لسنا مضطرين إلى دفع تكاليف مالية وتكاليف سياسية كما نفعل الآن من أجل إظهار واقعنا الحقيقي في مملكة البحرين كدولة وكمجتمع متعايش ومتماسك، حتى تركنا مشروعاً هاماً وضخماً ويمس السيادة الوطنية كمشروع التقارب والانفتاح لاجتهادات مندفعة لا تزن ولا تقيم الأمور ولا تعرف حجم الأضرار وتقدرها سياسياً، فذلك أمر خطير حتى وإن ارتكب بحسن نية، لسنا بحاجة إلى أن نضع اسمنا وتاريخنا دون ضابط ودون رقابة ودون موافقة واتفاق وتنسيق مع كل الأطراف المعنية، لسنا بحاجة لاجتهادات تخرجنا عن مواقفنا السياسية المعلنة والتي تلتزم بها مملكة البحرين.

وعلى كل حال ثبت لنا من خلال النموذج الإسرائيلي والنموذج القطري أن صورتك أمام الرأي العام الغربي لا تتحسن بواقعك وبمدى حسناتك الديمقراطية وبمدى تسامحك الديني والاجتماعي إنما بما ترسمه لك فلوسك وعلاقاتك، حقيقة مرة لكنها الحقيقة.

لا ديمقراطيتك ولا تسامحك الديني ولا تعايشك مع الآخرين ولا حقوق الإنسان ولا أي من المواضيع التي قتلنا أنفسنا لإثبات أنها موجودة في البحرين ودفعنا من إجل إبرازها الملايين فذلك لا يهمهم، لأنهم حين يريدون أن يشيطنوك فإنهم يفعلون ذلك.

وإلا ما الذي يجعل دولة ليس بها دستور ولا مجلس نيابي وليس بها تعددية دينية وليس بها مؤسسات لحقوق الإنسان وليس بها أحزاب سياسية ولا أي صورة من صور الديمقراطية أن يحتفى بها وتكرم وتحمى من الخارجية الأمريكية كما فعلت مع قطر والأمر كذلك بالنسبة لإسرائيل؟ الدولة التي تحتل وتقتل وتفجر وتغتصب ويحتفى بها وتكرم من قبل الرأي العام الأمريكي أو الإدارات الأمريكية؟

الأمر إذاً ليس واقع الحال، الأمر هو ما هي مصالحنا معك؟ إن وجدت مثل تلك المصالح فسترى صورتك في إعلامهم ولا أروع والعكس صحيح.

لذا لم نكن بحاجة ولن نحتاج أن ندفع ثمناً غالياً من قيمنا وثوابتنا من أجل أن نظهر أننا متسامحون ولا نملك ذرة حقد أو كره لليهود، فوجود اليهود البحرينيين هو أكبر ثوابتنا وأدلتنا على صدق دعوانا و من لا يريد أن يصدقك لو أعطيته ماء عينك لن يصدق، ولسنا بحاجة إلى هذه الكُلف العالية مادياً وسياسياً لإبراز صورتنا، علينا أن نقف ونقيم النتائج ومن ثم التركيز في هذه المسألة على الأولويات وعلينا تقييم المبادرات فبعضها خدمنا وبعضها لم يقدم لنا شيئاً، فليست كلها مبادرات آتت أكلها، هناك منها ما هو ممتاز ويحدث فارقاً، وهناك غير ذلك؛ كانت هدراً للمال مع الأسف، الأمر بحاجة إلى إعادة تقييم وضبط وإلى مراقبة والأهم بحاجة إلى ضبط «الحديث» باسم البحرين أو باسم القيادة فلا يترك للاجتهادات أياً كانت نواياها حسنة.

الأهم أن هناك ثوابت البحرينيين لا يجب تجاوزها ونحن متفقون عليها، وأهمها أننا لسنا كبحرينين -و ليس كشيعة فقط كما روج البعض لنفسه- لسنا كبحرينيين في خلاف مع أصحاب الديانة اليهودية ونستطيع أن نقول هذا الكلام في كل مكان لسنا بحاجة إلى أن نقوله للدولة الإسرائيلية، فهم أهلنا وهم ناسنا وهم جيراننا ويجب أن نفرق يبن مشروعية تواصلنا معهم وبين المنع منعاً باتاً بالتواصل مع الدولة الإسرائيلية، فتلك مسائل سيادية، فاليهود نرحب بهم وبروابطنا وبعلاقتنا بهم، بحرينيين كانوا أو عرباً أو أورون أو أمريكيين، وكذلك المسيحيون بقية الأديان، كلهم لهم في البحرين موطئ وأهلاً بهم، تعايشنا مع الجميع وسنظل كذلك، الأهم أن منظومة الدولة البحرينية منذ الأزل منذ التاريخ القديم ضمت العديد من أصحاب الديانات ووجدوا في الحكم الخليفي البحريني ملجأ لهم، حتى زيارات اليهود للبحرين مرحباً بها متى ما كانت ذات صبغة اجتماعية إنسانية، حتى وإن كانوا رجال دين يهوداً إنما لا مع «الدولة الاسرائيلية» يجب أن نفرق بين علاقتنا بأصحاب الديانات وبين علاقتنا مع دولة مازالت لا تريد الصلح و لا تريد الالتزام بحل الدولتين, هناك موقف رسمي تجاه هذه الدولة هو ما يجب الالتزام به وعدم تركه للاجتهادات الشخصية خاصة إذا كان الشعار المرفوع هو «البحرين»

إلى هنا تقف المعالجة ويصحح الخطأ، إنما لا يزايد أحد على موقف البحرين من القضية الفلسطينية سواء الموقف الشعبي أو حتى الرسمي، فلنا مواقفنا السياسية المعلنة طوال تاريخنا تجاه الاحتلال الإسرائيلي، ملتزمون بالاجماع العربي وقدمت البحرين لأشقائها الفلسطنيين على قلة مواردها كدولة وكشعب ما لم يقدمه الآخرون ومازلنا، وما فعلته الملكية الخيرية لأهلنا الفلسطنيين حق لهم وواجب علينا.