب المحافظة على المال العام -عبر المحاسبة الصارمة- وعدم التهاون بإضاعته وبعثرته بشكل يؤذي اقتصادنا ومشاريعنا الوطنية، وهذا الأمر لن يتحقق إلا في ظل المحاسبة اللصيقة لكل المخالفين واسترداد حق المواطن والدولة بشكل يبعث على الأمل.

إن تأكيد جلالة الملك على «أهمية الحفاظ على المال العام ومراقبة سبل إنفاقه وترشيده» يعني ضرورة تفعيل الرقابة الفاعلة ضد المخالفين وضد كل جهة تثبت تقصيرها وتورطها في انتهاك حق عام ومال عام، فنحن في زمن المحاسبة ومحاربة الفساد وليس في زمن المجاملات وتغطية الأخطاء. مع صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير، ستكون أمام الحكومة الفرصة الأخيرة لإثبات قوة ومصداقية هذا التقرير ومصداقية قانون المحاسبة الذي يجب أن يكون كالموت الذي لا يستثني أحداً. فهل سنرى في هذا العام أمراً مختلفاً؟ هذا ما يجب أن يكون لا ما يجب أن نتمناه.