قتل، الاثنين، الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، رجل التحالفات المتناقضة، على يد من كانوا حلفاء له في الأمس القريب.

وشهدت مسيرة صالح السياسية تقلبات كبيرة وتحالفات مع أطراف متصارعة، وبمقتله من المرجح أن يمر الصراع اليمني المحتدم منذ انقلاب ميليشيات الحوثيين على الشرعية في سبتمبر 2014، بنقطة محورية قد تغير مجراه بالكامل.

وأعلنت ميليشيات الحوثي الإيرانية أنها قتلت صالح قرب صنعاء، فيما قالت مصادر بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان صالح يقوده، إنه تم إيقاف موكبه وهو في طريقه إلى سنحان مسقط رأسه، واغتيل رميا بالرصاص.

وقتل صالح قرب سنحان التابعة لصنعاء، التي ولد بها في 21 مارس من عام 1942، وانضم للجيش مجندا عام 1958، ثم التحق بالتعليم العسكري عام 1960.

وعايش صالح أحداث اليمن الساخنة في السبعينات، حيث شهد الحرب بين الملكيين والجمهوريين عام 1970، وبعدها بخمس سنوات أصبح قائدا عسكريا على خلفية انقلاب عام 1974.

وفي عام 1978 أصبح رئيسا لليمن الشمالي، بعد سلسلة اغتيالات طالت مسؤولين كبارا في السلطة، وظل في منصبه حتى عام 1990 عندما قامت الوحدة بين شطري البلاد، فأصبح رئيسا لليمن الموحد.

وتمكن الرئيس الراحل من إخماد محاولة لانفصال الجنوب عام 1994، وانتصرت قواته على أنصار نائبه علي سالم البيض.

وفي السنوات التالية شهد اليمن اضطرابات متصاعدة ومخاطر مختلفة، أهمها تنامي نفوذ الحوثيين وبدء ظهور الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة، استغلالا لانشغال القوات الحكومية في صراعات داخلية.

وحكم صالح اليمن لمدة 34 عاما، انتهت بإجباره على ترك السلطة عام 2012 على خلفية احتجاجات شهدها اليمن في خضم موجة ما عرف باسم "الربيع العربي"، وبموجب مبادرة خليجية نقلت السلطة إلى خلفه عبد ربه منصور هادي، الذي ترك البلاد لاحقا مع انقلاب ميليشيات الحوثي ضده في 2014.

إلا أن رحيل صالح عن عرش الرئاسة، لم يمنعه من البقاء لاعبا رئيسيا في الساحة اليمنية، وعاد دوره إلى التعاظم مرة أخرى عندما تحالف بشكل مفاجئ مع الحوثيين المدعومين من إيران، مستغلا ولاء عدد كبير من قوات الجيش له، علما أنه سبق له أن حارب الحوثيين في أكثر من مناسبة سابقة.

إلا أن الانشقاقات أصابت هذا التحالف مؤخرا، حتى انهار تماما خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبدأ صالح حربا حقيقية ضد المتمردين الحوثيين، لكنها انتهت إلى مقتله.

ولم يكن مقتل صالح المحاولة الأولى لاستهدافه، فقد أصيب الرئيس الراحل بإصابات بالغة في الهجوم على القصر الرئاسي في صنعاء في يونيو 2011، ونقل إلى الولايات المتحدة للعلاج، قبل أن يفرض حظر على سفره.

وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على صالح في عام 2014، واتهمه بتهديد السلام وإعاقة العملية السياسية في اليمن، ومن ثم أخضع لحظر سفر إلى دول العالم مع تجميد أرصدته في البنوك، التي أشيع أنها بلغت عدة مليارات من الدولارات.