أجمع مراقبون سياسيون على نجاح مملكة البحرين في استضافة أعمال منتدى حوار المنامة بنسخته الـ 13 وما حملته جلساته من مناقشات غنية بوجهات النظر التي أكدت أهمية استمرار تعظيم الجهد الجماعي الأمني على مستوى المنطقة والعالم لضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط.

وأوضحوا لـ"بنا"، أن المنطقة بحاجة إلى بنية أمنية موحدة من حيث الأهداف الاستراتيجية والأولويات قادرة على مواجهة أي تهديدات أمنية.

وقال وكيل وزارة الخارجية، عبدالله الدوسري، إن الجهود الإقليمية في محاربة الإرهاب لا بد أن تكون مدعومة بجهود دولية حتى يتم تعظيم المكاسب المتحققة على الأرض في مجال دحر الجماعات الإرهابية وإصابتها في مقتل لتجنب وقوع المزيد من الضحايا وتكبد المزيد من الخسائر.


وأوضح أنه لا بد من مواجهة حزب الله والحوثيين بالعمل السياسي والعسكري والدبلوماسي والتخلص من سلاح المليشيات الإرهابية لضمان استقرار المنطقة وعودة المياه في اليمن ولبنان والعراق وسوريا إلى مجاريها كما هو الحال في السابق.

وبين الدوسري، أن مناقشات حوار المنامة هذه السنة كانت مستفيضة وجيدة جدا وتطرقت إلى أهم المسائل التي تعاني منها المنطقة ككل وليس فقط الخليج العربي، مع أهمية الخروج بمخرجات تفيد جميع دول المنطقة من أجل كبح جماح الجماعات الإرهابية.

فيما قالت د.فاطمة البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة "بحرين تراست"، إن التركيز على التمكين الاقتصادي والتعليم والصحة وبالذات الأفراد الأكثر حاجة مثل اللاجئين والقرى الفقيرة المعدمة سيقي المنطقة والعالم من الوقوع في براثن الإرهاب والتطرف.

ودعت البلوشي إلى أهمية بناء منهج تعليمي جيد يبني الشخص ويجعله إنسانا مفكراً قادراً على فهم محيطه دون أن يتعرض لغسيل دماغ من قبل جماعات متطرفة.

ولفتت البلوشي إلى أهمية تجربة "بحرين تراست" في نموذج المدارس المصغرة التي تستهدف اللاجئين والقرى الفقيرة في المناطق النائية التي يتم استغلال فيها الشباب والنشء من قبل المتطرفين، وبالتالي لا بد للحكومات من أن تركز على قضايا الوقاية من خلال مواجهة البطالة وتعزيز خدمات الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي للجميع.

إلى ذلك، قالت المحللة السياسية راغدة ضرغام، إن بناء هيكل أمني مستقر هو من ضروريات وضع مستقبل هذه المنطقة ولابد من أن يبدأ البحث على صعيد محلي وإقليمي وعربي وخليجي لهذا الهيكل حتى يتم فهم التصور العام وكيفية البناء عليه إقليميا والمشاركة به عالميا.

وذكرت أن الدور الأمريكي في المنطقة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقرب إلى مواقف دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة مع الرئيس الأمريكي السبق باراك أوباما الذي احتضن إيران كشريك أساسي وابتعد عن الشراكة التقليدية مع دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن ترامب استبدل المعادلة وجعل الخليج شريكا أساسيا له في الوقوف في وجه إيران.

وبينت ضرغام أنه يجب النظر إلى العلاقة الأمريكية العربية من منطلق الشراكة الجديدة والتأكيد على العلاقات الاستراتيجية والتيقن منها في موضوع إيران.

وأعربت ضرغام عن أملها في ان يكون هناك تحرك عربي رسمي لمطالبة الرئيس الأمريكي ترامب التخلي عن الغموض في موقفه باعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل.

وأضافت: "أتمنى ان يكون هنالك حشد سياسي ودبلوماسي لإيضاح القرار الأمريكي، مع وضع خطة للشرق الأوسط في إطار نكون فيه استباقيين بحيث تكون المشاركة العربية موجودة قبل صياغة تلك الخطة، لذا يجب علينا ان لا نخسر الان في موضوع القدس".

من جهته، قال المحلل السياسي ضرار الفلاسي المدير العام لمؤسسة وطني الإمارات، إن المشاركة في حوار المنامة هذه السنة مميزة، مع تبادل الآراء في عدة قضايا مصيرية للمنطقة في مسعاها الطويل في محاربة الارهاب وقوى التطرف من دول وجماعات.

واعتبر الفلاسي حوار المنامة منبر مهم جدا لايصال رسالتنا وتبادل الاراء ووجهات النظر، وفرصة ذهبية للقاء وتبادل الافكار والتشاور والتحاور، لافتا الى ان مشاركة وفد اماراتي كبير هذه السنة تدل على اهمية حوار المنامة.

واضاف الفلاسي: "الملفت هذه السنة قضية القدس موجودة بقوة، خاصة وان القرار الامريكي بتهويد القدس سيغذي المتطرفين والارهابيين سيجدونها فرصة لإثارة القلاقل وتقوية موقفهم على ممارسة ارهابهم".

ويرى الفلاسي أن "داعش" لم ينته بعد رغم إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السيطرة على آخر معاقله في العراق، لافتا إلى أن المسألة بحاجة الى إثباتات لمنع الشكوك وطمأنة الرأي العام.

وعن إيران، تحدث الفلاسي عن خطورتها في استمرار بث سمومها في المنطقة من خلال ميليشياتها المتشبعة وخلاياها الاقليمية، مبينا أن الجميع في حوار المنامة وجهوا إلى مدى خطورة التدخلات الإيرانية، إلى جانب التحذير من خطورة الحشد الشعبي والذي يشكل "دولة داخل دولة على غرار لبنان وتجربته مع حزب الله".