* السعودية تحذر من استفزاز مشاعر المسلمين حول العالم

* الإمارات تؤكد على موقفها الثابت من القدس

* الأردن يدعو لاجتماع طارئ للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي السبت



* السيسي يحذر من "تعقيد الوضع" إذا نقلت السفارة الأمريكية للقدس

* دعوات لأيام غضب فلسطينية على مدى الأيام المقبلة

* مصادر لـ"الوطن": نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للأمريكيين خطورة القرار

غزة - عز الدين أبو عيشة

أعربت دول عربية وإسلامية عن غضبها من نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وحذرت الدول من خطورة الموقف مشددة على أن «قرار نقل السفارة ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة». وأعلنت الرئاسة الفلسطينية مساء الثلاثاء أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ نظيره الفلسطيني محمود عباس في مكالمة هاتفية نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

المملكة العربية السعودية، اعتبرت أن مثل هذه الخطوة «من شأنها استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم»، محذرة من لها تداعيات «بالغة الخطورة» وإضفاء المزيد من التعقيدات على النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. من جانبها، شددت دولة الإمارات على «موقفها الثابت من القدس ووقوفها الراسخ والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني لينال حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية».

ونقل الديوان الملكي عن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إبلاغه ترامب بأن هذا القرار «سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وسيقوض جهود الإدارة الأمريكية لاستئناف العملية السلمية ويؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين». ودعا الأردن إلى اجتماع طارىء للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي السبت المقبل لمناقشة قرار ترامب. وذكر بيان رئاسي الثلاثاء أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أبلغ نظيره الأمريكي أنه لا داعي إلى «تعقيد» الوضع في الشرق الأوسط وذلك بعدما اتصل به ترامب للتحدث بشأن اعتزامه نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس.

ونشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات غضب فلسطينية في دول عربية وإسلامية رداً على القرار الأمريكي.

ويترقب العالم بوجه عام والفلسطينيون بوجه خاص، بقلق، القرار الرسمي لترامب، بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، فيما أكدت مصادر لـ»الوطن»، أن نائب رئيس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو أبلغ القنصل الأمريكي أنّ الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل أمر ينطوي عليه مخاطر كبيرة.

وبدأت فكرة نقل السفارة الأمريكية للقدس العام 1995 عندما تبنى الكونغرس قراراً بذلك، ولكن رؤساء الولايات المتحدة جمهوريين أو ديمقراطيين أجلوا النقل لحماية المصالح القومية للولايات المتحدة.

لكن ترامب وعد في حملته الانتخابية بنقل السفارة وعمل على ذلك منذ توليه الحكم بداية العام الجاري، وأطلق عدة وعود لقادة إسرائيل بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، ما لم يتخذه نحو 20 رئيساً ومرشحاً للولايات المتحدة.

ويتابع الفلسطينيون بقلق قرار هذا الموضوع، مع اقتراب موعد خطاب ترامب الذي ينوي فيه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية للمدينة.

وتصدياً لذلك، تواصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع عدد من زعماء العالم ليبيّن لهم المخاطر، وقال المستشار الدبلوماسي للرئيس مجدي الخالدي للوطن إنهم تواصلوا مع جامعة الدول العربية والرئيس الفرنسي والتركي وأكدوا رفضهم نقل السفارة.

وبحسب المصادر، فإن نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو أشار إلى أن إقدام الإدارة الأمريكية على الإجراء يتعارض مع دورها كوسيط وراعٍ لعملية السلام.

وبيّن النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر لـ"الوطن"، أن قرار نقل السفارة يقود الأوضاع نحو الانفجار وينذر بتطورات تهدد الأمن ويشعل الأرض تحت الإسرائيليين، معتبراً أي قرارٍ أمريكي بهذا الخصوص بمثابة إعلان حرب على قضيتنا.

بدوره، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني الحمد الله في بيان صحافي، أن حل القضية يتمثل بأن القدس عاصمة لها، مشدداً أن الحلول الأخرى ستجهض كل محاولة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وحذرت القوى الوطنية والإسلامية في غزّة من نقل السفارة الأمريكية للقدس، وتحدث باسمها عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة لـ"الوطن" قائلاً: "لن تكون فلسطين صفقة القرن، وإسرائيل تمضي في تنفيذ مخطط تهويد القدس على إيقاع خطط واشنطن".

وبيّن أبو ظريفة أن واشنطن لا تعير اهتماماً للشرعية الدولية، وتتعامل مع القضية الفلسطينية من منطق القوة، وتطلب من السلطة بالإذعان لحل الدولتين متجاهلة التوسع الاستيطاني.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني لـ"الوطن"، إنهم يرفضون إدارة الرئيس ترامب المتمثلة في ابتزاز السلطة لإجبارها على تغيير مواقفها السياسية، بدءاً من التهديد بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن إلى نقل السفارة الأمريكية للقدس.

وكشفت القناة العبرية الثانية عن مخطط هندسي لبناء سفارة أمريكية في القدس وفق معايير مختلفة عن تلك المعتمدة في إسرائيل، وأن الخرائط تشمل إنشاء بناية غير مرتفعة وغرف محصنة، وملجأ تحت الأرض وجدران أمنية محيطة بالبناية.

وشبّه المختص في الشؤون الأمريكية وليد المدلل لـ"الوطن"، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس برصاصة الرحمة في استمرار العلاقات بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، التي تشهد توتراً منذ توقف المفاوضات السياسية بين الجانبين منذ العام 2014.

وأوضح المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، أن قرارات ترامب لن تكون عبثية، منوهاً لوجود تعارض بين صفقة القرن الرامية للسلام ونقل السفارة المدمرة له، ما يؤشر على فقدان أمريكا صفة الوسيط النزيه والراعي للسلام.

أما المتخصص في العلاقات الدولية عماد أبو الروس المقيم في تركيا فقال لـ"الوطن": "إن نقل السفارة يعطي إسرائيل الوصاية والسيطرة على معالم القدس، ويعطيها غطاءً قانونياً لتدمير تلك المعالم دون رقيب".

وبين أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش أن موضوع نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس هو أمر شكلي؛ لأن إسرائيل تصدر قراراتها من الأخيرة وليس من تل أبيب.

وتتسارع الجهود الأردنية لمواجهة نقل السفارة، وحذر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من تداعيات على الساحة العربية، جراء مساعي الإدارة الأمريكية لنقل سفارتها.

ومن المقرر أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً لبحث خطة الولايات المتحدة الأمريكية المتعلقة بنقل سفارتها، وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في تصريحات سابقة: "نتابع المسألة بكل تفاصيلها الدقيقة لأن انعكاساتها بالغة الأهمية على الوضع السياسي والمستوى الأمني والاستقرار في المنطقة".

وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس الماضي، بأغلبية "151 دولة" ضد تبعية مدينة القدس لإسرائيل، ونفت صلة للقدس بإسرائيل.

رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون أكد لـ"الوطن"، أن المساس بالمكانة القانونية والسياسية للقدس يفرض على مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة مسؤولية عاجلة لحماية قراراتها التي نصت عليها وآخرها القرار 2334 الذي نص على حماية الوجود الفلسطيني في المدينة وتعد هذه إشارة واضحة للتعبير عن رفضها لأي قرار يتخذه الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده.

بدوره، حذر المفتي العام للديار الفلسطينية محمد حسين في حديثه للوطن من خطورة اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة للاحتلال، واعتبر القرار لا يخدم السلام والأمن في المنطقة.

ودعا حسين العلماء الوقوف صفاً واحداً لإلغاء التوجه الأمريكي، مبيناً أن تشريع نقل السفارة إجراء غير قانوني وينافي المواثيق الدولية.

وأشار رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا للوطن إلى أن ترامب ليس مخولاً بالإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، لأن الفلسطيني صاحب القرار.

وأردف "نحترم خصوصية مدينة القدس التي تكرمها الديانات الثلاث مؤكداً أنهم لم يثقوا في الإدارة الأمريكية التي لم تلتزم بتعاليم المسيح في نشر السلام والمحبة بين العالم".