* ماكرون يطالب إيران بأن تلعب دوراً في حل الأزمات

* الرئيس الفرنسي يزور الجزائر "صديقاً" ويرفض أن يكون "رهينة للماضي"

* باريس مستعدة لرد جماجم ثوار جزائريين قتلوا بالقرن التاسع عشر على يد الجيش الفرنسي



الجزائر - عبد السلام سكية، وكالات

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الجزائر أن "استقرار الخليج أمر إستراتيجي وندعم الوساطة الكويتية لحل الأزمة في الخليج"، مشددا على أنه على إيران أن تلعب دورا في حل الأزمات".

وأجرى الرئيس الفرنسي الأربعاء أول زيارة له إلى الجزائر بصفته رئيسا، وقدم نفسه على أنه "صديق" لهذه البلاد التي استعمرتها فرنسا لأكثر من 100 عام، رافضا أن يكون "رهينة الماضي" الاستعماري لفرنسا.

وقام ماكرون ببادرة لحل أحد الخلافات التاريخية بين البلدين بالإعلان عن "الاستعداد" لرد فرنسا جماجم ثوار جزائريين قتلوا في القرن التاسع عشر بيد الجيش الفرنسي، محفوظة في متحف الإنسان بباريس.

وصرح في مقابلة مع موقع "تو سور لالجيري" "أود إنعاش العلاقة بين بلدينا بأنشطة ذكرى، واتخاذ قرار بإعادة الجماجم".

وكان الرئيس الفرنسي قال أثناء حديثه مع جزائري شاب "لدينا تاريخ خاص، ويجب ألا تكون هناك محظورات. أريد للشباب الجزائري أن يزدهر بمساعدة فرنسا".

وأضاف "أريد فرنسا واقفة إلى جانب الجزائر، فرنسا تساعد على بناء مستقبل هذا البلد الكبير وتساعد الشباب على النجاح. إنها صفحة المستقبل التي جئت لفتحها مع هذا الجيل الجديد"، وسط الزغاريد التي ارتفعت من شرفات المباني القديمة المحيطة في أجواء ترحيب صاخبة بوسط العاصمة الجزائر.

وقال ياسين الثلاثيني الذي كان ضمن الحشد "أمر جيد أن يحادثنا الرئيس الفرنسي. لم نشهد أي أمر من هذا القبيل مع رؤسائنا". وعلقت جزائرية للصحافيين الفرنسيين قائلة "حظكم جيد، فرئيسكم شاب".

وزار ماكرون نظيره عبد العزيز بوتفليقة في منزله في زيرالدة غرب العاصمة.

وقال ماكرون في مقابلة مشتركة مع صحيفتي "الوطن" الناطقة بالفرنسية و"الخبر" الناطقة بالعربية نشرت الأربعاء "أنا هنا في الجزائر بصفتي صديقا، وشريكا بناء يرغب في تعزيز الروابط بين بلدينا خلال السنوات القادمة، من أجل إثمار علاقاتنا الكثيفة".

ووصف ماكرون الاستعمار أثناء زيارته الأخيرة للبلاد أثناء حملته الانتخابية الرئاسية بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، علما أنه الرئيس الفرنسي الأول المولود بعد حرب الجزائر "1954-1962".

وأجاب ماكرون عن سؤال صحافي جزائري إن كان "موقف الرئيس ماكرون" مطابقا لموقف "المرشح ماكرون" بشأن "مسألة الذاكرة"، وقال "لست شخصا متناقضا. فالرجل نفسه يحادثكم"، لكنه لم يكرر تصريحات حملته.

وأكد الرئيس الفرنسي سعيه إلى بناء "محور قوي" مع الجزائر "أساسه الحوض المتوسط ويمتد إلى إفريقيا"، لافتا إلى "حقول تعاون واعدة" كثيرة على المستوى الاقتصادي.

كما لفت إلى أنه "على الجزائر أن تنفتح أكثر. هناك العديد من العراقيل التي تعيق الاستثمار في ما يتعلق بمراقبة المساهمات وقواعد سعر الصرف في الجزائر" فيما تبقى فرنسا أكبر جهة مشغلة في الجزائر لكنها بدأت تخسر حصصها في السوق أمام الصين ودول أخرى.

وخلال محادثاته مع القادة الجزائريين وبينهم رئيس الوزراء أحمد أويحيى، تطرق الرئيس الفرنسي خصوصا إلى الأزمات في منطقة الساحل وليبيا والتي تثير قلق باريس والجزائر.

وسيحاول ماكرون تسريع نشر القوة المتعددة الجنسيات في منطقة الساحل "تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا" خلال اجتماع يعقد في 13 ديسمبر في باريس.

والجزائر التي لها نفوذ في المنطقة تولت رعاية محادثات لفترة طويلة أفضت عام 2015 إلى اتفاق سلام في مالي يواجه صعوبات في تطبيقه، ما تسبب بنفاد صبر باريس.

وقال الرئيس الفرنسي في مقابلته الصباحية "أنا أنتظر تعاونا تاما من قبل جميع من يشاركنا الهدف ذاته وهو السلم المستدام في مالي. وبالفعل أتوقع الكثير من الجزائر في هذا المجال".

وقال إن "بلاده تدعم الوساطة الكويتية للخروج من الأزمة في البيت الخليجي"، مؤكدا أن "الحل يجب أن يستند إلى الحوار والتفاوض"، وشدد على "ضرورة أن تلعب إيران دورا بناء لحل الأزمات الإقليمية".

وأبرز مواقف الدولة الفرنسية من الأزمة في البيت الخليجي، وأوضح أن "الشرق الأوسط يواجه عدة أزمات هي مصدر لعدم الاستقرار، سواء في ليبيا أو سوريا وفي العراق والخليج"، ونبه المتحدث إلى "مكانة الخليج بالنسبة لفرنسا"، قائلا "استقرار الخليج هو أمر رئيسي، وفرنسا تدعم الوساطة الكويتية والتفاوض".

وعن التوترات التي تخلقها إيران قال "فرنسا تود أن تلعب دورها كقوة للتهدئة والوساطة، والحوار بين فرنسا وإيران حازم وصارم من أجل التقليل من حدة التوترات في المنطقة".

وبخصوص الأزمة في ليبيا، قال سيد الإليزيه، إن "فرنسا تدعم بشكل مطلق وساطة الأمم المتحدة، والمبعوث الأممي إلى ليبيا اللبناني غسان سلامة"، وذكر أنه "علينا أن نقنع جميع الأطراف بأن الحل الوحيد للأزمة الليبية هو سياسي وأنه من صالحهم جميعا إعادة بعث المسار السياسي تحت راية الأمم المتحدة"، وأثنى على "دور الثلاثي الجزائر وتونس ومصر، في حل الأزمة الليبية".

وعرج ماكرون في حواره المطول، على أزمة المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، حيث كشف عن دعم تقدمه فرنسا لمنظمة الهجرة الدولية من أجل تسريع عمليات الترحيل من ليبيا نحو بلدانهم الأصلية، على أن يُمنح المهاجرون ممن تتوفر فيهم الشروط حق الحماية والإقامة في فرنسا وغيرها من الدول.